صعّد المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح في اليمن والمدعوم من الإمارات العربية المتحدة، مساء الأحد، من هجومه على الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً التي اعتبرها "وبال على الجنوب والشمال معاً".
وقال نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك في تغريدة مقتضبة مساء الأحد على تويتر رصدتها وكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء: "الحل العادل للسلام قيام الدولتين ويتشارك الجنوبيون في إقامة دولتهم الجديدة؛ ويتفق اليمنيون على شراكة لإقامة دولتهم، وتؤمن الحدود بين البلدين على حدود ما قبل مايو 90م، وتؤمن الحدود مع دول الجوار وتحفظ مصالح الجميع وتحقن الدماء".
وأضاف بن بريك: "الحكومة الشرعية باتت وبال ماحق على الجنوب والشمال".
والمجلس الانتقالي الجنوبي المسلح، كيان مدعوم من الإمارات العربية المتحدة ثاني أهم دولة في تحالف تقوده السعودية لدعم الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً في حربها المستمرة للعام الخامس ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي لا تزال تسيطر منذ أواخر العام 2014 على أغلب المناطق شمالي اليمن بما في ذلك العاصمة صنعاء.
وتم إنشاء المجلس ي مايو ٢٠١٧، وتنضوي تحت مظلته بعض القوى من جنوبي اليمن تطالب بالانفصال عن شماله واستعادة الدولة في جنوبي البلاد التي كانت قائمة قبل عام 1990 عندما توحد شطري اليمن، ولكن تحت مسمى "الجنوب العربي" وليس "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" السابقة، وذلك على الرغم من أن المجلس يرفع علمها كعلم للجنوب.
ويُنصِّبُ المجلس الانتقالي الذي قام بمحاولة انقلاب عسكري فاشلة للإطاحة بالحكومة الشرعية نهاية يناير 2018، نفسه ممثلاً عن المواطنين في جنوبي اليمن، غير أنه لا يحظى بتأييد شعبي كامل هناك، سيما مع وجود كيانات أخرى تتحدث باسم "الجنوب"، لكن المجلس يُعد أبرزها لما يملكه من ذراع عسكري أنشأته وتدعمه دولة الإمارات.
ولا يقر المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح، بـ"يمنيته" أو خضوعه لسلطة الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ويؤكد أن مساندته لقوات التحالف بقيادة السعودية تندرج في إطار مساعيه لتحقيق "مشروع استعادة دولة الجنوب" حد تعبيره.
إلى ذلك، اعتبر رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، أحمد بن بريك، لدى ترأسه يوم الأحد في عدن اجتماعا استثنائيا للهيئة الإدارية ورؤساء اللجان الدائمة بالجمعية، أن "المرحلة القادمة تعد أخطر المراحل في حياة الشعب في جنوب اليمن، وتتطلب من الجميع رص الصفوف والتلاحم والانخراط في مشروع التحرير والاستقلال واستعادة الدولة الذي يحمله المجلس الانتقالي ويرفع رايته" حد قوله.
تأتي هذه التطورات في أعقاب هجومين استهدفا الخميس الفائت في عدن، مركز شرطة وعرضاً عسكرياً لقوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي ومدعومة إماراتياً سقط فيهما ما لا يقل عن 50 قتيلاً وعشرات الجرحى من العسكريين بينهم قائد رفيع تابع للمجلس.
وأعلنت جماعة الحوثيين (أنصار الله)، مسؤوليتها عن أحد الهجومين، مؤكدة أنها استهدفت بطائرة مسيّرة وصاروخ باليستي قصير المدى، عرضاً عسكرياً لقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن وقوات الحكومة المعترف بها دولياً في معسكر الجلاء بمديرية البريقة غربي محافظة عدن.
وقتل في الهجوم على العرض العسكري 36 عسكرياً بينهم قائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير محمود اليافعي المكنى بـ"أبي اليمامة"، وفقاً لبيان وزارة الداخلية في حكومة "الشرعية".
وجاء هجوم الحوثيين بعد دقائق من هجوم آخر قُتل فيه 13 جندياً بتفجير سيارة مفخخة استهدف مقر شرطة في مديرية الشيخ عثمان أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنه، يوم الجمعة.
الحزام الأمني ينفي
في ذات السياق نفت ألوية الدعم والإسناد والحزام الأمني ما تداولته مواقع وقنوات إخبارية عن وقوفها خلف حملات تهجير قسري ضد أبناء المحافظات الشمالية وإغلاق محلاتهم التجارية بمدينة عدن.
ونفى مصدر مسؤول بقيادة ألوية الدعم والإسناد(الحزام الأمني) في بيان مساء الأحد، ما يروج له بان قواته تقوم بحملات عدن ضد المواطنين, في عدن ولحج.
وأكد المصدر أن الأعمال التي تشن ضد المواطنين بدواعي مناطقية، غير مقبولة وستواجهها "الدعم والإسناد" بكل مسؤولية، داعياً للتصدي "لكل المحاولات الخارجة عن النظام والقانون والتي من شأنها زرع الفتنة وإشاعة الفوضى والمشاكل في المجتمع, ويستخدمها ويستغلها العدو الحوثي الإخواني في حربه الإعلامية ضد المحافظات الجنوبية المحررة" حد تعبيره.
وأشار المصدر إلى أن قوى الدعم والإسناد والحزام الأمني ستتلقى أي بلاغ من المواطنين عن أي اعتداء يطالهم على أرقام هواتف قام بنشرها عبر بعض وسائل الإعلام.
تأتي تصريحات الحزام الأمني على الرغم من أنه الذي يحكم سيطرته بشكل واسع وكبير على أغلب مديريات ومناطق محافظة عدن، وهو ما أثار سخرية البعض واستغراب الآخرين من هذه التصريحات التي تناقضها أفعال قواته على الأرض.
وبدأت عمليات الاعتقالات والترحيل للمواطنين الشماليين والتي تنفذها في عدن قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المسلح، بعد ساعات من وقوع هجوميين داميين صباح الخميس في عدن استهدفا مركز شرطة وعرضاً عسكرياً لقوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي سقط فيهما ما لا يقل عن 50 قتيلاً وعشرات الجرحى من العسكريين بينهم قائد رفيع تابع للمجلس.
ورغم توجيهات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مساء الجمعة، السلطات المحلية والأجهزة الأمنية في المحافظات الجنوبية بوقف عمليات الترحيل التي طالت أبناء المحافظات الشمالية، إلا أن ذلك لم يتم لا سيما مع سيطرة قوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي المسلح ولدولة الإمارات، على أغلب المناطق في جنوبي البلاد.
ودأب الانتقالي الجنوبي وقياداته، على مهاجمة حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن)، لاسيما وأن هذا الحزب هو من يسيطر على مقاليد القرار في الرئاسة اليمنية والحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً.
وتتهم قوى سياسية يمنية أبرزها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات، قوى في حزب الإصلاح تسيطر على القرار في الرئاسة والشرعية اليمنية، بالعمل على زعزعة الأمن والاستقرار وعرقلة عملية تطبيع الأوضاع في عدن والمحافظات الجنوبية "المحررة" وكذا التخاذل في تأخير الحسم العسكري ضد الحوثيين.
وأنشأت الإمارات عدة قوات وتشكيلات عسكرية وأمنية محلية في المحافظات الجنوبية لليمن، ودربتها وأشرفت على تجهيزاتها وتعمل تحت إمرتها تضم آلاف الجنود في إطار إستراتيجية تزعم أبو ظبي أنها لمواجهة الحوثيين، ومحاربة تنظيم القاعدة الذي استغل الحرب في اليمن وحاول توسيع سيطرته في البلاد.