تقرير استخباراتي أمريكي يكشف عن استمرار الإمارات دعم مطالب الانتقالي بالمزيد من السيادة في جنوب اليمن

واشنطن (ديبريفر)
2019-08-18 | منذ 3 سنة

قال تقرير استخباراتي أمريكي حديث، إن دولة الإمارات العربية المتحدة الشريك الرئيس في التحالف العربي الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن، ستستمر في دعم مطالب المجلس الانتقالي الجنوبي، بالمزيد من السيادة في الجنوب، وقد تسمح ضمنيا بإحداث صداع لا ينتهي للحكومة المعترف بها دولياً.

وأكد مركز "ستراتفور" الأمريكي المتخصص بالدراسات الاستخباراتية والأمنية في تقرير نشر يوم السبت، أن المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال مناوراته الأخيرة يحاول إقناع حكومة الرئيس اليمني، وكذلك تحالف السعودية والإمارات، بأنه على استعداد لتأجيل معركته لأجل مزيد من الحكم الذاتي لصالح القضية الأكبر ضد الحوثيين، في مقابل ضمان قوة أكبر في الجنوب وحصة أكبر من التمثيل السياسي في هيكل الحكم في البلاد.

وقال التقرير إنه "في حين أن الخلاف بين شمال اليمن وجنوبه احتل في البداية موقعاً هامشياً في القتال الذي تقوده السعودية ضد التمرد الحوثي الذي يعارض حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلا أن الفجوة بين الشطرين بدأت تلقي بظلالها بقوة خلال الأشهر الأخيرة، وظهرت أبرز تجليات هذا الصراع في 10 أغسطس الجاري، بعد تحرك المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي للسيطرة القسرية على القصر الرئاسي وقاعدتين عسكريتين في مدينة عدن الساحلية الجنوبية من القوات الموالية للرئيس هادي".

وحسب التقرير فإنه "في الوقت الذي شهدت الأعوام الأخيرة مناوشات متكررة بين الجنوبيين والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، يبرز هذا الحادث الأخير ليعطينا بعض المؤشرات حول مستقبل اليمن".

وأشار التقرير إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي، منذ تشكيله عام 2017 من مختلف مكونات الحركة الجنوبية، يسيطر على أجزاء كبيرة من جنوب اليمن، بما في ذلك عدن.. موضحاً أنه قبل تحركات الانتقالي الجنوبي الأخيرة، سمح المجلس لحكومة هادي بالاحتفاظ بموطئ قدم في مدينة عدن واستعمالها كعاصمة مؤقتة للبلاد ومقراً لعمل الحكومة.

وفي أعقاب التحرك الأخير لطرد قوات الحكومة "الشرعية"، أكد زعيم المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي على التزام "حكومة الجنوب" الدائم بقضية مناهضة الحوثيين، لكنه ادعى أن المجلس اضطر إلى اتخاذ إجراءات للدفاع عن نفسه أمام حكومة "الشرعية" التي اتهمها بالمسؤولية عن هجوم الحوثيين في عدن في الأول من أغسطس الجاري ضد قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس.

وأحكمت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي في 10 أغسطس سيطرتها على كامل مدينة عدن، بعد اشتباكات عنيفة مع قوات تابعة للحكومة "الشرعية"، استمرت أربعة أيام وأسفرت عن مقتل 40 شخصاً وإصابة 260 آخرين، وفق بيان للأمم المتحدة.

وكان التحالف العربي الذي تقوده السعودية لدعم "الشرعية" اليمنية، طالب، المجلس الانتقالي الجنوبي بسحب قواته من المواقع التي سيطر عليها في عدن، وهدد بشن ضربات على تلك القوات إن لم تستجب لمطالبه، فيما دعت السعودية طرفي الاقتتال إلى حوار عاجل في المملكة.

ورفض المجلس الانفصالي سحب قواته، لكنه رحب بالدعوة إلى الحوار.

وسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن بعد أن اتهم حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) بالتواطؤ في هجوم صاروخي حوثي على قوات المجلس أدى إلى مقتل عشرات الجنود بينهم قيادي أمني رفيع، وهو ما ينفيه الحزب الإسلامي.

المظالم الرئيسية

تقرير مركز "ستراتفور" الذي تطلق عليه الصحافة الأمريكية اسم "وكالة المخابرات المركزية في الظل" أو الوجه المخصص لوكالة الاستخبارات " للسي آي إيه " ، أفاد بأن المظالم الرئيسية لدى المجلس الانتقالي الجنوبي تتمحور حول استبعاده من مفاوضات السلام بين الحوثيين والحكومة "الشرعية".. مشيراً إلى عدة جولات سابقة من المحادثات، ظهر المجلس فقط كعنصر من عناصر الحكومة.. معتبرا أن من شأن الحصول على مقعد مستقل على الطاولة أن يعزز جهد المجلس لتعزيز الحكم الذاتي في الجنوب، بعد انتهاء الصراع مع الحوثيين.

