أعرب مجلس الأمن الدولي اليوم الخميس عن القلق بشأن التطورات الأخيرة في جنوب اليمن، داعياً الأطراف المعنية إلى التحلي بضبط النفس والحفاظ على السلامة الإقليمية لليمن.
وعبر المجلس في بيان رئاسي عن قلقه أيضاً من محاولة السيطرة على مؤسسات الدولة في جنوب اليمن باستخدام العنف.
المجلس رحب "بالجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية من أجل عقد حوار في جدة لتسوية الوضع"، معرباً عن "تأييده لها تأييداً كاملاً"، داعيا الأطراف إلى التعاون بصورة بناءة حتى تتكلل تلك الجهود بالنجاح.
وفيما يتعلق بالصراع الدائر في البلد للعام الخامس على التوالي دعا مجلس الأمن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين (أنصار الله) إلى التعاون مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة بصورة بناءة ومستمرة.
وقال المجلس إنه "يؤيد تأييد كاملاً الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص للعمل مع الطرفين من أجل تمهيد الطريق لاستئناف مفاوضات شاملة، دون تأخير، بشأن الترتيبات الأمنية والسياسية اللازمة لإنهاء النزاع واستئناف الانتقال السلمي".
وأكد دعمه للتوصل إلى تسوية سياسية يشارك فيها جميع الأطراف في إطار حوار جامع لحل الخلافات ومعالجة الشواغل المشروعة لجميع اليمنيين، بما في ذلك سكان الجنوب، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وفي بيانه الرئاسي، دعا مجلس الأمن مرة أخرى "جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك فيما يتعلق بضمان حماية المدنيين، سيما الأطفال، وتيسير وصول المنظمات الإنسانية، وبالالتزامات المترتبة عليها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، حسب الاقتضاء".
وشدد مجلس الأمن على ضرورة ضمان "المساءلة" عن الانتهاكات في اليمن.
وأدان مجلس الأمن "بأشد العبارات تصعيد الحوثيين لهجماتهم على البنية التحتية المدنية في المملكة العربية والسعودية" ودعاهم إلى "وقفها فوراً دون شرط مسبق".
واعتبر "أن هذه الهجمات، التي تسببت في قتل المدنيين وجرحهم وتعريضهم للخطر، تشكل تهديداً خطيراً للأمن الوطني للمملكة العربية السعودية، وكذلك تهديداً للأمن في المنطقة على نطاق أوسع، وتهدد بتقويض العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة."
كما رحب مجلس الأمن بالاجتماع البناء الذي عقدته لجنة تنسيق إعادة الانتشار بمحافظة الحديدة غربي اليمن في 14 و15 يوليو الماضي وبتجديد الطرفين التزامهما بتنفيذ المرحلة الأولى من مفهوم عمليات إعادة الانتشار.
ودعا الطرفين إلى "التعاون البناء مع المبعوث الخاص فيما يتعلق بمقترحاته الداعية إلى تنفيذ المرحلة الأولى دون مزيد من التأخير".
وشدد المجلس على ضرورة تحرك بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة صوب تحقيق انتشارها الكامل، مكررا دعوته الطرفين، "لكفالة تنقل أفراد البعثة ونقل معداتها إلى اليمن وداخله بسرعة ودون عراقيل".
وأشار مجلس الأمن إلى "خطورة" الحالة الإنسانية في اليمن، مجدداً دعوته جميع الأطراف إلى تيسير وصول العاملين في المجال الإنساني والتدفقات من الإمدادات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والوقود، بشكل آمن وبدون عراقيل، من أجل الحيلولة دون تحويل وجهة المساعدة الإنسانية، وضمان التشغيل الفعال والمستمر لجميع الموانئ اليمنية وإتاحة طرق الوصول براً إلى جميع أنحاء البلاد.
وفي هذا السياق، دعا المجلس إلى سد العجز في تمويل الاستجابة الإنسانية.
وتطرق إلى التحديات الجسيمة التي يواجهها الاقتصاد المتهالك في اليمن، مرحباً باستمرار التقدم المحرز في جهود الحكومة اليمنية "الشرعية" من أجل تثبيت الريال اليمني، وبالودائع التي قدمتها السعودية للبنك المركزي لدعم استيراد السلع الغذائية الأساسية، مُشجعاً على تجديد هذا التمويل من أجل تثبيت سعر صرف الريال.
وأكد مجلس الأمن في ختام بيانه الرئاسي، أهمية مشاركة النساء مشاركة كاملة وفعالة ومجدية، وإشراك الشباب على نحو مجدٍ في العملية السياسية. ودعا طرفي الصراع إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة في وفودهما إلى 30 في المئة، وذلك بإضافة عضوات إلى وفودهما إذا لزم الأمر.
ويعيش اليمن منذ زهاء أربع سنوات ونصف، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ سبتمبر 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية.
واتفقت حكومة "الشرعية" وجماعة الحوثيين خلال مشاورات للسلام في السويد جرت في ديسمبر 2018 برعاية الأمم المتحدة، على وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر وإعادة انتشار قواتهما من ميناء ومدينة الحديدة ومينائي الصليف ورأس عيسى، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ الثلاثة، مع إرسال بعثة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة ذلك، بالإضافة إلى تبادل كافة الأسرى لدى الطرفين وتخفيف حصار الحوثيين على مدينة تعز.
لكن الاتفاق الذي كان من المفترض الانتهاء من تنفيذه في يناير الماضي، تعثر حتى الآن وسط تبادل الطرفين للاتهامات بعرقلة التنفيذ.
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أعلن يوم الأربعاء أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين (أنصار الله) وافقا على مقترحه بشأن تنفيذ اتفاق الحديدة، وأن الأطراف المعنية ستجري المزيد من المناقشات في الاجتماع المقبل للجنة تنسيق إعادة الانتشار الذي سيعقد على متن سفينة تابعة للأمم المتحدة خلال يومين.