تحدثت وكالة "رويترز" يوم الخميس عن تداعيات خلخلة العلاقات بين السعودية والإمارات اللتان تقودان تحالفاً عسكرياً دعماً للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته المعترف بها دولياً في حربهما ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران، مشيرة إلى وجود شرخ في هذا التحالف.
ونقلت رويترز في تقرير لها، عن مصادر وصفتها بالمطلعة قولها إن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز "خطا هذا الشهر في قصره بمكة خطوة غير مألوفة فأبدى انزعاجه الشديد من الإمارات".
وأوضحت أن انزعاج الملك جاء خلال لقائه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في 11 أغسطس، حيث كانت قوات الأخير قد منيت بهزيمة على أيدي قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من الإمارات عندما انقلب الطرفان المتحالفان اسمياً في جنوب البلاد على بعضهما بعضاً في صراع على السلطة.
وأضافت رويترز "يبدو أن هذا التعليق دليل على وجود شرخ في التحالف الذي يقوده عملياً نجل الملك الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، والحاكم الفعلي للإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان".
وأكدت أن "المصدر المباشر للتوتر بين البلدين هو حرب اليمن الطاحنة"، لافتة إلى أنه "منذ أشهر تتزايد الاحتكاكات بسبب هذا الصراع الذي كان من المنتظر في بدايته أن يستمر بضعة أسابيع لكنه طال لسنوات وسقط فيه عشرات الآلاف ولا تبدو له نهاية في الأفق".
واستطردت رويترز في تقريرها "أما السبب الأشمل فهو القرار الذي يبدو أن الإمارات اتخذته بالتحول لخدمة مصالح وطنية أضيق وإظهار نفسها في صورة الشريك الأكثر نضجاً الذي بمقدوره تحقيق استقرار المنطقة حتى إذا كان المغزى من وراء ذلك تقليص الخسائر والمضي قدماً من دون الرياض".
وقالت رويترز "يبدو أن الإمارات حريصة أيضاً على إنقاذ صورتها في واشنطن حيث أدى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي إلى تعميق المخاوف من تحول السياسة الخارجية التي تنتهجها المملكة إلى الاندفاع والنزوع للتدخل".
وقال مصدر مطلع "الإمارات تريد أن تظهر بمظهر الدولة الصغيرة التي تيسر تحقيق السلام والاستقرار لا التابع لطرف سعودي يبدو منتصراً وينزع للتوسع".
وأضاف المصدر "الأمر بشكل من الأشكال تقديم مصالحهم، لأنهم يعتقدون أنه إذا كانت السعودية تنزع للتوسع فستبتلعهم".
من جهته قال مسؤول سعودي، إن "السعودية والإمارات لا تزالان متوافقتين استراتيجياً فيما يتعلق بمصادر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وتتعاونان تعاوناً وثيقاً جداً للتصدي لمجموعة واسعة من التهديدات الأمنية في المنطقة وخارجها. العلاقات الثنائية بين البلدين وطيدة".
وفي وقت سابق قال مسؤول في الإمارات لرويترز إن البلدين "متوافقان تماما" فيما يتعلق باليمن وإيران وإن التهدئة هي السبيل الوحيد لتحقيق تقدم.
وتطرق تقرير رويترز إلى قرار الإمارات في شهر يونيو الماضي بتقليص وجودها العسكري في اليمن، معتبراً أن أبو ظبي قيدت الرياض بحرب مكروهة بدأتها لتحييد الحوثيين ومنع إيران من تعزيز نفوذها على الحدود.
وقال مسؤول إماراتي كبير إن تلك الخطوة كانت تطوراً طبيعياً بسبب اتفاق ستوكهولم المبرم بين طرفي الصراع بشأن مدينة الحديدة الساحلية غربي اليمن.
وبحسب رويترز، فإن "بعض الدبلوماسيين يقولون إن الإمارات قبلت فكرة أنه لا يوجد حل عسكري للصراع وإنها تشعر بالحساسية للانتقادات الموجهة للكارثة الإنسانية والضربات الجوية التي يشنها التحالف وأسفرت عن مصرع مدنيين وعجل تزايد التوترات الخاصة بإيران بهذا القرار".
وقال دبلوماسي غربي "لم يُستقبل ذلك بطريقة إيجابية. فقد شعر السعوديون بأنهم جرى التخلي عنهم".
وقال دبلوماسي آخر إن العلاقة بدأت تتصدع وإن "مصالحهما الاستراتيجية متشابهة لكنها ليست متطابقة تماماً".
كما هونت الإمارات من شأن الانقسامات بعد أن سيطر انفصاليون تدعمهم على مدينة عدن، مقر حكومة هادي المؤقتة، هذا الشهر لكنها لم تطلب منهم التخلي عما سيطروا عليه وانتقدت حكومة هادي ووصفتها بأنها ضعيفة وغير فعالة.
ويدور في اليمن للعام الخامس على التوالي، صراع دموي على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية والإمارات، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية منذ سبتمبر 2014 ما أنتج أوضاعاً إنسانية صعبة، جعلت معظم سكان هذا البلد الفقير بحاجة إلى مساعدات عاجلة، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم".
وتسبّب الصراع في مقتل وجرح عشرات آلاف الأشخاص، وتؤكد الأمم المتحدة أن أكثر من 24 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 ملايين شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبل.