أعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، مساء الثلاثاء، أن طهران ستبدأ يوم الخميس "خطوتها الثالثة" لتقليص التزامها بشروط الاتفاق حول برنامجها النووي.
ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء شبه الرسمية عن ظريف قوله إن طهران ستقلص مزيداً من التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع القوى العالمية عام 2015، ما لم تتحرك الدول الأوروبية لإنقاذ الاتفاق بحلول الخميس، لكنه أكد في الوقت نفسه أن تنفيذ هذه الخطوة لا يعني نهاية المحادثات مع الأوروبيين.
وأضاف وزير الخارجية الإيراني أن الرئيس حسن روحاني سيعلن قريباً تفاصيل خفض الالتزام.
وتحاول إيران وثلاث دول أوروبية " فرنسا وألمانيا وبريطانيا "، إنقاذ الاتفاق الذي أُبرم في يوليو 2015 والمخصص لوضع حد للبرنامج النووي الإيراني، بعد الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة منه في مايو 2018 وإعادة فرض عقوبات اقتصادية أمريكية غير مسبوقة على إيران.
وفي وقت سابق الثلاثاء، رفض الرئيس الإيراني حسن روحاني إجراء مفاوضات ثنائية مع الولايات المتحدة ، وحذر من أن بلاده ستخفّض كما كان مقرراً، التزاماتها بموجب الاتفاق النووي ما لم يحصل اختراق في المباحثات مع الأوروبيين في غضون يومين.
ولم تكفّ التوترات عن التصاعد بين طهران وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي انتهجت منذ انتخابها سياسة معادية جداً حيال إيران المتهمة بحيازة السلاح الذري رغم نفيها للأمر.
لكن في أواخر أغسطس المنصرم، أثناء قمة مجموعة السبع في فرنسا، تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأمريكي دونالد ترامب عن احتمال عقد لقاء بين هذا الأخير وروحاني على هامش الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة التي يُفترض أن تُعقد في سبتمبر الحالي في نيويورك.
وعن احتمال عقد مثل هذا اللقاء، قال روحاني أمام مجلس الشورى "ربما حصل سوء فهم".
وأضاف "قلنا ذلك مرات عدة ونكرره: (لم يتمّ اتخاذ) أي قرار بعقد مفاوضات ثنائية مع الولايات المتحدة"، مستطرداً "من حيث المبدأ، لا نريد مفاوضات ثنائية مع الولايات المتحدة".
إلا أنه أشار إلى احتمال عقد محادثات مع واشنطن "كما حصل في الماضي" بشأن المسائل النووية، في إطار صيغة 5+1، في حال رفعت الولايات المتحدة عقوباتها.
وتمارس واشنطن أكبر قدر من الضغوط على الجمهورية الإسلامية لدفعها إلى التفاوض من جديد حول اتفاق أكثر صرامة، وتندد بتدخل طهران "المزعزع للاستقرار" في الشرق الأوسط.
والدول الستّ الكبرى هي البلدان الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الصين وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا) بالإضافة إلى ألمانيا أي الدول التي تفاوضت بشأن الاتفاق حول النووي الإيراني الذي أنهى سنوات من التوترات بين إيران والمجتمع الدولي.
وأعلنت إيران في 8 يوليو الفائت، أنها تجاوزت بالفعل معدل إنتاجها من اليورانيوم المخصّب بنسبة درجة أعلى من الحدود المسموح بها في الاتفاق النووي والمحدد بـ3.67 في المائة، وهو ما أكدته في ذلك اليوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكانت طهران أعلنت في 20 مايو الماضي، رفع مستوى إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب لأربعة أمثاله وذلك بعد أسبوع من توقف طهران رسمياً عن بعض الالتزامات بموجب الاتفاق النووي.
ويسمح الاتفاق النووي لإيران بإنتاج 300 كيلوجرام من اليورانيوم منخفض التخصيب ويمكنها نقل الكميات الزائدة خارج البلاد للتخزين أو البيع.
وقالت إيران إن الحد الأقصى للإنتاج لم يعد ملزماً عليها بعد أن قلصت التزاماتها رداً على انسحاب الولايات المتحدة أحادي الجانب من الاتفاق.
وأمهلت طهران حينها، الدول الأوروبية المشاركة بالاتفاق 60 يوماً للوفاء بتعهداتها تجاه إيران بموجب الصفقة.
وهددت إيران، بإجراءات إضافية إذا لم تحمها القوى العالمية من العقوبات الأمريكية، لإيجاد آلية للتبادل التجاري ونظم المدفوعات الدولية، في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، بغية إخراج قطاعيها المصرفي والنفطي من عزلتهما الناجمة عن العقوبات الأمريكية تحت طائلة تعليقها تنفيذ تعهدات أخرى واردة في الاتفاق النووي.
و أبلغت إيران الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا في الثامن من شهر مايو بقرارها التوقف عن التقيد ببعض التزاماتها بموجب الاتفاق وتوقيف الحد من مخزونها من المياه الثقيلة واليورانيوم المخصب والذي كانت تعهدت به بموجب الاتفاق النووي.
وأعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن طهران ستتوقف عن بيع الماء الثقيل واليورانيوم المخصب اعتبارا من اليوم نفسه وعلى مدار 60 يوما، مانحا الدول الأوروبية الفترة نفسها للتفاوض. ومشددا في الوقت ذاته على أن انهيار الاتفاق النووي "خطر على إيران والعالم".
إشارة إيرانية سيئة
في السياق قال مصدر دبلوماسي فرنسي يوم الثلاثاء إن إيران سترسل "إشارة سيئة" إذا قررت مرة أخرى تقليص التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي الإيراني في نهاية الأسبوع، كما هدد الرئيس حسن روحاني.
وأضاف المصدر الذي يشارك في المفاوضات بين طهران وواشنطن لخفض التوتر بين البلدين أن مثل هذا القرار "سيجعل العمل أكثر تعقيدا لكن الضرورة ذاتها تبقى قائمة لأنه ليس هناك من طريقة أخرى للخروج من التصعيد الحالي غير ما نقترحه".
بينما قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ، يوم الثلاثاء إنه "لا يزال هناك الكثير مما يتعين تسويته" في المفاوضات بين الدول الأوروبية وإيران لمحاولة إنقاذ الاتفاق النووي مع إيران.
وذكر لودريان أمام جمعية الصحافة الدبلوماسية "ما زال هناك الكثير الذي يتعين القيام به، لا يزال الأمر هشاً للغاية".
وانسحبت واشنطن في مايو العام الماضي، من جانب واحد من الاتفاق النووي، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية دخلت حيز النفاذ على دفعات اعتبارا من أغسطس 2018 ما تسبب في نشوب أزمة كبيرة بين إيران وأمريكا.
ورفضت باقي الدول الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني، وهي روسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، الانسحاب من الاتفاق، وأكدت مواصلة التزامها به.
وأدى الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في فيينا في عام 2015 إلى الحد بشكل كبير من أنشطة إيران النووية، من أجل منع البلاد من صنع أسلحة نووية.
وبموجب الاتفاق، تم رفع العقوبات الغربية ضد إيران مقابل القيود النووية، لكن الولايات المتحدة أعادت تدريجياً فرض العقوبات العام الماضي، بما في ذلك فرض حظر على صادرات النفط الإيرانية.