تظاهر عشرات الآلاف من مؤيدي "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي المسلح في مدينتي عدن والمكلا جنوبي وشرقي اليمن، اليوم الخميس، تأييداً لدولة الإمارات العربية المتحدة الداعمة الرئيسية للمجلس الساعي لانفصال جنوبي اليمن عن شماله.
جاءت هاتين التظاهرتين تلبية لدعوة المجلس الانتقالي الجنوبي، لحضور ما أسماه "مليونية الوفاء للأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول التحالف، وتأييداً للخطوات التي قام بها المجلس لمكافحة العناصر الإرهابية المتسترة تحت غطاء ما يسمى بالشرعية اليمنية". ويقصد الانتقالي الجنوبي بـ"العناصر الإرهابية المستترة..." حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) الذي يسيطر على مقاليد القرار في الرئاسة اليمنية والحكومة المعترف بها دولياً.
وهدفت التظاهرتان، بحسب المنظمين، إلى الرد على ما أسموه "افترءات وأكاذيب تحاول النيْل من دور دولة الامارات العربية على الصعيدين الإنساني والعسكري في اليمن من قبل وزراء وأطراف في الحكومة الشرعية وحزب الاصلاح".
ورفع المحتشدون الذين تجمعوا في الشارع الرئيسي بمديرية المعلا في قلب مدينة عدن أعلام دولة الإمارات والشيخ زايد وأولاده خليفة ومحمد وأعلام دولة اليمن الجنوبي السابقة. وأقيمت التظاهرة وسط إجراءات أمنية مشددة من قوات تابعة للانتقالي الجنوبي.
واستغل انفصاليون جنوبيون الحرب في اليمن، وعززوا حضورهم بدعم الإمارات التي دعمت إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو ٢٠١٧، ودربت وسلحت قوات محلية تابعة للمجلس تمكنت في 10 أغسطس المنصرم من السيطرة على مدينة عدن بعد معارك عنيفة استمرت أربعة أيام مع قوات الحكومة اليمنية الشرعية التي اعتبرت ذلك "انقلاباً آخر" من الإمارات في عدن التي تتخذها عاصمة مؤقتة للبلاد، وذلك بعد "انقلاب الحوثيين" عليها في صنعاء لتصبح هذه الحكومة بلا عاصمة.
وتعد الإمارات ثاني أهم دول تحالف عربي عسكري تقوده السعودية لدعم الحكومة الشرعية في اليمن، وينفذ منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية دعماً لقوات الرئيس عبدربه منصور هادي في قتاله ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي لا تزال تسيطر على العاصمة صنعاء وغالبية المناطق في شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية.
وأصدرت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي بيان اعتبرت فيه هذه التظاهرتين "الخطاب البالغ الدلالة عن الاعتزاز الكامل بالمواقف المشرفة للأشقاء في دولة الامارات العربية المتحدة، وهو الجهد المأمول للمضي نحو الشراكة بما يحقق تطلعات أُمتنا العربية في العزة والآباء ورفض مشاريع التنكيل والارهاب".
وقال البيان: "نؤكد للعالم أجمع اعتزازنا بمواقف التحالف العربي وبدولة الامارات قيادة وحكومة وشعباً، عازمون على عهد كتبناه بدماء خيرة شباب الامارات وشباب الجنوب بالمضي قدماً، في مجابهة مشاريع الطغيان والارهاب والتطرف حتى النصر".
وخلال تظاهرة عدن، قال عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، رئيس جمعيته الوطنية، أحمد بن بريك، إن "المجلس يسعى في نهاية المطاف لتحقيق حلم شعب الجنوب في إقامة فيدرالية حديثة ونؤكد لكم أنه ضمن أدبياتنا ورؤانا المعمدة بدم الشهداء سنشكل دولة النظام والقانون والعدل من خلال قيام الأقاليم للمحافظات الجنوبية".
وأكد بن بريك على "الموقف الثابت للمجلس إلى جانب شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي ومع التحالف العربي ومكافحة الإرهاب من خلال وجود وثبات قوات المقاومة والقوات المسلحة الجنوبية والحزام والنخب الموجودة على الأرض في جبهات القتال" حد تعبيره.
وأضاف: "نحن دعاة سلام ونمد أيدينا إليكم مع قوات التحالف العربي لتقديم أوجه الدعم المعنوي والعسكري من أجل الخلاص من هيمنة العصابات الموتورة التي أعطت ولائها لإيران وقوى إقليمية أخرى في المنطقة".
تأتي التظاهرتان بالتزامن مع الذكرى الرابعة لمقتل 45 جندياً إماراتياً عندما استهدفت جماعة الحوثيين (أنصار الله) في 4 سبتمبر/أيلول 2015 بصاروخ توشكا معسكر اللواء 107 مشاة في منطقة صافر بمحافظة مأرب شمالي اليمن، ما أدى أيضاً إلى مقتل 10 جنود سعوديين، و5 جنود بحرينيين، و32 جندياً يمنياً.
وعلى إثر ذلك الهجوم قررت الإمارات الانسحاب من مأرب بعد إن اتهمت حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) بالخيانة والغدر وتزويده الحوثيين بإحداثيات موقع الهجوم.
كما تأتي التظاهرتان وسط استمرار تصاعد الانتقادات من قوى حزب الإصلاح النافذة والمسيطرة على قرار الحكومة اليمنية "الشرعية" ضد دولة الإمارات لاسيما بعدما استهدفت مقاتلات إماراتية الأسبوع الماضي قوات الحكومة اليمنية خلال تقدمها صوب عدن لاستعادة السيطرة عليها من قوات الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً.
وتصاعدت الدعوات الشعبية والرسمية في اليمن المطالبة بإنهاء مشاركة دولة الإمارات في التحالف العربي عقب قصف طائرات أبوظبي قوات الحكومة اليمنية في أطراف مدينة عدن ومحافظة أبين المجاورة لإيقاف تقدمها المتسارع الساعي لاستعادة السيطرة على عدن.
ودعا الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الخميس الماضي، المملكة العربية السعودية إلى التدخل لإيقاف "التدخل الإماراتي السافر" الذي يدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المسلح بما في ذلك عبر القصف الجوي ضد القوات المسلحة اليمنية. وقال "لن ترهبنا طائرات العابثين المستهدفين لأرضنا وسنستعيد عدن ونبسط نفوذ الدولة فيها".
واستغل انفصاليون جنوبيون الحرب في اليمن، وعززوا حضورهم بدعم الإمارات ثاني أهم دولة في التحالف، وأنشأوا "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يُنصِّبُ نفسه ممثلاً عن المواطنين في جنوبي البلاد ويسعى لفرض سيطرته على جميع مناطق ما كان يُعرف باليمن الجنوبي، غير أنه لا يحظى بتأييد شعبي كامل هناك، سيما مع وجود كيانات أخرى تتحدث باسم "الجنوب"، لكن "الانتقالي" يُعد أبرز تلك الكيانات لما يملكه من ذراع عسكري أنشأته وتدعمه دولة الإمارات.
ورغم زعم الإمارات دعم الحكومة "الشرعية" وتأكيدها على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، إلا أنها تدعم وبقوة إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي وقامت بتسليحه.