لكن تجدد الصراع بين الانفصاليين والحكومة يعد علامة على حالة من الجمود المتزايد، حيث يشعر الانفصاليون الجنوبيون أن الوقت قد حان للعمل من أجل الحصول على المزيد من النفوذ السياسي، وفقاً للتقرير.

ضربة قوية للحكومة

وأكد التقرير الاستخباراتي الأمريكي، أنه مع طرد حكومة هادي من عدن، وجه المجلس الانتقالي الجنوبي ضربة قوية لنفوذ الحكومة في الجنوب، تزامناً مع سيطرة الحوثيين على أجزاء كبيرة من الشمال، ما يضعف من مطالبات الحكومة بالسيادة على البلاد ككل.

كما اعتبر التقرير، أن هذه ليست النقطة الوحيدة المهددة لاستقرار اليمن، فعلى الرغم من أن المجلس الجنوبي الذي تشكل عبر اتحاد فصائل الحراك الجنوبي يكثف ضغطه من أجل مزيد من الحكم الذاتي للجنوب، إلا أن هناك خطراً يزداد مع مرور الوقت في أن ينفصل قادة الفصائل الذين لا يوافقون على تلك الإستراتيجية عن المجلس. وقد يؤدي الانقسام بين الفصائل إلى زعزعة الاستقرار في الجنوب.

وأضاف التقرير أن ما يزيد الخلاف بين الحكومة "الشرعية" والفصائل الجنوبية خطر توفير الفرصة لنشاط الجماعات الجهادية العابرة للحدود في اليمن، بما في ذلك "الدولة الإسلامية" و"القاعدة في شبه الجزيرة العربية"..

ولفت إلى أنه على الرغم من أن تنظيم "الدولة الإسلامية" قد وجه نشاطه لاستهداف حكومة "هادي" في الأسابيع الأخيرة، إلا أن أي صراع داخلي داخل المجلس الانتقالي الجنوبي، أو بين عناصر التحالف الحكومي اليمني، قد يمنح التنظيم مساحة لتوسيع وجوده في البلاد.

ضعف قدرات التحالف

وقال التقرير الأمريكي إن النزاعات بين المجلس الجنوبي وحكومة هادي أظهرت حدود قدرات السعودية والإمارات في السيطرة على الأحداث على الأرض في اليمن.. مبيناً أنه على الرغم من أن السعوديين والإماراتيين كانوا قادرين على تهدئة الخلافات بين الجنوب والحكومة في الماضي، إلا أنهما لم يتدخلا في النزاع الأخير.

وأفاد تقرير مركز "ستراتفور"، أن الإمارات التي أقامت مع مرور الوقت روابط اقتصادية وسياسية في جنوب اليمن، تعد داعماً قوياً للمجلس الانتقالي الجنوبي، ويشترك كلاهما في الإحجام عن العمل مع المسلحين والسياسيين المرتبطين بحزب "الإصلاح"، الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين.

وألقى المجلس الجنوبي تحديداً باللوم على حكومة "الشرعية" لاستخدامها المرتزقة الأفارقة والمقاتلين المرتبطين بالإصلاح لمحاربة الحوثيين في الجنوب. وفي المقابل، لا تمانع السعودية في التعاون مع "الإصلاح" بحكم العلاقة التاريخية بين الطرفين.

واختتم التقرير الاستخباراتي الأمريكي بالقول: "الآن، مع سعي الإمارات للانسحاب من الحرب ضد الحوثيين، يبرز سؤال رئيسي حول مدى سيطرة الإمارات على المجلس الجنوبي، ومدى دعمها لجهوده للحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي. وعلى الرغم من أن الإمارات لا ترغب في إثارة حرب أخرى داخل الحرب الأوسع، إلا أنها تدعم مطالبات المجلس بالمزيد من السيادة في الجنوب، وبالتالي قد تسمح ضمنياً للمجلس بإحداث صداع لا ينتهي لحكومة هادي".

وتقود السعودية ومعها حليفتها الرئيسية الإمارات، تحالفاً عربياً عسكرياً ينفذ منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته المعترف بها دولياً لإعادتهما إلى الحكم في صنعاء التي يسيطر الحوثيون عليها وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية منذ أواخر العام 2014.

واستغل انفصاليون جنوبيون الحرب في اليمن، وعززوا حضورهم وقوتهم بدعم الإمارات ثاني أهم دولة في التحالف. ودعمت أبو ظبي التوجهات الانفصالية، وساعدت في إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو العام ٢٠١٧، ودربت وسلحت قوات محلية تابعة للمجلس، ولا تخضع لتوجيهات الحكومة اليمنية "الشرعية".

ويُنصِّبُ الانتقالي الجنوبي نفسه ممثلاً عن المواطنين في جنوبي اليمن ويسعى لفرض سيطرته على جميع مناطق ما كان يُعرف باليمن الجنوبي، غير أنه لا يحظى بتأييد شعبي كامل هناك، سيما مع وجود كيانات أخرى تتحدث باسم "الجنوب"، لكن "الانتقالي" يُعد أبرز تلك الكيانات لما يملكه من ذراع عسكري أنشأته وتدعمه دولة الإمارات.

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet