قالت صندوق الأمم المتحدة للسكان، اليوم الأربعاء، إنه سيضطر خلال شهر سبتمبر الجاري إلى إغلاق 175 من أصل 268 منشأة صحية في اليمن يدعمها الصندوق حالياً بخدمات الصحة الإنجابية.
وأكد الصندوق في تغريدة على "تويتر"، أن ذلك "يشكل تهديداً مباشراً لأكثر من مليون امرأة حامل ومرضعة تحتاج إلى علاج فوري لسوء التغذية الحاد والمساعدة الطبية".
وختم الصندوق تغريدته بهشتاق يقول "الوفاء بالتعهدات ينقذ الأرواح"، في إشارة منه إلى أن سبب إغلاق ذلك العدد الكبير من المنشآت الصحيفة يعود إلى نقص التمويل نتيجة عدم إيفاء الدول المانحة بتعهداتها تجاه الأزمة الإنسانية في اليمن والتي تعتبره الأمم المتحدة "الأسوأ في العالم" نتيجة الحرب الدائرة في هذا البلد الفقير منذ زهاء أربع سنوات ونصف.
وخلال الشهرين الماضيين، انتقدت الأمم المتحدة ووكالاتها، عدم إيفاء الدول المانحة وفي مقدمتها السعودية والإمارات بالتعهدات التي قطعتها خلال مؤتمر للمانحين احتضنته جنيف خلال فبراير الماضي لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن.
وأمس الثلاثاء، قالت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، إن 30 ألف مريض بالسرطان في اليمن يواجهون خطر الموت بسبب انقطاع التمويل.
وذكر مكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن في تغريدة بتويتر، أنه "لا ينبغي أن يعد السرطان بمثابة عقوبة إعدام لكنه في اليمن أصبح كذلك".. محذرا من أن عدم توفير علاج السرطان سيتسبب في خسارة العديد من الأرواح بسبب هذا المرض.
وقال مكتب المنظمة العالمية إن توفر علاج مرض السرطان في اليمن خياراً غير متاحاً لـ30 ألف مريض بالسرطان بمن فيهم 12 في المئة من الأطفال الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج، بسبب توقف التمويل.
ويعيش اليمن منذ زهاء أربع سنوات ونصف، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية ومعها الإمارات، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ سبتمبر 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية.
وفي 21 أغسطس المنصرم، حذرت الأمم المتحدة من أن 22 برنامجاً منقذاً للأرواح سيضطر للتوقف في اليمن خلال الشهرين المقبلين إذا لم تتلقَ التمويل اللازم الذي تعهدت عدة دول بتوفيره لصالح اليمن.
وتعهد المانحون خلال فبراير الماضي، بتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بمبلغ 2.6 مليار دولار لتلبية الاحتياجات العاجلة لأكثر من 20 مليون شخص، وتم حتى الآن استلام أقل من نصف هذا المبلغ وفقاً لبيان صدر عن مكتب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن.
وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي في بيان يوم 21 أغسطس المنصرم: "نحن في حاجة ماسة إلى الأموال التي تم قطع وعود بتقديمها. ويموت الناس عندما لا تأتي هذه الأموال".
وذكر البيان أن ثلاثة برامج فقط من أصل 34 برنامجاً إنسانياً رئيسياً للأمم المتحدة في اليمن تم تمويلها للعام بأكمله، وأنه سيتم إغلاق 22 برنامجاً منقذاً للأرواح في الشهرين المقبلين ما لم يتم تلقي التمويل.
وأضاف: "أُجبر العديد من هذه البرامج على الإغلاق في الأسابيع الأخيرة، ولم تتمكن العديد من المشاريع الكبيرة، المصممة لمساعدة الأسر الفقيرة والجائعة، من أن تبدأ أعمالها".
وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بـ"الأسوأ في العالم"، وتؤكد أن أكثر من 24 مليون يمني، أي ما يزيد عن 80 بالمئة من السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، فيما يعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.
وفي 18 يوليو الماضي، كشف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، عن أن الدول المانحة في التحالف العربي الذي تقوده السعودية، لم تدفع سوى نسبة ضئيلة من تعهداتها المالية لدعم الجهود الإنسانية في اليمن.
وقال لوكوك خلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي، إن "أولئك الذين قدموا أكبر تعهدات - جيران اليمن في التحالف- لم يدفعوا حتى الآن سوى نسبة متواضعة مما وعدوا به"، في إشارة إلى تعهدات السعودية والإمارات اللتان تقودان تحالفاً عسكرياً لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في قتالها للعام الخامس على التوالي ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران.
وتحدث المسؤول الأممي عن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن التي تعهد المانحون بتقديم مبلغ 2.6 مليار دولار في فبراير/شباط لصالحها، مبيناً أنه "على الرغم من أن غالبية المانحين دفعوا أكثر من 75 في المئة من تعهداتهم، إلا أنه لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه، حيث وصلت المدفوعات الآن إلى 34 في المئة فقط من المبلغ الموعود".
ولفت المسؤول عن الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، إلى أن "الوكالات الإنسانية بدأت بتعليق بعض حملات التطعيم المنتظمة التي تستهدف 13 مليون شخص في اليمن، بمن فيهم 200 الف رضيع. كما توقف العمل في 30 مركز تغذية جديد في المناطق التي تشهد أسوأ مستويات الجوع".
وأشار إلى أن "ما يصل إلى 60 مركزاً من مراكز التغذية في اليمن، قد تغلق في الأسابيع المقبلة، ما يعرض ما لا يقل عن سبعة آلاف طفل يعانون من سوء التغذية إلى خطر الموت الفوري". وتوقع أن تغلق الوكالات الأممية 21 برنامجا رئيسياً آخر.