أكدت مصادر في العاصمة اليمنية صنعاء التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين (أنصار الله) أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، استأنف يوم الأربعاء، توزيع المساعدات الغذائية على 850 ألف شخص في صنعاء بعد توقف دام شهرين، وذلك عقب توصله إلى اتفاق مع الجماعة.
وذكرت المصادر أنها شاهدت عشرات الأشخاص عند مركز لتوزيع الأغذية يتسلمون الطحين وزيت الطعام والبقوليات والملح والسكر.
فيما نقلت وكالة "رويترز" عن المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي أنابيل سيمينغتون قولها إن البرنامج استأنف توزيع الأغذية على 850 ألف شخص بعد السماح للبرنامج "باستحداث إجراءات المحاسبة الضرورية".
وأضافت سيمينغتون "لا يزال اليمن يمثل أشد أوضاع الأمن الغذائي إثارة للقلق في العالم. لاحظنا بعض التحسن في بعض المناطق التي يصعب الوصول إليها في الشهور القليلة الماضية، لكن لا يمكن أن نشعر بالارتياح الآن".
وكان برنامج الأغذية العالمي قد أوقف تقديم معظم المساعدات في صنعاء في 30 من يونيو الفائت، لمخاوف من تحويل الغذاء بعيداً عن المحتاجين، بعد خلاف حاد مع جماعة الحوثيين بشأن تطبيق نظام بيانات القياسات الحيوية للتحقق من الهوية، لكن البرنامج أبقى فقط على البرامج المخصصة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والحوامل والمرضعات.
وعند التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين في مطلع أغسطس الجاري، قال البرنامج إنه سيتم استحداث عملية تسجيل للقياسات الحيوية لتسعة ملايين شخص يعيشون في مناطق تحت سيطرة الحوثيين.
والنظام، الذي يستخدم مسح قزحية العين أو بصمات الأصابع أو تقنية التعرف على الوجه، معمول به بالفعل في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
وفي ديسمبر الماضي اكتشف برنامج الأغذية العالمي حدوث تلاعب بصورة منهجية في المساعدات الغذائية التي يتم توزيعها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من خلال شريك محلي على صلة بالسلطات.
وقال الحوثيون إن البرنامج يصر على السيطرة على بيانات من يحصلون على المساعدات في انتهاك للقانون اليمني.
فيما يؤكد برنامج الأغذية العالمي أن تطبيق نظام التحقق من الهوية، المعمول به عالمياً يهدف إلى مكافحة الفساد في توزيع المساعدات، والتحكم في نظام بيانات القياسات الحيوية لضمان عدم توجيه الطعام لمن لا تستهدفهم المساعدات،
وتدور في اليمن للعام الخامس على التوالي حرب طاحنة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين المدعومة من إيران والتي تسيطر منذ سبتمبر 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والوظيفية ، ما أنتج أوضاعاً إنسانية صعبة، جعلت معظم سكان هذا البلد الفقير بحاجة إلى مساعدات عاجلة، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم".
ويشكو عدد من المنظمات الإنسانية الأممية والدولية العاملة في اليمن من تعرضها لمضايقات وتهديدات من قبل الحوثيين، وبعضها تتهمهم بنهب المواد الإغاثية.
وتقول وكالات دولية عديدة إن المشكلات تزايدت في مناطق الحوثيين في الأشهر الأخيرة من بينها مضايقة موظفيها والتدخل في قائمة التوزيع وصعوبة الحصول على تأشيرات وفرض قيود على التنقل.
والثلاثاء الفائت، اتهمت أورسولا مولر مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، جماعة الحوثيين (أنصار الله)، بفرض 50 توجيهاً على العمل الإنساني، كلها تتعارض مع بعضها البعض، ما تسبب في إعاقة العمل الإنساني في البلد .
وقالت مولر خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي إن الوكالات الإنسانية تواجه قيوداً شديدة في الوصول إلى المحتاجين سيما في شمال اليمن.
وذكرت أن أكثر من 100 مشروع إنساني تنتظر موافقة السلطات التابعة لجماعة الحوثيين، وفي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة "الشرعية" ، حيث تتعرض المشروعات الإنسانية للتأخير، ولكن بصورة أقل.
ووفق المسؤولة الأممية، فإن 32 من أصل 39 مشروعاً للنهوض بالوضع الإنساني في اليمن لا تزال عالقة، بينما تزداد الصعوبات لتمويل برامج وكالات الأمم المتحدة في اليمن.
وأضافت أن "السلطات التابعة لجماعة الحوثيين فرضت أكثر من 50 توجيهاً رسمياً وعشرات التوجيهات غير الرسمية في الأشهر الأخيرة، وفي بعض الأحيان تتداخل أو تتناقض هذه التوجيهات مع بعضها البعض".
وتسبّب الصراع في مقتل وجرح عشرات آلاف الأشخاص، وتؤكد الأمم المتحدة الأزمة أن أكثر من 24 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبل.