دعت عدد من القوى والشخصيات اليمنية البارزة لوقف الاقتتال الدائرة في مدينة عدن جنوبي اليمن، منذ أمس الأربعاء، بين فصيلين عسكريين أحدهما تابع للحكومة "الشرعية" تدعمه المملكة العربية السعودية، والآخر يريد انفصال جنوب البلاد وتدعمه الإمارات العربية المتحدة.
وطالب علي ناصر محمد الرئيس السابق لما كان يسمى "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" في جنوبي البلاد، طرفي القتال "بوقف الاقتتال فوراً حفاظاً على أرواح كافة الأطراف من القوات الجنوبية وكذلك المواطنين الأبرياء"، حد قوله.
واعتبر علي ناصر محمد الذي ترأس "اليمن الجنوبي" مابين عامي 1978 و1986، أن الاقتتال الدائر حالياً في عدن سيؤدي "إلى وأد وقبر القضية الجنوبية وإنهاء أحلام الجنوبيين في الأمن والسلام وإقامة المجتمع المدني المنشود".
وقال ناصر في بيان له: "أؤكد اليوم مرة أخرى أن المنتصر مهزوم لأن الجنوب يجب أن يكون لكل أبنائه وهو يتسع للجميع، ويجب الاحتكام للحوار وليس إلى السلاح وهو ما حذرت منه في أحداث يناير ٢٠١٨م".
وطالب الرئيس السابق التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات لدعم الشرعية في اليمن وهو حليف للطرفين المتقاتلين، بالتدخل الفوري "لوأد هذه الفتنة الكبرى كما تدخلوا في الأزمات السابقة لأن هذه مسؤوليتهم المباشرة التي لا يجوز التنصل منها" حد قوله.
وأضاف: "التدخل مطلوب الآن وليس غداً ولا يجوز الاكتفاء بمراقبة هذه الأحداث الدامية لأن ذلك سينعكس سلباً على أوضاع الشمال والجنوب والمنطقة".
وحول عملية ترحيل ابناء المحافظات الشمالية من مدينة عدن جنوبي البلاد والتي تنفذها قوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المسلح، قال ناصر في بيانه: "تابعنا دعوات الفتنة والتطرف لترحيل بعض أبناء الشمال من عدن وغيرها من المحافظات الهاربين من جحيم الحرب والموت والفقر وهذا يتعارض مع أخلاقنا وتاريخنا وأخوّتنا، ونحن نقول لمن يزرع الفتنة في الجنوب والشمال: كفى.. كفى.. كفى.. لكل أطراف الأجندات الخارجية"، في إشارة إلى تبعية المجلس الانتقالي الجنوبي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتجدد اشتباكات اندلعت أمس الأربعاء في عدن، ولكن بشكل أعنف اليوم الخميس، بين فصيلين عسكريين أحدهما تدعمه المملكة العربية السعودية والآخر تدعمه الإمارات العربية المتحدة، ما يسلط الضوء على صراع سعودي إماراتي في العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
وأوضحت مصادر محلية لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، أن اشتباكات اليوم الخميس، يستخدم فيها أسلحة ثقيلة بينها الدبابات بعدما اتسعت رقعة المواجهات المسلحة لتصبح حرب شوارع بين ألوية الحماية الرئاسية التابعة للحكومة "الشرعية" المدعومة من السعودية، وقوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي المسلح المدعومة من الإمارات، ما أدى إلى سقوط مالا يقل عن شخص، وإصابة آخرين.
واندلعت الاشتباكات، أمس الأربعاء، عقب دعوة نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك القوات التابعة للمجلس والمدعومة إماراتياً إلى "النفير العام لإسقاط الحكومة الشرعية الفاسدة والسيطرة على قصر معاشيق الرئاسي"، وذلك بعد تشييع قائد رفيع في قوات تابعة للمجلس في هجوم صاروخي للحوثيين الخميس الماضي.
إلى ذلك دانت قيادة "ألوية العمالقة" في اليمن، اليوم الخميس، ما يحدث في عدن من تصرفات وصفتها بـ"الفردية والخارجة عن الشرع والقانون".
وقالت الألوية في بيان اطلعت "ديبريفر" عليه، إن "هذا لا يفيد بأي فائدة فعندما تزهق الأرواح وتسفك الدماء وتسيل على أرضنا الطاهرة فلا يستفيد من ذلك إلا الحوثي والتنظيمات الإرهابية ومن كان على شاكلتهم".
و"ألوية العمالقة" هي مجموعة ألوية عسكرية مقاتلة ينتمي أفرادها إلى المحافظات الجنوبي لليمن، وتدعمها الإمارات والسعودية، وترابط حالياً في الساحل الغربي للبلاد في قتالها ضد جماعة الحوثيين.
ودعت هذه الألوية الجميع إلى "ضبط النفس وتحكيم العقل والجلوس على طاولة الحوار فيما يعود نفعه على البلاد والشعب"، مؤكدة رفضها "التخاطب بلغة السلاح لإنه لا يزيد إلا الفرقة".
وطالبت الألوية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وقيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن "ممثلة بالسعودية والإمارات بالتدخل الحاسم وردع كل من أراد زعزعة أمن واستقرار البلاد" حد تعبيرها.
بدوره ناشد مجلس الحراك الثوري للتحرير واستقلال الجنوب، طرفي القتال، "كل العقلاء بأخذ زمام المبادرة لنزع فتيل الاقتتال الذي يضعف القدرات الجنوبية والمستفيد الوحيد من استمراره اعداء الجنوب"، حد تعبيره.
ودعا المجلس "المبعوث الأممي والمجتمع الدولي إلى سرعة التدخل من واقع مسؤولياتهم الأممية والإنسانية لوقف الاقتتال بين الفرقاء وتجنيب العاصمة عدن ويلات حرب إقليمية كارثية نتائجها الإنسانية وخيمة ومدمرة".
وكانت قيادة القوات المشتركة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات لدعم الشرعية في اليمن، أعلنت مساء أمس الأربعاء، "رفضها القاطع للتطورات الخطيرة في عدن"، مؤكدة أنها "لن تقبل بأي عبث بمصالح الشعب اليمني".
ودعا المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، العقيد الركن تركي المالكي، في تصريح بثته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، "كافة الأطراف والمكونات لتحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية والعمل مع الحكومة اليمنية الشرعية في تخطي المرحلة الحرجة وإرهاصاتها، وخاصة في مثل هذه الظروف الاستثنائية، وعدم إعطاء الفرصة للمتربصين من مليشيا الحوثي الإرهابية والتنظيمات الإرهابية كتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين والذين أوقدوا نار الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب اليمني".
أكد أن قيادة القوات المشتركة للتحالف ترفض بشكل قاطع أي إجراءات تضر بأمن واستقرار عدن، مشيراً إلى أن "القيادة المشتركة للتحالف تتابع وبقلق تطور الأحداث بالعاصمة المؤقتة (عدن)".