دعا المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، الأطراف المعنية إلى وقف العنف المتصاعد في مدينة عدن جنوبي البلاد اليوم الأربعاء، والانخراط في حوار لحلّ الخلافات.
وعبر غريفيث في بيان نشره الموقع الإلكتروني لمكتب المبعوث الأممي الخاص، عن قلقه البالغ من التصعيد العسكري اليوم الأربعاء في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد، وذلك بين فصيلين عسكريين أحدهما تدعمه المملكة العربية السعودية والآخر تدعمه الإمارات العربية المتحدة.
وقال المبعوث الأممي في بيانه: "إني قلق للغاية من التصعيد العسكري اليوم في عدن، بما في ذلك التقارير حول اشتباكات بالقرب من القصر الرئاسي. كما أني قلق جداً من الخطابات الداعية إلى أعمال العنف ضد مؤسسات يمنية".
واعتبر غريفيث أن "أي تصعيد للعنف يؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار والمعاناة في عدن، ويزيد من الانقسامات السياسية والاجتماعية".
وحثّ غريفيث "جميع أصحاب النفوذ على التدخّل لوقف التصعيد، وضمان سلامة المدنيين"، في إشارة إلى السعودية والإمارات اللتان يدعم كل منهما فصيل عسكري.
واندلعت اشتباكات عنيفة، الأربعاء، في محيط قصر رئاسة الجمهورية في منطقة "معاشيق" في مديرية كريتر شرقي عدن، بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح المدعوم من الإمارات، وحراسة القصر من ألوية الحماية الرئاسية المدعومة من السعودية والتي يقودها العميد ناصر نجل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وذلك عندما حاول متظاهرون موالون للانتقالي الجنوبي الدخول إلى القصر الرئاسي عقب تشييع قائد لواء الدعم والإسناد في قوات الحزام الأمني الموالي للإمارات، العميد منير اليافعي الذي لقي مصرعه مع العشرات في هجوم صاروخي للحوثيين الخميس الماضي.
وذكرت مصادر ميدانية، شخص لقي مصرعه وأصيب اثنان خلال اشتباكات في محيط القصر الرئاسي، مؤكدة أن الأوضاع لازالت متوترة حتى الآن في محيط القصر الذي تحاصره حالياً قوات المجلس الانتقالي.
وشاهد مراسل وكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء في عدن، انتشار أطقم عسكرية وأمنية في المنطقة المحيطة بمنزل نائب رئيس الحكومة اليمنية الشرعية، وزير الداخلية أحمد الميسري، في منطقة ريمي بمديرية المنصورة، حيث تم قطع كافة الطرقات المؤدية إلى منزله.
وللعام الخامس على التوالي، يدور في اليمن صراع دموي على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية والإمارات، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ أواخر 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية، ما أنتج أوضاعاً إنسانية صعبة، جعلت معظم سكان هذا البلد الفقير أساساً بحاجة إلى مساعدات عاجلة، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم"
واستغل انفصاليون جنوبيون الأوضاع المتردية في البلاد، وعززوا حضورهم بدعم الإمارات العربية المتحدة ثاني أهم دولة في التحالف الذي تقوده السعودية الداعمة للحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً في حربها ضد الحوثيين.
ودعمت الإمارات إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح في مايو العام ٢٠١٧، ودربت وسلحت قوات محلية موالية للمجلس.
وتنضوي تحت مظلة بعض القوى من جنوبي اليمن تطالب بالانفصال عن شماله واستعادة الدولة في جنوبي البلاد التي كانت قائمة قبل عام 1990 عندما توحد شطري اليمن، ولكن هذه المرة تحت مسمى "الجنوب العربي" وليس "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" التي كانت قائمة في الجنوب قبل ذلك التاريخ، وذلك على الرغم من أن المجلس يرفع علمها كعلم للجنوب.
ويُنصِّبُ الانتقالي الجنوبي المسلح نفسه ممثلاً عن المواطنين في جنوبي اليمن ويسعى لفرض سيطرته على جميع مناطق ما كان يُعرف باليمن الجنوبي، غير أنه لا يحظى بتأييد شعبي كامل هناك، سيما مع وجود كيانات أخرى تتحدث باسم "الجنوب"، لكن المجلس يُعد أبرز تلك الكيانات لما يملكه من ذراع عسكري أنشأته وتدعمه دولة الإمارات.
ويفرض الانتقالي الجنوبي، سيطرته العسكرية على أغلب المناطق في مدينة عدن والعديد من المدن والمديريات في المحافظات الجنوبية لليمن. ونفذ المجلس في نهاية يناير 2018، محاولة انقلاب عسكري فاشلة ضد الحكومة الشرعية في عدن راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى.