أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح في اليمن والمدعوم من الإمارات العربية المتحدة، اليوم السبت، تشكيل مجلساً عسكرياً تابعاً له تحت مسمى "المجلس العسكري الجنوبي"، وذلك في أحدث تصعيد كبير من المجلس الذي يطالب بانفصال جنوب البلاد عن شمالها وعقب يومين من هجومين استهدفا قوات موالية للمجلس في عدن.
وأصدر رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس قاسم عبد العزيز الزبيدي، قراراً بتشكيل مجلس عسكري جنوبي برئاسته كرئيس للمجلس و"قائداً أعلى لكافة القوات الجنوبية" وفق نص القرار، وعيّن اللواء ركن/ هيثم قاسم طاهر نائباً له، واللواء شلال علي شائع عضواً في المجلس العسكري رغم أنه معيّن من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي مديراً لشرطة محافظة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد.
وضم ما يسمى "المجلس العسكري الجنوبي" 13 ضابطاً آخرين جميعهم من جنوبي اليمن. وبرر الزبيدي قرار تشكيل هذا المجلس العسكري بـ"استكمال تشكيل هيئات رئاسة المجلس الإنتقالي الجنوبي، ونظراً للجرائم الأخيرة التي استهدفت القوات الجنوبية وآخرها استشهاد القائد منير محمود المشألي (ابو اليمامة).
ووفقاً لقرار تشكيله، فإن المهمة الرئيسية للمجلس العسكري الجنوبي هي "استلام وإدارة جميع المقرات العسكرية والأمنية في جنوبي اليمن، واستكمال تحرير ماتبقى من الأراضي الجنوبية، وطرد أية قيادات او قوات عسكرية شمالية من الجنوب، ودمج وتنظيم مختلف القوات الوطنية الجنوبية، وحماية الحدود والمنافذ المائية الجنوبية، وتثبيت الأمن والإستقرار في الداخل الجنوبي".
وينذر هذا القرار بوقوع صدام عسكري بين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، والحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً التي تتخذ عدن عاصمة مؤقتة لها، وتسيطر على كثير من المقرات العسكرية والأمنية في جنوبي البلاد.
كما قضى القرار باستمرار "المجلس العسكري الجنوبي في الشراكة مع التحالف العربي في مواجهة المد الإيراني في المنطقة والشراكة مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب كعُنصر فعال بهذا التحالف".
تأتي هذه التطورات في أعقاب هجومين استهدفا الخميس الفائت في عدن، مركز شرطة وعرضاً عسكرياً لقوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي ومدعومة إماراتياً سقط فيهما ما لا يقل عن 50 قتيلاً وعشرات الجرحى من العسكريين بينهم قائد رفيع تابع للمجلس.
وأعلنت جماعة الحوثيين (أنصار الله)، مسؤوليتها عن أحد الهجومين، مؤكدة أنها استهدفت بطائرة مسيّرة وصاروخ باليستي قصير المدى، عرضاً عسكرياً لقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن وقوات الحكومة المعترف بها دولياً في معسكر الجلاء بمديرية البريقة غربي محافظة عدن.
وقتل في الهجوم على العرض العسكري 36 عسكرياً بينهم قائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير محمود اليافعي المكنى بـ"أبي اليمامة"، وفقاً لبيان وزارة الداخلية في حكومة "الشرعية".
وجاء هجوم الحوثيين بعد دقائق من هجوم آخر قُتل فيه 13 جندياً بتفجير سيارة مفخخة استهدف مقر شرطة في مديرية الشيخ عثمان أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنه، يوم الجمعة.
ويعيش اليمن للعام الخامس على التوالي، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ أواخر 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية.
