هاجم أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن المدعوم من دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الثلاثاء، الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً، وطالبوها بمغادرة مدينة عدن وكل مدن الجنوب فوراً ونقل كامل السلطات سلمياً.
وقال أنصار المجلس في بيان صادر عن لجنة الهبة الشعبية التي أطلقوها في محافظة عدن التي تتخذها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد، إن "على الحكومة مغادرة العاصمة عدن وكل مدن الجنوب فوراً وإخلاء كافة أراضيه من الوحدات العسكرية الشمالية، ونقلها إلى جبهات الحرب ضد الحوثي في الشمال".
وأضاف البيان "وندعو الرئيس عبد ربه منصور هادي والأشقاء في التحالف العربي لنقل كامل السلطات على أرض الجنوب سلمياً، وتمكين الجنوبيين من إدارة أرضهم ومواردهم بسلاسة دون تأخير".
يأتي ذلك فيما حذر نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك من بقاء الحكومة "الشرعية" في عدن، باعتباره "خطراً" لن يقبل به "الجنوبيون".
وقال ابن بريك في بيان يوم الثلاثاء عقب مؤتمر صحفي عقده في عدن "يجب عدم لوم الشعب (سكان الجنوب) إذا طالب بإخراجها".
واتهم قوات تابعة للشرعية اليمنية، بالعمل على "إغراق عدن في الفوضى"، مضيفاً أن تلك القوات انتشرت في عدن عقب الهجوم الذي استهدف معسكر الجلاء الخميس الماضي، لغرض إغراقها في الفوضى.
وفي مؤتمره الصحفي زعم ابن بريك أن الهجوم على معسكر الجلاء جاء ضمن "مخطط كبير للقضاء على عدد كبير من القيادات العسكرية والأمنية التابعة للتحالف العربي والانتقالي الجنوبي والسيطرة على عدن من القوات التابعة للحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً.
وذكر أن "معسكر الجلاء تم إصابته بصاروخ تم إطلاقه من الشمال الغربي لمحافظة عدن في بداية لتنفيذ مخطط كبير للإخوان المسلمين (حزب الإصلاح اليمني) ابتداء من يوم الخميس الماضي للسيطرة على عدن".
وزعم نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي أن أطقم عسكرية تابعة للحكومة الشرعية، انتشرت بعد التفجير مباشرة في عدة مناطق بعدن، للسيطرة على المدينة لتوقعها بأن الصاروخ سيقتل قيادة التحالف والمجلس الانتقالي السياسية والعسكرية.
تحركات للسيطرة على قصر المعاشيق
وفي السياق نقلت قناة "الجزيرة" القطرية عن مصادر "حكومية" قولها إن هناك تحركات قوات الحزام الأمني الموالية للإمارات استعداداً للسيطرة على قصر المعاشيق الرئاسي المؤسسات الحكومية في محافظة عدن.
وقالت "الجزيرة نت" إنها "حصلت على معلومات عن المخطط المحتمل، الذي من المرجح أن يتبعه القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك، والمقرب من ولي عهد الإمارات محمد بن زايد لنشر الفوضى في عدن نهار الأربعاء، وذلك خلال تشييع جثمان قائد اللواء الأول دعم وإسناد منير اليافعي الذي قتل مع عشرات الجنود في هجوم للحوثيين مؤخراً".
وزعمت أن "من ضمن ترتيبات المخطط اختيار مقبرة قريبة من القصر والبدء بقنص قوات الحماية الرئاسية أثناء التشييع، من أجل تحميل ألوية الحماية مسؤولية مهاجمة المشاركين في حال قامت بأي ردة فعل".
وأضافت أنه "تصاحب ذلك إثارة القضية إعلامياً وإرسال تعزيزات من مسلحين قبليين من منطقة يافع مع قوات من الحزام الأمني للتدخل بحجة فض الاشتباكات، على أن يكون هدفها التحرك باتجاه المقرات والمؤسسات الحكومية ومنازل مسؤولي الحكومة الشرعية".
وفي الوقت ذاته الذي خرج فيه أنصار المجلس الانتقالي للشوارع الثلاثاء برفقة ابن بريك ونشر قوات قرب القصر واستقدام أنصار لهم من جبهات الساحل الغربي، بدأت بالانتشار قوات تابعة للحكومة "الشرعية" وألوية الحماية الرئاسية أيضاً، وذلك بعد ساعات من وصول تعزيزات سعودية كبيرة إلى مدينة عدن.
وقالت مصادر رئاسية إن السعودية تدخلت لتهدئة الوضع في المدينة بعد علمها بالمخطط ومن أجل إيقاف المجلس الانتقالي وملء الفراغ الذي خلفه انسحاب القوات الإماراتية من عدن دون تنسيق مع السعودية أو الحكومة "الشرعية".
وطبقاً للجزيرة ومصادرها هناك توجه سعودي لمواجهة الموالين للإمارات بعد أن تصرفت بشكل منفرد وأوعزت لأنصارها باستغلال حالة الغضب الشعبي بعد مقتل جنود الحزام الأمني، حد زعمها.
وقال محللون إن تصدر ابن بريك للمشهد يضع احتمالاً أن تكون هذه التصرفات المرتبكة هي ردة فعل منه تجاه موقف السعودية التي بدأت بالانتشار في عدن، وكذلك تصاعد المطالبات بإحالته للتحقيق، بعد أن كشفت تقارير عن تورطه في عمليات اغتيال علماء دين وشخصيات اجتماعية في عدن.
وللعام الخامس على التوالي، يدور في اليمن صراع دموي على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ أواخر 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية، ما أنتج أوضاعاً إنسانية صعبة، جعلت معظم سكان هذا البلد الفقير أساساً بحاجة إلى مساعدات عاجلة، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم"
والمجلس الانتقالي الجنوبي، كيان مدعوم من الإمارات العربية المتحدة ثاني أهم دولة في تحالف تقوده السعودية لدعم الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً في حربها ضد الحوثيين.
وتم إنشاء المجلس في مايو العام ٢٠١٧، وتنضوي تحت مظلته بعض القوى من جنوبي اليمن تطالب بالانفصال عن شماله واستعادة الدولة في جنوبي البلاد التي كانت قائمة قبل عام 1990 عندما توحد شطري اليمن، ولكن تحت مسمى "الجنوب العربي" وليس "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" على الرغم من أنه يرفع علمها كعلم للجنوب.
ويُنصِّبُ الانتقالي الجنوبي المسلح نفسه ممثلاً عن المواطنين في جنوبي اليمن ويسعى لفرض سيطرته على جميع مناطق ما كان يُعرف باليمن الجنوبي، غير أنه لا يحظى بتأييد شعبي كامل هناك، سيما مع وجود كيانات أخرى تتحدث باسم "الجنوب"، لكن المجلس يُعد أبرز تلك الكيانات لما يملكه من ذراع عسكري أنشأته وتدعمه دولة الإمارات.
ويفرض الانتقالي الجنوبي، سيطرته العسكرية على أغلب المناطق في مدينة عدن، كما يفرض سيطرته على العديد من المدن والمديريات في المحافظات الجنوبية لليمن، ونفذ المجلس في نهاية يناير 2018، محاولة انقلاب عسكري فاشلة ضد الحكومة الشرعية في عدن راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى.