تجدد الاشتباكات في شبوة مع حشد ضخم لقوات الانفصاليين لانتزاعها من قوات حكومية موالية للإصلاح

شبوة (ديبريفر)
2019-08-23 | منذ 3 سنة

احتراق سيارة خلال اشتباكات عتق

أكد مراسل وكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، في محافظة شبوة جنوبي اليمن، أن الاشتباكات تجددت مساء اليوم الجمعة في أطراف مدينة عتق عاصمة المحافظة، بين الانفصاليين الجنوبيين المدعومون من الإمارات العربية المتحدة، وقوات الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً توالي حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن).

وقال المراسل إن اشتباكات عنيفة يسمع دويها في كل أرجاء مدينة عتق اندلعت بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية ضخمة للطرفين وتستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة.

وأعلنت السلطة المحلية بمحافظة شبوة في وقت سابق من اليوم الجمعة فرض حظر التجوال في مدينة عتق من الساعة الثامنة مساءً وحتى الثامنة من صباح الغد.

ولفت مراسل "ديبريفر" إلى أن الانفصاليين المدعومين من الإمارات العربية المتحدة، بدأوا اليوم الجمعة، في حشد قوات ضخمة لخوض معركة كبيرة بهدف انتزاع مدينة عتق من أيدي قوات الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً توالي حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) المهيمن على قرار الحكومة والرئاسة في البلاد.

وأوضح المراسل أن هذا التحشيد العسكري من قِبل "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي المسلح المدعوم إماراتياً جاء بعد إخفاق قوات "النخبة الشبوانية" التابعة للمجلس في السيطرة على المدينة في معارك بدأت مساء أمس وتوقفت فجر اليوم الجمعة، ما دفع الانتقالي الجنوبي إلى حشد قواته من مختلف المحافظات التي يسيطر عليها في جنوبي اليمن.

وأشار إلى أن قوات كبيرة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وصلت من المحافظات الخاضعة لسيطرة المجلس، وتحتشد حول مدينة عتق لخوض معركة جديدة ضد قوات الحكومة اليمنية لانتزاع المدينة من قبضتها.

ووصف المراسل المعركة المرتقبة بـ"الحاسمة" بالنسبة للانفصاليين الجنوبيين كونها ستمكنهم من السيطرة على ما تبقى من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة "الشرعية" في محافظة شبوة، وستمهد الطريق أمام "الانتقالي الجنوبي" لبسط سيطرته على محافظة حضرموت، خصوصاً وأن كلا المحافظتين تعدان مورداً اقتصادياً رئيساً للبلاد كونهما غنيتان بالنفط والغاز.

إلى ذلك أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة شبوة، مساء اليوم الجمعة، "النفير العام والتحرك فوراً صوب مدينة عتق عاصمة المحافظة" لانتزاعها من قوات الحكومة المعترف بها دولياً.

ودعا بيان للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة، منتسبي وأنصار المجلس وأفرد قوات المقاومة الجنوبية في المحافظة شبوة، إلى "النفير العام والتحرك فوراً صوب عاصمة المحافظة عتق لمساندة إخوانكم ابطال القوات الجنوبية، والوقوف صفاً واحداً إلى جانبهم لتطهير عتق من ميلشيا حزب الاصلاح الإخواني، التي عاثت في الارض فساداً واستفحل نفوذها الإرهابي في العاصمة عتق" وفق تعبير البيان.

وتوقفت فجر اليوم الجمعة اشتباكات عنيفة اندلعت مساء أمس الخميس في مدينة عتق بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتياً وقوات اللواء "21 ميكا" التابع للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً التي اتهمت قيادة القوات الإماراتية في منطقة بلحاف التابعة لمحافظة شبوة، بتفجير الوضع العسكري ومحاولة اقتحام المدينة عتق، في حين دعا الانتقالي الجنوبي للتحقيق لمعرفة المتسبب بتفجير الوضع.

واندلعت تلك الاشتباكات عقب ساعات من وصول لجنة عسكرية سعودية إلى عتق بهدف نزع فتيل التوتر.

وقالت مصادر محلية لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء إن الاشتباكات توقفت عقب سيطرة قوات الحكومة اليمنية الموالية لحزب الإصلاح على كامل مدينة عتق.

وأنشأت الإمارات عدة قوات وتشكيلات عسكرية وأمنية محلية في اليمن خصوصاً في المحافظات الجنوبية "النُخب" و "الأحزمة الأمنية"، ودربتها وأشرفت على تجهيزاتها وتعمل تحت إمرتها تقدر بعشرات الآلاف من الجنود في إطار إستراتيجية تزعم أنها لمواجهة الحوثيين من جهة، ومحاربة تنظيم القاعدة الذي استغل الحرب الأهلية وحاول توسيع سيطرته في البلاد.

 

الانفصاليون يحشدون

وتأكيداً لما ذكره مراسل "ديبريفر" تداعت القوات التابعة للانفصاليين الجنوبيين المدعومين من الإمارات في المحافظات التي يسيطر عليها "الانتقالي الجنوبي" وذلك للتحرك صوب محافظة شبوة للمشاركة في المعركة المرتقبة بمدينة عتق عاصمة المحافظة.

وأعلنت قوات الحزام الأمني والتدخل السريع بمحافظة أبين، واللواء الخامس دعم وإسناد التابع للحزام الأمني في محافظة لحج ووحدات عسكرية وأمنية تابعة للانتقالي الجنوبي، إرسال عدد كبير من قواتها إلى تخوم مدينة عتق للمشاركة في المعركة.

فيما دعا عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، سالم ثابت العولقي مساء اليوم الجمعة، قبائل ومشائخ وأعيان مديريات بيحان الثلاث التابعة لمحافظة شبوة للنفير العام للمشاركة في معركة مدينة عتق وقطع الطريق على تعزيزات القوات الحكومية الموالية لحزب الإصلاح والقادمة من محافظة مأرب.

وقال العولقي في منشور على صفحته في فيسبوك: "إخواني مشايخ واعيان وابناء وقبائل مديريات بيحان الصمود.. ندعوكم في قيادة المجلس الإنتقالي الجنوبي إلى النفير العام وقطع الطريق على الإمدادات القادمة من مأرب والجوف ومدن الشمال الأخرى المتوجهة إلى العاصمة عتق".

وأضاف: "المعركة شمالية جنوبية وهنيئا لنا ولكم شرف خوض هذه المعركة ونعاهد ابناء شبوة وأبناء الجنوب عامة ان ارواحنا ودمائنا فداء لكرامة شبوة واهلها وحرية الجنوب وكرامته من المهرة إلى باب المندب".

 

اتهام الإمارات مجدداً

واتهمت الحكومة اليمنية "الشرعية"، قيادة القوات الإماراتية في بلحاف بتفجير الوضع في شبوة ومحاولة اقتحام مدينة عتق عاصمة المحافظة، رغم الجهود الكبيرة للسعودية لإنهاء الأزمة وإيقاف التصعيد العسكري.

وأكد الناطق باسم الحكومة "الشرعية" راجح بادي في تصريح نقلته مساء أمس الخميس، وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بنسختها في الرياض والتابعة لتلك الحكومة، عزم الأخيرة "مواجهة التمرد الذي يقوده ما يسمى المجلس الانتقالي بكافة الوسائل".

واعتبر بادي، توسيع التمرد المسلح إلى محافظة شبوة تحدياً واضحاً لأهداف التحالف العربي وجهود السعودية للتهدئة وإصرار على إفشال كل جهود احتواء الأزمة.

وأضاف أن "موقف الوحدات العسكرية ثابت ومتماسك وقوي في التصدي للتمرد المسلح الذي تقوم به ميلشيات الانتقالي".

من جهته أعلن نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، صباح اليوم الجمعة، عن توقف الاشتباكات في شبوة، داعياً التحالف إلى إرسال لجنة لتقصي الحقائق ومعرفة من المتسبب بتفجير الوضع هناك.

وقال بن بريك في سلسلة تغريدات بتويتر: "احترام النخبة للتحالف بقيادة السعودية والالتزام التام بالتهدئة والنظر في الحلول مع التحالف هو ما جعل النخبة تتوقف في شبوة والاكتفاء بالتأديب الذي حصل".