والمجلس الانتقالي الجنوبي المسلح، كيان مدعوم من الإمارات العربية المتحدة ثاني أهم دولة في التحالف العربي. ويُنصِّبُ المجلس نفسه ممثلاً عن المواطنين في جنوبي اليمن ويسعى لفرض سيطرته على جميع مناطق ما كان يُعرف باليمن الجنوبي، غير أنه لا يحظى بتأييد شعبي كامل هناك، سيما مع وجود كيانات أخرى تتحدث باسم "الجنوب"، لكن المجلس يُعد أبرز تلك الكيانات لما يملكه من ذراع عسكري أنشأته وتدعمه دولة الإمارات.
إلى ذلك وصف هاني بن بريك نائب رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح جماعة الإخوان المسلمين بالـ"كلاب". واعتبر أن أي شخص من جنوبي اليمن، سيدعم الإخوان المسلمين، شخص "خائن".
وقال بن بريك في تغريدة له على "تويتر"، اليوم السبت، رصدتها وكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء: "الجنوب بلاد الثائرين ولن تركع لسفل الشرعية الإخونجية. والثائرون الذين انتزعوا الاستقلال من بريطانيا سينتزعه أحفادهم من كلاب الإخونجية".
وأضاف: " لن يكون للإرهاب الإخونجي موطئ قدم في الجنوب، وأي جنوبي سيدعم الإخونج خائن".
وفي تغريدة أخرى قال نائب رئيس الانتقالي الجنوبي إنه سيتم الكشف في مؤتمر صحفي عن نتائج التحقيقات الخاصة باستهداف معسكر الجلاء التدريبي في عدن والتي قُتل فيها "أبو اليمامة".
وذكر بن بريك أنه سيتم في المؤتمر الصحفي كشف نتائج التحقيقات بكل التفاصيل التي توصلت إليها لجنة التحقيق التي قال إنها "لا زالت مستمرة في عملها مستعينة بكل خبرائنا في تقنية الصواريخ والدفاع الجوي وجمع كل المعلومات الاستخباراتية وربطها وتحليلها".
ودأب الانتقالي الجنوبي وقياداته، على مهاجمة حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن)، لاسيما وأن هذا الحزب هو من يسيطر على مقاليد القرار في الرئاسة اليمنية والحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً.
وتتهم قوى سياسية يمنية أبرزها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات، قوى في حزب الإصلاح تسيطر على القرار في الرئاسة والشرعية اليمنية، بالعمل على زعزعة الأمن والاستقرار وعرقلة عملية تطبيع الأوضاع في عدن والمحافظات الجنوبية "المحررة" وكذا التخاذل في تأخير الحسم العسكري ضد الحوثيين.
وأنشأت الإمارات عدة قوات وتشكيلات عسكرية وأمنية محلية في المحافظات الجنوبية لليمن، ودربتها وأشرفت على تجهيزاتها وتعمل تحت إمرتها تضم آلاف الجنود في إطار إستراتيجية تزعم أبو ظبي أنها لمواجهة الحوثيين، ومحاربة تنظيم القاعدة الذي استغل الحرب في اليمن وحاول توسيع سيطرته في البلاد.
وفي أول رد فعل على الهجومين، تقوم قوات الحزام الأمني المدعومة من الإمارات في عدن والموالية للانتقالي الجنوبي، منذ مساء الخميس الفائت وحتى اليوم، بتنفيذ عملية ترحيل وطرد ابناء المحافظات الشمالية من محافظة عدن جنوبي اليمن في حملات يصفها المراقبون بالـ"عنصرية".
وكانت قوات الحزام الأمني بمحافظة عدن المدعومة إماراتياً أغلقت، يوم الخميس، كافة المنافذ البرية بين المحافظات الشمالية والجنوبية ومنعت حركة المغادرة إلى خارج اليمن عبر مطار عدن أحد المنفذين الرئيسيين لمغادرة البلاد، واعتقلت المئات من أبناء المحافظات الشمالية من مالكي وعمال محلات تجارية ومطاعم وبوفيهات وسيارات أجرة ونازحين من الحديدة وتعز، وتم نقلهم على متن ناقلات وشاحنات كبيرة إلى حدود محافظة تعز "الشمالية، بحجة الاشتباه وتقديمهم معلومات لجماعة الحوثيين.