شن العميد الركن طارق محمد عبدالله صالح قائد ما تسمى "المقاومة الوطنية" في اليمن، هجوماً لاذعاً غير مسبوق على الرئيس اليمني المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي والقوى النافذة والمسيطرة على القرار في "الشرعية" ممثلة بحزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن).. متعهدا مجدداً بمواصلة القتال ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) حتى تحرير تهامة غربي البلاد، والعاصمة صنعاء ومحافظة صعدة المعقل الرئيس للحوثيين.
وانتقد طارق صالح وهو نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح الذي اغتاله الحوثيون في ديسمبر 2017، في كلمة له يوم الأحد أمام وحدات رمزية جديدة من قوات "المقاومة الوطنية حراس الجمهورية" في الساحل الغربي لليمن، سيطرة طرف حزبي على الشرعية ، ورفضه كل الشركاء وعودته لإثارة المعارك في كل المناطق "المحررة" جنوبي البلاد وذلك في إشارة إلى حزب الإصلاح.
وقال : "بدلاً من أن يذهبوا لتحرير تعز في الحوبان وغيرها، يعودون للخلف لقتال المحرر، فقط لأنه لا ينتمي إلى حزب معين، فالحزبية وسيلة وليست غاية".
وأبدى طارق صالح استغرابه الشديد من شرعية "ترفض أن تتشارك مع من حرروا معها عدن ومختلف الجبهات في الساحل وفي غيره"، "بل بدأوا يهاجمون التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، الذي أنقذهم وتدخل معهم بكل إمكانياته".
وتساءل: "من يهاجمون التحالف اليوم إلى أين أنتم ذاهبون؟! من داخل دول التحالف تهاجمون التحالف.. استحوا.. من آواكم ومن حماكم ومن رعاكم ومن مولكم؟".
وتدعم الإمارات العربية المتحدة العميد طارق محمد صالح الذي انضم لقتال الحوثيين في ديسمبر 2017 بعدما كان حليفاً لهم منذ مارس 2015، وذلك عقب مقتل عمه الرئيس علي صالح في منزله على يد الحوثيين. وشكل العميد طارق بدعم إماراتي عدداً من الألوية العسكرية أسماها "حراس الجمهورية" تقاتل الحوثيين في الساحل الغربي لليمن ضمن قوات يمنية مشتركة تضم ألويته وألوية العمالقة التابعة للمقاومة الجنوبية، وألوية المقاومة التهامية، وجميعها مدعوم من الإمارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
ويدور في اليمن للعام الخامس على التوالي، صراع دموي على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية والإمارات، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية منذ أواخر العام 2014.
البنادق في وجه الحوثي
نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل العميد طارق صالح، جدد التأكيد أن قواته "لم توجه بنادقها إلا إلى الحوثي" .. وقال "لا نريد أن ننجر إلى معارك أخرى، قواتنا تعرف بوصلتها ولن تنجر إلى قتال جانبي ولن تعود إلى الوراء ولن تذهب لتحرير المحرر.. هدفنا تحرير الحديدة والعاصمة صنعاء وصعدة واستعادة الدولة".
ومضى قائلاً "استكمال تحرير مدينة الحديدة أمر لابد منه ولن يطول صبرنا على مماطلات المليشيات الحوثية ومحاولاتها التملص من تنفيذ اتفاق ستوكهولم.. نحن مع السلام ويدنا على الزناد ، فالحديدة قادمة.. قادمة ولو طال ستوكهولم".
وشدد على "ضرورة إصلاح الشرعية وإيجاد شراكة وطنية حقيقية لمواجهة المليشيات الحوثية واستعادة الدولة المختطفة" حد تعبيره.
الشرعية شرعية مؤسسات
وأردف طارق صالح: "نريد تحالفاً حقيقياً يضم كل أبناء اليمن تحت مظلة شرعية الدستور والقانون ومجلس النواب الشرعية الدستورية الحقيقية.. نريد إصلاح المؤسسات.. نريد إصلاح الشرعية لتكون على قلب رجل واحد تحت راية واحدة، مالم فاتركونا نقاتل.. اتركونا نخوض معركتنا هنا في الساحل الغربي.. بنادقنا لن توجه لغير الحوثي.. لا تفتعلوا لنا أزمات".