وتوعد نائب رئيس الانتقالي الجنوبي، القوات الحكومية الموالية لحزب الإصلاح باستئناف القتال، قائلاً: "في حال تكرار الاعتداء والتحشيد من حزب الإصلاح الإرهابي فلن نقف نتفرج التزام قطعناه على أنفسنا أمام شعبنا وسيهب الجنوب كله لشبوة".

في السياق ذكرت وكالة الأنباء (سبأ) التابعة للحكومة اليمنية الشرعية، إن رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، اليوم الجمعة، اطلع خلال اتصال هاتفي بمحافظ شبوة محمد بن عديو، على "تطورات الأوضاع الأمنية والعسكرية في شبوة عقب سيطرة قوات الجيش الوطني على مدينة عتق وتصديها لتمرد ما يُسمى بالمجلس الانتقالي ومحاولته السيطرة على مدينة عتق".

وتُعد شبوة من محافظات اليمن النفطية والغازية ويوجد فيها أكبر مشروع صناعي في البلاد، هو ميناء بلحاف لتصدير الغاز ضمن مشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، الذي تقوده شركة توتال من بين سبع شركات عملاقة في إدارة محطة لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال بتكلفة 4.5 مليار دولار على بحر العرب.

ويأتي اندلاع المواجهات العسكرية للسيطرة أمنياً على عتق في ظل استمرار مساعي "الانتقالي الجنوبي" للسيطرة على بقية محافظات جنوب اليمن بعد أن أحكمت قواته في 10 أغسطس الجاري، سيطرتها على كامل مدينة عدن بعد اشتباكات عنيفة مع قوات الحكومة، استمرت أربعة أيام أسفرت عن مقتل 40 شخصاً وإصابة 260 آخرين، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي اليوم ذاته اتهمت الحكومة اليمنية "الشرعية" الإمارات بالوقوف وراء ما اعتبرته "انقلاباً آخر" عليها في عدن نفذه الانتقالي الجنوبي، بعد "انقلاب الحوثيين" عليها في صنعاء أواخر العام 2014، لتصبح هذه الحكومة بلا مقر حالياً.

وطالب التحالف العربي الذي تقوده السعودية لدعم "الشرعية" اليمنية، الانتقالي الجنوبي بسحب قواته من المواقع التي سيطر عليها، وهدد بشن ضربات على تلك القوات إن لم تستجب لمطالبه، فيما دعت الرياض طرفي الاقتتال إلى حوار عاجل في المملكة.

ورفض المجلس الانتقالي الانفصالي سحب قواته، وعمل على توسيع سيطرته العسكرية على المحافظات الجنوبية للبلاد. لكن المجلس رحب بالدعوة إلى الحوار.

وتقود السعودية ومعها حليفتها الرئيسية الإمارات، تحالفاً عربياً عسكرياً ينفذ منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته المعترف بها دولياً لإعادتهما إلى الحكم في صنعاء التي يسيطر الحوثيون عليه وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية منذ أواخر العام 2014.

وكانت محافظة شبوة شهدت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، توتراً ينذر باندلاع مواجهة عسكرية شاملة بين قوات "النخبة الشبوانية" المدعومة من الإمارات، وقوات تحت مظلة "الشرعية" لكنها موالية لنائب الرئيس اليمني، الفريق علي محسن الأحمر وحليفه حزب الإصلاح.

واستغل انفصاليون جنوبيون الحرب في اليمن، وعززوا حضورهم بدعم الإمارات ثاني أهم دولة في التحالف. ودعمت أبو ظبي إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو ٢٠١٧، ودربت وسلحت قوات محلية تابعة للمجلس نفذت محاولة انقلاب عسكري فاشلة في يناير 2018 ضد الحكومة اليمنية الشرعية في عدن راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى.

ويُنصِّبُ الانتقالي الجنوبي نفسه ممثلاً عن المواطنين في جنوبي اليمن ويسعى لفرض سيطرته على جميع مناطق ما كان يُعرف باليمن الجنوبي، غير أنه لا يحظى بتأييد شعبي كامل هناك، سيما مع وجود كيانات أخرى تتحدث باسم "الجنوب"، لكن "الانتقالي" يُعد أبرز تلك الكيانات لما يملكه من ذراع عسكري أنشأته وتدعمه دولة الإمارات.

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet