دعت منظمة التحرير الفلسطينية، اليوم الخميس، المسئولين في الدول العربية التي تشملها زيارة الوفد الأمريكي لعملية السلام برئاسة كبير مستشاري الرئيس الأمريكي وصهره، جاريد كوشنر ، إلى الحديث بلغة واضحة برفض "صفقة القرن" المثيرة للجدل لحل النزاع في الشرق الأوسط.
وأكدت المنظمة في بيان عقب اجتماع لها في مدينة رام الله برئاسة الرئيس محمود عباس، على رفض صفقة القرن بجوانبها السياسية والاقتصادية وجميع تفاصيلها، باعتبارها "مشروعاً إسرائيلياً في الأصل، والأساس لتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني من خلال اختزالها إلى مجرد حكم إداري ذاتي تحت سلطة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي".
وأشارت إلى أهمية وضرورة التزام جميع الدول العربية بمبادرة السلام العربية كما قررتها القمة العربية، التي انعقدت في بيروت عام 2002، وتوقف كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل.
ويرفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشدة هذه الخطة، ويتهم واشنطن بالانحياز لإسرائيل، وتعهد مراراً بعدم السماح بتمرير الصفقة التي يقول إنها "تسقط القدس واللاجئين وتبقي المستوطنات الإسرائيلية، وتعطي إسرائيل هيمنة أمنية"، مقارناً بينها وبين وعد بلفور الذي قطعه عام 1917 وزير الخارجية البريطاني آنذاك اللورد آرثر بلفور وتعهّد فيه باسم المملكة المتّحدة بإنشاء وطن قومي لليهود.
وبدأ جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره، أمس الأربعاء، على رأس وفد أمريكي جولة في عدد من دول الشرق الأوسط، استهلها من إسرائيل مروراً بالأردن ومصر والمغرب، وتشمل أيضاً قطر والسعودية والإمارات، لبحث وضع اللمسات النهائية على الشق الاقتصادي من خطة التسوية السياسية الأمريكية بالشرق الأوسط، المعروفة باسم "صفقة القرن"، وهي خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن كوشنر يعود إلى الشرق الأوسط من جديد، للترويج لخطة الإدارة الاقتصادية البالغة قيمتها 50 مليار دولار، مخصصة للأراضي الفلسطينية ودول عربية مجاورة.
وغادر كوشنر القاهرة بعد عصر اليوم الخميس متوجهاً على رأس وفد إلى المغرب، بعد زيارة قصيرة لمصر في إطار جولة بالمنطقة بحث خلالها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مسار المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ومكافحة الإرهاب والعلاقات الثنائية.
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أكد خلال لقاءه كوشنر والوفد المرافق له الذي يضم المبعوث الخاص للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، والمبعوث الأمريكي الخاص للشؤون الإيرانية، براين هوك، على موقف بلاده مما يجري باسم ترتيبات صفقة القرن الأمريكية، وهو أن الأردن لا يقبل إلا حل الدولتين الذي ينتهي بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
أمس الأربعاء حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من خطورة مقترح كشف عنه إعلام إسرائيلي لعقد مؤتمر للسلام في مدينة كامب ديفيد، يطرح "صفقة القرن" بحضور قادة عرب.
وقالت الخارجية الفلسطينية في بيان لها إنها تنظر بخطورة بالغة لهذا المقترح وغاياته، وتحذر من إقدام إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وفريقه "المتصهين"، وتحت ضغط السباق الانتخابي في أمريكا وإسرائيل، والإصرار على إنجاح نتنياهو، على اتخاذ المزيد من القرارات المساندة للاحتلال والاستيطان وفرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية المحتلة أو أجزاء واسعة منها.
ويتهم الفلسطينيون ترامب بالانحياز لإسرائيل، خصوصاً بعدما أعلن في 6 ديسمبر 2017، اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في 14 مايو العام الماضي.
ومنذ ذلك التاريخ قطع الفلسطينيون اتصالاتهم مع البيت الأبيض، ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس التعاطي مع إدارة ترامب، كما رفض الاجتماع مع فريق ترامب الخاص لإعداد خطة السلام "صفقة القرن".
ودعت القيادة الفلسطينية إلى رعاية دولية لعملية السلام كبديل عن الرعاية الأمريكية، وإن كانت تقبل أن تكون الولايات المتحدة جزءاً من هذه الرعاية الدولية.
ويريد الفلسطينيون تأسيس دولتهم المنشودة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، واحتلت إسرائيل تلك الأراضي عام 1967 وضمت إليها القدس الشرقية وأعلنت عام 1980 كامل القدس بشطريها "عاصمة أبدية" لها.
تحذيرات من نقل الوصاية
إلى ذلك كشفت صحيفة (هآرتس) العبريّة، اليوم الخميس، نقلاً عن محافل واسعة الاطلاع في كلٍّ من واشنطن وتل أبيب، النقاب عن وجود اعتقادٍ تُغذّيه خطّة ترامب وصهره جاريد كوشنير للسلام في الشرق الأوسط بأنّ الرئيس الأمريكيّ وصهره يسعيان إلى منح الوصاية على المقدسّات الإسلاميّة في القدس المُحتلّة للسعودية.
وأشارت إلى أنّ أيّ مساعٍ لترامب لتعديل الوصاية الأردنيّة على المقدسّات الإسلامية بالقدس المحتلة هي بمثابة لعب بالنار وستكون له تداعيات كارثية على المنطقة.
وأكدت الصحيفة العبرية، أنّ الوضع القائم في القدس المحتلّة منذ عشرات السنين، الذي بموجبه تتولّى الأردن الوصاية على المقدسّات الإسلاميّة في المدينة، يخدم مصالح مختلف الأطراف، وأنّ أيّ تغييرٍ لهذا الوضع قد يفتح بابًا من الصراع تصعب السيطرة عليه.
واعتبرت مصادر الصحيفة، أنّ أيّ اتفاق ثنائي بين كوشنر وولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان حول منح السعودية حقّ الوصاية على المسجد الأقصى سيكون انتهاكًا لبنود اتفاقية السلام المُوقعّة بين الأردن وإسرائيل والتفاهمات التي توصل إليها الطرفان مع الجانب الفلسطينيّ.
وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994، بإشراف المملكة الأردنية على المقدسات الإسلامية في المدينة التي هي في صلب النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتتولى الأردن بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية، الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس وتقوم بدفع رواتب العاملين فيها من سدنة وحراس.
ويؤكد الملك عبدالله أن "الأردن مستمر في القيام بدوره التاريخي في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، من منطلق الوصاية الهاشمية عليها".
والقدس واحدة من القضايا الكبرى في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ، إذ يعتبر كل من الجانبين القدس عاصمة لدولته ، واحتلت إسرائيل الشطر الشرقي من القدس عام 1967، ثم أعلنت عام 1980 القدس بشطريها "عاصمة أبدية" لها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي، في حين ينادي الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.