أكدت المملكة العربية السعودية، اليوم الخميس، ضرورة استعادة معسكرات ومقرات مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية للحكومة الشرعية اليمنية في مدينة عدن التي سيطر عليها "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي المسلح المدعوم إماراتياً في 10 أغسطس المنصرم، وذلك في أحدث تعليق سعودي رسمي على الأحداث الأخيرة التي شهدها جنوبي اليمن.
وقالت المملكة في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، قبل قليل، إنها "تؤكد على موقفها الثابت من عدم وجود أي بديل عن الحكومة الشرعية في اليمن وعدم قبولها بأي محاولات لإيجاد واقع جديد في اليمن باستخدام القوة أو التهديد بها"، في إشارة إلى فرض الانتقالي الجنوبي سيطرته بالقوة على ثلاث محافظات جنوبي اليمن منذ مطلع أغسطس المنصرم.
وذكر بيان المملكة التي تقود ومعها حليفتها الرئيسية الإمارات، تحالفاً عربياً عسكرياً منذ 26 مارس 2015، دعما للشرعية في اليمن أن السعودية "لن تقبل بأي تصعيد عسكري أو فتح معارك جانبية لا يستفيد منها سوى الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة إيرانياً، والتنظيمات الأخرى المتمثلة في تنظيمي (داعش والقاعدة)".
وفيما تجنب ذكر مسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، أكد البيان على "استمرار المملكة في دعمها للشرعية اليمنية بقيادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته وجهودها الرامية للمحافظة على مقومات الدولة اليمنية ومصالح شعبها وأمنه واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه، والتصدي لانقلاب الميليشيا الحوثية الإرهابية ومكافحة التنظيمات الإرهابية الأخرى" حد تعبيره.
وتوعدت المملكة العربية السعودية في بيانها القوي وغير المسبوق، بأنها "لن تتوانى بالتعامل بكل حزم مع أي محاولة لزعزعة استقرار اليمن، لأن ذلك يُعد تهديداً لأمن واستقرار المملكة والمنطقة".
ودعت المملكة في بيانها "الأطراف التي نشب بينها النزاع في عدن والحكومة الشرعية للانخراط في حوار جدة بالمملكة بشكل فوري ودون تأخير".
وعبرت عن "رفضها التام للتصعيد الأخير والمسار الذي اتجهت إليه الأحداث في عدن، والآثار التي ترتبت عليها، وعدم الاستجابة لندائها السابق بوقف التصعيد، والتوجه نحو الحوار"، مؤكدة على "ما تضمنته البيانات السابقة للملكة التي صدرت منذ بداية الأزمة وضرورة استعادة معسكرات ومقرات مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية للحكومة الشرعية".
وشدد بيان المملكة على "ضرورة الالتزام التام والفوري وغير المشروط بفض الاشتباك ووقف إطلاق النار وأي انتهاكات أو ممارسات تمس بحياة الشعب اليمني الشقيق" حسب قوله.
ولم يصدر المجلس الانتقالي الجنوبي أي تعليق على البيان السعودي حتى لحظة كتابة هذا الخبر.
وتصاعدت الأحداث بين الشركاء في قتال الحوثيين في اليمن، عقب إحكام احكام قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتياً، سيطرتها في 10 أغسطس الجاري، على كامل مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية "الشرعية" عاصمة مؤقتة للبلاد، وذلك بعد اشتباكات عنيفة مع قوات الحكومة، استمرت أربعة أيام أسفرت عن مقتل 40 شخصاً وإصابة 260 آخرين، وفقاً للأمم المتحدة.
وفي اليوم ذاته، طالب التحالف العربي الذي تقوده السعودية لدعم "الشرعية" اليمنية في قتالها للعام الخامس على التوالي ضد الحوثيين، الانتقالي الجنوبي بسحب قواته من المواقع التي سيطر عليها، وهدد بشن ضربات على تلك القوات إن لم تستجب لمطالبه، فيما دعت الرياض طرفي الاقتتال إلى حوار عاجل في المملكة.
ورفض المجلس الانتقالي الانفصالي سحب قواته، لكنه رحب بالدعوة إلى الحوار، فيما رفضت الحكومة اليمنية إجراء أي حوار إلا بعد تنفيذ الانفصاليين لطلب التحالف بسحب قواتهم من المواقع التي سيطروا عليها.
وجاء البيان السعودي القوي، في وقت تستضيف فيه مدينة جدة، محادثات غير مباشرة بين وفد الانتقالي والحكومة اليمنية الشرعية بغية إنهاء الأزمة التي أضرت بتحالف الرياض مع الإمارات الشريك الرئيسي في التحالف، ما يدفع إلى اقتتال جديد في جنوبي البلاد في الحرب متعددة الأطراف، وينذر بتفاقم الانقسام في اليمن، ويعقد جهود إنهاء صراع راح ضحيته عشرات الآلاف وتسبب في "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" وفق الأمم المتحدة.
واستغل انفصاليون جنوبيون الحرب في اليمن، وعززوا حضورهم بدعم الإمارات ثاني أهم دولة في التحالف، وأنشأوا "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يُنصِّبُ نفسه ممثلاً عن المواطنين في جنوبي البلاد ويسعى لفرض سيطرته على جميع مناطق ما كان يُعرف باليمن الجنوبي، غير أنه لا يحظى بتأييد شعبي كامل هناك، سيما مع وجود كيانات أخرى تتحدث باسم "الجنوب"، لكن "الانتقالي" يُعد أبرز تلك الكيانات لما يملكه من ذراع عسكري أنشأته وتدعمه دولة الإمارات.
ودعا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الخميس الماضي، المملكة العربية السعودية إلى التدخل لإيقاف "التدخل الإماراتي السافر" الذي يدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المسلح بما في ذلك عبر القصف الجوي ضد القوات المسلحة اليمنية. وقال "لن ترهبنا طائرات العابثين المستهدفين لأرضنا وسنستعيد عدن ونبسط نفوذ الدولة فيها".
وتصاعدت الدعوات الشعبية والرسمية في اليمن المطالبة بإنهاء مشاركة دولة الإمارات في التحالف العربي عقب قصف طائرات أبوظبي قوات الحكومة اليمنية في أطراف مدينة عدن ومحافظة أبين المجاورة لإيقاف تقدمها المتسارع الساعي لاستعادة السيطرة على عدن.
ورغم زعم الإمارات دعم الحكومة "الشرعية" وتأكيدها على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، إلا أنها تدعم وبقوة إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي وقامت بتسليحه.