قالت بريطانيا يوم السبت إن قوات إيرانية اقتربت من ناقلة ترفع العلم البريطاني عندما كانت في المياه العُمانية وإن هذا العمل "يمثل تدخلاً غير قانوني"، فيما أكد الحرس الثوري الإيراني أن فرقاطة بريطانية،كانت ترافق ناقلة النفط عند دخولها مضيق هرمز، حاولت منع القوات الإيرانية من احتجاز السفينة، من خلال إطلاق مروحيتين.
وأضافت بريطانيا في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أن الناقلة "كانت تمارس حق العبور القانوني في مضيق دولي بما يكفله القانون الدولي... يشترط القانون الدولي عدم عرقلة حق المرور، وبالتالي فإن الإجراء الإيراني يمثل تدخلا غير قانوني".
من جهته قال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد رمضان شريف، إن ناقلة النفط البريطانية كانت تحاول دخول مضيق هرمز من مسار الخروج في جنوب المضيق.
وأضاف أن القوات الإيرانية تعاملت بسرعة وحزم وسحبت الناقلة إلى السواحل الإيرانية لمتابعة ملفها عبر القانون، مؤكداً أن إيران تتصرف بحزم في تطبيق القانون وإحكام السيادة الوطنية على مياه الخليج والمضيق.
وحذر شريف مما سماه بـ"السلوك العنجهي والمستفز والمهدد لبعض السفن الأجنبية في مياه الخليج وعدم مراعاتها لقوانين الملاحة الدولية".
وذكر أن ناقلة النفط البريطانية حالياً "بيد منظمة الملاحة البحرية في محافظة هرمزغان ولابد أن تطوي مراحلها القانونية والقضائية".
وأكد المسؤول العسكري الإيراني من أن طهران "لن تسمح لتصرفات بعض السفن الأجنبية بمس المصالح القومية الإيرانية وأمن مياه الخليج"، مشيراً إلى أن ناقلة النفط البريطانية أطفأت أجهزة الرصد والتتبع ولم تتجاوب مع نداءات قوات الحرس وحاولت مقاومتهم.
وشدد على أن "وجود القوات الأجنبية المستفز وغير المهني في منطقة الخليج يجعل الالتزام بقوانين الملاحة فيه أكثر أهمية".
وأدانت بريطانيا يوم السبت احتجاز إيران لناقلة النفط ووصفته بأنه "عمل عدائي" ورفضت تبريراً قدمته طهران عن أن الناقلة احتجزت لأنها كانت طرفاً في حادث تصادم.
وبعد أسبوعين من احتجاز البحرية البريطانية ناقلة إيرانية في جبل طارق، قالت إيران إنها احتجزت الناقلة ستينا إمبيرو التي ترفع العلم البريطاني.
وفي وقت سابق يوم السبت، قالت السلطات الإيرانية إن ناقلة النفط البريطانية التي صادرتها طهران يوم الجمعة ترسو قبالة مرفأ بندر عباس، بعد اصطدامها بقارب صيد.
وأضاف مراد عفيفي بور مدير عام الموانئ والملاحة البحرية بإقليم هرمزجان في جنوب إيران أن الناقلة "ستينا إمبيرو" المحتجزة "اصطدمت بقارب صيد إيراني... عندما أرسل القارب نداء استغاثة، تجاهلته السفينة البريطانية".
وأكد أن "الناقلة الآن في ميناء بندر عباس الإيراني وسيبقى جميع أفراد الطاقم وعددهم 23 على متنها لحين انتهاء التحقيق".
وقال الحرس الثوري الإيراني في بيان يوم الجمعة إنه "صادر" ناقلة "ستينا إيمبيرو" البريطانية في مضيق هرمز إثر خرقها القواعد البحرية الدولية".
وبث الحرس الثوري الإيراني شريطاً مصوراً على الإنترنت يظهر زوارق سريعة وهي تتوقف بجوار الناقلة ستينا إمبيرو وكان اسمها ظاهرا بوضوح في الشريط المصور.
كما أظهرت اللقطات أفراداً ملثمين من الحرس الثوري يحملون مدافع رشاشة وهم ينزلون على سطحها من طائرة هليكوبتر وهو الأسلوب ذاته الذي استخدمه مشاة البحرية الملكية البريطانية أثناء احتجاز ناقلة إيرانية قبالة ساحل جبل طارق قبل أسبوعين.
وقال الحرس الثوري الإيراني الخميس أيضاً إنه احتجز “ناقلة أجنبية” أخرى مع طاقمها المؤلف من 12 فرداً، لاتهامها بتهريب الوقود، بدون أن يعطي تفاصيل إضافية.
وتوترت العلاقات بين طهران والغرب بشكل متزايد بقضايا تتعلق بمرور السفن في الخليج خاصة بعد احتجاز بريطانيا ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق وبعدما قالت لندن إن سفنا إيرانية اقتربت من السفينة البريطانية بريتيش هيريتدج، التي تشغلها شركة بي.بي النفطية، في المضيق الواقع بين إيران وشبه الجزيرة العربية.
وتعرضت 4 سفن تجارية لأعمال تخريبية في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات قبالة الفجيرة بالقرب من مضيق هرمز ، في 12 مايو الماضي، أعقبها هجوميين على ناقلتين أخريين في خليج عمان بالقرب من مضيق هرمز في 12 يونيو الماضي.
ومضيق هرمز هو الممر الملاحي الدولي الحيوي الوحيد لأغلب صادرات النفط من الشرق الأوسط ومنطقة الخليج يمر خلاله خمس الإمدادات العالمية من النفط في هذه المنطقة، وتعد حرية الملاحة بالمضيق أمر ضروري لاستقرار الاقتصاد العالمي، وتسبب احتجاز الناقلة في ارتفاع حاد في أسعار النفط.
وحذرت الولايات المتحدة، التي شددت العقوبات المفروضة على إيران في مايو الماضي بهدف وقف صادراتها النفطية بالكامل، من التهديد الإيراني للملاحة عبر المضيق لأشهر.
واتّهمت الإدارة الأمريكية السلطات الإيرانية بـ"تصعيد العنف"، وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّه سيناقش هذه المسألة مع بريطانيا.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية يوم السبت عن بيان نشرته شركة سوناطراك النفطية أن الناقلة مصدر، التي تمتلكها الشركة وشهدت أيضا صعود جنود إيرانيين على متنها يوم الجمعة، أجبرت على تحويل مسارها صوب إيران لكن سمح لها بعد ذلك باستئناف رحلتها عبر مضيق هرمز بعد احتجازها ليلة الجمعة لبضع ساعات.
وقال مصدر من شركة "إس بي سي" فرع سوناطراك الحكومية الجزائرية المالكة للناقلة النفطية لـ " الأناضول " ، إن الناقلة تم توقيفها لنحو ساعتين من طرف السلطات الإيرانية وبعد الاتصالات التي تمت مع طهران تم الإفراج عنها في وقت متأخر من مساء الجمعة.
وأشار إلى أن “الناقلة النفطية أكملت طريقها نحو رأس تنورة (مصفاة رأس تنورة الواقعة في السعودية)”.
وفي الرابع من يولي الجاري، أوقفت وحدات من قوات المشاة البحرية البريطانية، ناقلة النفط الإيرانية "جريس 1" خلال مرورها من مضيق جبل طارق، تحت مبرر أنها كانت تنقل شحنة نفط إلى سوريا في خرق للعقوبات الأوروبية المفروضة على دمشق، ما تسبب في أزمة جديدة بين لندن وطهران.
وربطت بريطانيا الإفراج عن الناقلة النفط الإيرانية المحتجزة في جبل طارق منذ 4 يوليو الجاري، بعدم توجهها إلى سوريا.
تخفيض التصعيد مع إيران
وأكد وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت يوم السبت أن لندن ترغب في "خفض" التوتر مع إيران، إثر اجتماع أزمة حكومي خصص لبحث احتجاز طهران ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز.
وقال هانت أيضا على تويتر أن الناقلة البريطانية ستينا إمبيرو تم احتجازها "في انتهاك واضح للقانون الدولي".
وذكر للصحافيين "أنه أمر مرفوض تماما. هذا يثير تساؤلات جدية حول أمن السفن البريطانية والنقل الدولي في مضيق هرمز".
وأوضح هانت أن الحكومة ستبلغ النواب البريطانيين الاثنين بـ"إجراءات إضافية" تعتزم بريطانيا اتخاذها.
وفي وقت سابق السبت قال إن "أولويتنا تبقى إيجاد سبيل لاحتواء الوضع. لهذا السبب، اتصلت بوزير الخارجية الإيراني" محمد جواد ظريف.
وشدد على "أننا نحتاج (في موازاة ذلك) إلى رؤية آلية" تهدئة من الجانب الإيراني، "نحتاج إلى الإفراج عن هذه السفينة وسنظل قلقين جدا على أمن أفراد الطاقم ال23".
ورفض هانت أي مقارنة بين وضع الناقلة البريطانية وما جرى للناقلة الإيرانية التي احتجزت قبالة جبل طارق في الرابع من يوليو الجاري .. مشيرا إلى أن الثانية احتجزت "قانونيا في مياه جبل طارق لأنها كانت تنقل النفط نحو سوريا في انتهاك لعقوبات الاتحاد الأوروبي"، في حين أن الأولى "احتجزت في مياه عمان في انتهاك صارخ للقانون الدولي، ثم أجبرت على التوجه إلى إيران".
وقال هنت في وقت سابق إن رد لندن على احتجاز الناقلة سيكون "مدروساً لكن قوياً"، وإن بريطانيا ستضمن سلامة نقلها البحري.
وتجاهلت طهران حتى الساعة الدعوات التي وجّهها السبت الأوروبيون لمطالبتها بالإفراج عن الناقلة البريطانية، في خطوة وصفتها بريطانيا بأنها "خطيرة" واستدعت على خلفيتها القائم بالأعمال الإيراني ونصحت على إثرها سفنها بتجنب المضيق.
ودافع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن احتجاز طهران للسفينة التي ترفع العلم البريطاني مؤكداً أنه "على العكس من القرصنة في مضيق جبل طارق، ما قمنا به في الخليج الفارسي هو فرض احترام القانون البحري".
وأضاف ظريف في تغريدات على تويتر أن "إيران هي الضامن للأمن في الخليج الفارسي وفي مضيق هرمز. على بريطانيا التوقف عن مساعدة الإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه الولايات المتحدة"، في إشارة إلى العقوبات الاقتصادية التي أعادت واشنطن فرضها على طهران إثر انسحابها من الاتفاق النووي المبرم في عام 2018.
ودعت فرنسا وألمانيا السبت السلطات الإيرانية إلى الإفراج بلا تأخير عن الناقلة، فيما رأت برلين أن احتجازها يشكل "تصعيداً إضافياً لوضع متوتر أصلاً"، وذلك بعدما نددت واشنطن بما اعتبرته "تصعيداً للعنف" من جانب طهران.
ا