وخلال نحو أربع سنوات ونصف، لم تتمكن قوات "الشرعية" اليمنية التي يسيطر عليها حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) من السيطرة على أجزاء كبيرة من محافظات البلاد واقعة تحت سلطة الحوثيين، وذلك رغم وقوف تحالف عسكري مكون من نحو 17 دولة إلى جانب "الشرعية" اليمنية، فيما يؤكد محللون ومراقبون وسياسيون أن السبب هو فساد الشرعية اليمنية وفشلها في إدارة شؤون البلاد.
ويسود في أغلب مناطق اليمن سيما المحافظات الجنوبية احتقان وغضب واسع ضد قوى حزب الإصلاح التي تهيمن على القرار في الرئاسة والحكومة اليمنية "الشرعية". وتتهم قوى سياسية يمنية أبرزها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات، حزب الإصلاح بعدم جديته والتخاذل والتراخي في جبهات القتال ما أدى إلى عدم التمكن من الحسم العسكري ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله).
ويؤكد مراقبون ومتابعون سياسيين يمنيون أن الجزء الأكبر من قوات الحكومة المعترف بها دولياً والوحدات العسكرية التي تدين بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين، تسير وفق أجندات لا تخدم هزيمة الحوثيين، وتنفذ خطط الجماعة وأهدافها.
وشدد المحلل والكاتب السياسي عادل الشجاع عضو اللجنة العامة بحزب المؤتمر الشعبي العام، على أن القوة العسكرية بحاجة إلى إعادة صياغة الشرعية وتفعيل المبادرة الخليجية، بإضافة ملحق إليها يقضي بنقل السلطة من الرئيس إلى نائب تتوافق عليه مكونات المجتمع المدني جميعها، لأن المحيطين بالرئيس عبد ربه منصور والذين ينتمون إلى حزب الإصلاح يعرقلون ذلك المقترح حتى بعد أن اختصروا الشرعية في شخص الرئيس عبد ربه منصور وليس في مؤسسات الدولة.
وتوقع الشجاع في حديث لصحيفة العرب " اللندنية " السبت، أن يقوم التحالف العربي خلال الفترة المقبلة بتعيين حكومة شراكة وطنية بدلاً عن الحالية، ورهن هذه الخطوة بإقامة حوار شامل بين جميع المكونات السياسية داخل اليمن، وعدم إقصاء أي طرف، وتقوم على أسس الجمهورية اليمنية ليكون التركيز بشكل أساسي على تحرير محافظات الشمال من جماعة الحوثيين، وبعدها ينطلق حوار وطني حول الاستمرار في الوحدة أو انفصال دولة الجنوب.
وذهبت دوائر سياسية إلى التأكيد على أن الإصلاح يحبط محاولات إعادة التوازن لمؤسسات الشرعية، بما يؤدي إلى إشراك جميع الأطراف والمكونات الفاعلة في المشهد اليمني، ويواجه ذلك بالمزيد من التصعيد واتخاذ المواقف الأحادية، وظهر في رفضه لقاء أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي الذين زاروا جدة مؤخرا.
واعتبر الشجاع، أن حزب الإصلاح يمتلك القرار الأكبر داخل الشرعية، والرئيس عبد ربه منصور هادي يتمسك بتلك المعادلة كي يجري تعليق شماعة الفشل على هذا الحزب وليس على شخصه، في المقابل استفادت ذراع الإخوان المسلمين في اليمن من تلك المعادلة بعد أن وظّفت هذا النفوذ لصالحها، وليس من أجل المصلحة الوطنية أو استعادة الشرعية.
وقال الشجاع إن أحداث عدن الأخيرة كشفت تفكك ما يسمى بالجيش الوطني الذي صاغه الإصلاح ليسيطر عليه بعد أن استسلم في غضون ساعات قليلة، وهو ليس بجيش دولة لكنه أقرب إلى الميليشيات، التي تتبع جهة معينة وليس لمؤسسات الدولة، كما أن معسكرات عدن التي خسرها الإصلاح غير تابعة للدولة ويتواجد فيها أفراد يؤمنون بالعمل المناطقي والطائفي، حد تعبيره.