انتقد زعيم جماعة الحوثيين (أنصار الله) في اليمن، عبدالملك الحوثي، المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث الذي كان وصل إلى العاصمة صنعاء في وقت سابق اليوم الأربعاء.
وقال الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثيين، محمد عبدالسلام، في بيان صحفي إن زعيم جماعته التقى بالمبعوث الأممي اليوم الأربعاء، "وتم مناقشة الجمود الذي يعاني منه المبعوث الأممي في جولاته المتكررة والغير منتجة، والتي لم يعد بها جديد يذكر غير إعادة تدوير في الزوايا الضيقة"، حد تعبيره.
وأضاف: "تم تذكير المبعوث الأممي بموقفنا السابق الذي استجبنا فيه لمبادرته حول اجراء عملية جزئية لتبادل الأسرى والمعتقلين إضافة إلى مطالبتنا الصريحة والمستمرة لاستكمال اتفاق السويد خصوصاً المتعلق باتفاق الحديدة بعد تنفيذنا إعادة الانتشار من طرف واحد وكذلك التفاهمات الاقتصادية وتوحيد الإيرادات لاسيما في ظل الوضع الإنساني المتفاقم والمخاطر المتعددة".
وأفاد عبدالسلام بأن عبدالملك الحوثي نبه المبعوث الأممي "إلى أهمية أن يلحظ المستوى المطلوب من الحياد"، وذلك في اتهام غير مباشر لغريفيث بالانحياز إلى جانب الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتحالف الداعم لها بقيادة السعودية.
ويعيش اليمن منذ زهاء أربع سنوات ونصف، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ أواخر العام 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية.
وفي إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء، قال غريفيث إن جهود الأمم المتحدة في عملية السلام باليمن أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى عقب تصاعد الأحداث في جنوب البلاد.
وأدان المبعوث الأممي في إحاطته هجمات الحوثيين المستمرة على ما أسماها "البُنية التحتية المدنية في المملكة العربية السعودية بشكل متعمّد، بما في ذلك التطور الأخير باستهداف المنشآت المدنية في الجزء الشرقي من المملكة".
وأضاف: "تجزئة اليمن أصبحت تهديداً أقوى وأكثر إلحاحاً. إنّ هذا الأمر يجعل جهودنا في عملية السلام اليمنية أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. لا وقت لنضيّعه. لقد أصبحت المخاطر كبيرة للغاية بالنسبة لمستقبل اليمن والشعب اليمني والمنطقة ككل".
وأشار المبعوث الأممي إلى أنه ينتظر رداً رسمياً من طرفي النزاع في اليمن بحلول 25 أغسطس الجاري بشأن مقترح لإحراز مزيد من التقدم في تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاقي الحديدة.
وأكد أن تنفيذ الأجزاء المتبقية من اتفاق الحديدة سيكون خطوة مهمة على الطريق نحو استئناف العملية السياسية في اليمن.
وتابع غريفيث "الوضع على الأرض يتغير بوتيرة كبيرة ونحن بحاجة إلى اغتنام فرص التقدّم. لا تزال الأمم المتحدة ملتزمة بالحوار الشامل لحل الخلافات ومعالجة المخاوف المشروعة لجميع اليمنيين"، معرباً عن أمله في "أن يعتبر جميع اليمنيين المعنيين، من جميع أنحاء البلاد، أحداث عدن كإشارة واضحة على ضرورة إنهاء النزاع الحالي بسرعة وبسلام وبطريقة تُلبّي إحتياجات اليمنيين في جميع أنحاء البلاد".
واستبقت جماعة الحوثيين زيارة غريفيث إليها بتوجيه انتقادات إليه، حيث قال القيادي البارز في جماعة الحوثيين (أنصار الله) محمد علي الحوثي، سابق اليوم الأربعاء، إن على المبعوث الأممي إلى اليمن "البحث عن طاولة جديدة للمفاوضات، فما حصل يؤكد أنه بحادة إلى ذلك".
وأردف الحوثي: "إنه (غريفيث) يعلم جيداً أن المرتزقة (في إشارة للحكومة الشرعية) لايوجد لهم صلاحيات، وأن أي شيء لم توافق عليه دول العدوان الأمريكي السعودي وحلفائه باليمن (يقصد التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية) لايمكن أن يرى النور حتى ولو وافق المرتزقة وبصموا بدمائهم النتنة" حد وصفه.
وأدت الحرب الدامية في اليمن إلى ما تصفه الأمم المتحدة بـ"أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، مؤكدة أن أكثر من 24 مليون يمني، أي ما يزيد عن 80 بالمئة من السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، فيما يعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.
وأسفر الصراع في اليمن عن مقتل أكثر من 11 ألف مدني، وجرح عشرات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين شخص داخل البلاد وفرار عشرات الآلاف خارجها.
واتفق طرفا الصراع خلال مشاورات للسلام في السويد جرت في ديسمبر 2018 برعاية الأمم المتحدة، على وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر وإعادة انتشار قواتهما من ميناء ومدينة الحديدة ومينائي الصليف ورأس عيسى، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ الثلاثة، مع إرسال بعثة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة ذلك، بالإضافة إلى تبادل كافة الأسرى لدى الطرفين وتخفيف حصار الحوثيين على مدينة تعز.
لكن الاتفاق الذي كان من المفترض الانتهاء من تنفيذه في يناير الماضي، تعثر حتى الآن وسط تبادل الطرفين للاتهامات بعرقلة التنفيذ.
ويسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة وموانئها منذ أواخر العام 2014، فيما تحتشد قوات يمنية مشتركة موالية للحكومة "الشرعية" والتحالف العربي، في أطراف المدينة منذ مطلع نوفمبر الماضي بغية انتزاع السيطرة عليها من قبضة الحوثيين.