طالبت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بوم الاثنين، برفع السرية عن التحقيقات الداخلية التي تجريها الأمم المتحدة، ومراجعة أدائها ووكالاتها في اليمن خلال السنوات الماضية وإعلان النتائج بشفافية.
واعتبر وزير الإعلام في الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً، معمر الإرياني أن "وثائق التحقيقات الداخلية والمعلومات التي جمعتها وكالة أسوشيتد برس من مقابلات مع عمال إغاثة عن أداء وكالات الأمم المتحدة وكشفت حجم الاختراق الحوثي لها والفساد السياسي والمالي والمحسوبية وسوء الإدارة لجهود الإغاثة في اليمن، فضيحة تمس بسمعة ورصيد هذه المنظمة".
وشدد الإرياني على الكشف عن مصير مئات ملايين الدولارات من الإمدادات الغذائية والأدوية والمساعدات التي سرقها الحوثيون من أفواه الجوعى والنازحين، حد قوله.
وطالب الأمم المتحدة بإجراء تحقيق شامل في عمليات الفساد المالي والإداري لوكالاتها في اليمن، مؤكداً أن غض الطرف عن نهب الحوثيين لبرامج المساعدات الإنسانية، يسيء لسمعة المنظمة الدولية ومصداقيتها ويضر بالجهود الدولية التي يبذلها الأشقاء والأصدقاء لإغاثة المتضررين وتخفيف معاناتهم بحسب تعبيره.
وأضاف وزير الإعلام في حكومة "الشرعية" أن "المعلومات التي احتواها التحقيق عن حجم الفساد والمحسوبية والاحتيال ومخالفات التوظيف وإيداع ملايين الدولارات من المساعدات لحسابات موظفين، والعقود المشبوهة، واختفاء أطنان من المواد الغذائية والأدوية والوقود وتسليمها للحوثيين، والسماح للقيادات الحوثية بالسفر في سيارة أممية، أمر خطير."
وذكر أن التقرير الصحفي يكشف عن مصير المليارات من الدولارات المخصصة لبرامج الإغاثة الإنسانية في اليمن منذ العام 2015، ويؤكد اختراق الحوثيين لوكالات الأمم المتحدة العاملة في مناطق سيطرتهم وخضوعها للضغوط والابتزاز.
ويدور في اليمن صراع دموي على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية ومعها الإمارات، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية منذ سبتمبر 2014، ما أنتج أوضاعاً إنسانية صعبة، جعلت معظم سكان هذا البلد الفقير بحاجة إلى مساعدات عاجلة، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم".
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية كشفت يوم الإثنين عن أن أكثر من عشرة من عمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة، جرى نشرهم للتعامل مع الأزمة الإنسانية في اليمن، متهمون بالكسب غير المشروع، وتحديداً التعاون مع قوى الصراع، من جميع الأطراف، بهدف الإثراء غير المشروع من المواد الغذائية والأدوية والوقود والأموال المتبرع بها دولياً.
وأكدت "اسوشيتد برس" أنها حصلت على وثائق التحقيقات الداخلية للأمم المتحدة، وقابلت ثمانية عمال إغاثة ومسؤولين حكوميين سابقين حول المزاعم بأن أشخاصاً غير مؤهلين جرى توظيفهم في وظائف ذات رواتب عالية، كما جرى إيداع مئات الآلاف من الدولارات في حسابات مصرفية شخصية للعاملين، والموافقة على إبرام عشرات العقود المشبوهة من دون توافر المستندات المناسبة، بالإضافة إلى فقدان أطنان من الأدوية والوقود المتبرع بهما.
وأشارت الوكالة إلى أن منظمة اليونيسف تجري تحقيقات حول سماح موظف لديها لقيادي من جماعة الحوثيين (أنصار الله) بالتنقل في مركبات تابعة للمنظمة، ما يقيه الضربات الجوية المحتملة من قبل مقاتلات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية.
وذكر تقرير سرّي للجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية باليمن، حصلت عليه "أسوشييتد برس"، أن جماعة الحوثيين تضغط باستمرار على وكالات الإغاثة، لإجبارها على توظيف موالين لها، وإرهابهم بالتهديد بإلغاء التأشيرات بهدف السيطرة على تحركاتهم وتنفيذ مشروعات بعينها.
وأفادت "أسوشيتد برس" أن "أدلة ثمينة" كان يحملها محققو الأمم المتحدة وهم يغادرون مطار صنعاء في أكتوبر الأول 2018، تتضمن أجهزة كمبيوتر محمولة وأقراصاً، جُمعت من موظفي منظمة الصحة العالمية، صادرها الحوثيون، بعد إبلاغهم من طرف موظفة في منظمة الصحة على صلة بهم، وذلك "خشية من الكشف عن سرقة تمويل المساعدات".
وبحسب الوثائق الداخلية، جرى الاتفاق مع شركات محلية لتقديم خدمات في مكتب منظمة الصحة العالمية بمحافظة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية "الشرعية" عاصمة مؤقتة للبلاد، تبين أنها (الشركات المحلية) تضم أصدقاء وأفراد عائلات موظفي منظمة الصحة العالمية وبكلفة إضافية مقابل الخدمات. وشوهد صاحب شركة يسلّم نقوداً لأحد الموظفين، وفقاً لما تظهره الوثائق، وهي رشوة واضحة.