أمرت نيابة متخصصة في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين (أنصار الله)، يوم الاثنين، حبس وتغريم صحفي يمني وإيقاف محركه الإخباري، على خلفية قضية نشر في المحرك.
وقالت مصادر إعلامية وصحفية إن نيابة الصحافة والمطبوعات في صنعاء أصدرت أمراً قضى بحبس الصحفي أحمد أحمد الأسدي لمدة عام وتغريمه مبلغ 500 ألف ريال يمني، وإغلاق المحرك الإخباري الذي يملكه "صحافتك".
وذكر الصحفي الأسدي في بلاغ وزعه على وسائل الإعلام مساء الاثنين، أن نيابة الصحافة بصنعاء أصدرت "أمراً جائراً" قضى بإدانته في قضية نشر منسوبة لمحرك "صحافتك" الذي يتداول أخبار المواقع والصحف الالكترونية، رغم كونه ليس ناشراً، وأن المواقع والصحف الالكترونية التي حررت الخبر ونشرته في صحفها تتحمل المسؤولية، وفقاً لقانون الصحافة والمطبوعات.
وأكد الصحفي الأسدي، أن الأمر قضى بحبسه لمدة عام مع النفاذ تبدأ من تاريخ النطق بالأمر يوم الاثنين، مشيراً إلى أنه تم إيداعه الحبس خلافا لقرار منع الحبس في قضايا النشر والرأي، كما قضى الأمر بتغريمه مبلغ وقدره نصف مليون ريال كتعويض وخسائر محاماة للمحكوم له، وكذا إغلاق محرك "صحافتك" الإخباري.
وناشد الأسدي، الجميع بالوقوف والتضامن معه لرفع الظلم الذي وقع به والهادف إلى تكميم الأفواه وقمع الحريات العامة، حسب تأكيده.
ويشكو الصحفيون اليمنيون لاسيما القابعين في مناطق سيطرة الحوثيين، من خنق الحريات من خلال التهديدات والملاحقات والمضايقات التي تمارسها سلطات الحوثيين.
وفي 9 يوليو الفائت، قررت المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا أمن الدولة والإرهاب في بصنعاء إعدام 30 شخصاً معتقلاً لديها يشملون سياسيين ونشطاء وإعلاميين، وذلك "قصاصاً وحداً وتعزيراً" بتهمة "الانتماء لعصابة مسلحة ومنظمة لتنفيذ تفجيرات واغتيالات والتخابر وإعانة العدو"، وفقاً لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بنسختها في صنعاء التي يديرها الحوثيون.
وأحكمت جماعة الحوثيين سيطرتها على المؤسسات الإعلامية والصحفية المملوكة للدولة بعد أن بسطت سيطرتها على العاصمة صنعاء أواخر سبتمبر 2014. وأكبر هذه المؤسسات الإعلامية هي التلفزيون اليمني، الإذاعة، وكالة الأنباء اليمنية سبأ، ومؤسسة وصحيفة الثورة ، كما قيدت الحرية الصحفية في المواقع الالكترونية .
وعملت جماعة الحوثيين على إيقاف الصحفيين اليمنيين الذين اعتبرتهم غير مؤيدين لخطها السياسي عن العمل فيها، ما ضاعف من أوضاعهم المعيشية وتسبب بفقدان أغلبهم لمصدر دخلهم الوحيد الذي يقتاتون وعائلاتهم منه، وأصبحوا يعيشون في ظروف لا إنسانية دفعت بعضهم وعائلاتهم لترك مأواهم.
وتعتقل جماعة الحوثيين 13 صحفياً في سجونها، أغلبهم منذ بدء الحرب قبل أكثر من أربع سنوات ونصف، وترفض الإفراج عنهم، وفقاً لنقابة الصحفيين اليمنيين التي تتعرض لانتقادات من منتسبيها بسبب عدم تحركها من أجل معالجة قضاياهم.
كما يواجه الصحفيون اليمنيون الذين يعيشون في واحدة من "أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم" وفقاً للأمم المتحدة، مخاطراً عديدة تقيد عملهم في ظل الحرب الأهلية ذو الأبعاد الإقليمية وما نتج عنها من مقتل أكثر من 30 صحفياً وإصابة عشرات آخرين خلال السنوات الماضية، واضطر مئات الصحفيين لمغادرة البلد نتيجة التهديدات التي تعرضوا لها.
وأدت الحرب والأزمة الاقتصادية الناتجة عنها إلى توقف أو انهيار غالبية المؤسسات الإعلامية وفقدان مئات الوظائف الصحفية في البلاد.
في الأول من مايو الماضي، طالبت منظمة العفو الدولية جماعة الحوثيين (أنصار الله) في اليمن بالإفراج فوراً عن 10 صحفيين "محتجزين تعسفياً" لديها منذ نحو أربع سنوات، معتبرة احتجازهم "مؤشّراً قاتماً للحالة الأليمة التي تواجهها حرية الإعلام" في البلد الذي يعيش صراعاً دموياً للعام الخامس على التوالي.
وقالت منظمة العفو في بيان على موقعها الإلكتروني حينها "إن الاحتجاز التعسفي لعشرة صحفيين، لمدة تقرب من أربع سنوات على أيدي سلطات الأمر الواقع الحوثية، هو مؤشر قاتم للحالة الأليمة التي تواجهها حرية الإعلام في اليمن".
وإذ طالبت المنظمة "بالإفراج الفوري عنهم عشية اليوم العالمي لحرية الصحافة"، أوضحت أن "الصحفيين العشرة احتجزوا منذ صيف 2015، وتتم محاكمتهم بتهم تجسس ملفقة بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير".
وذكر البيان أنه خلال فترة احتجاز الصحفيين "اختفى الرجال قسراً، واحتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي على فترات متقطعة، وحُرموا من الحصول على الرعاية الطبية، وتعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة".
ويدور في اليمن للعام الخامس على التوالي صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله ) المدعومة من إيران، والتي لا تزال تسيطر العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي اليمن ذات الكثافة السكانية والوظيفية.
واتهمت لجنة حماية الصحفيين الدولية، مراراً، جميع أطراف الصراع في اليمن، بالقيام بانتهاكات واسعة النطاق ضد الصحفيين وحقوق الإنسان ووضع قيود وإجراءات صارمة ضد من ينتقدونها في جميع أنحاء البلاد.
وطالب بيان للجنة، بالإفراج الفوري عن 24 من الصحفيين المختطفين والمعتقلين دون قيد أو شرط وتعويضهم التعويض العادل جراء سنوات الحرمان والتعذيب الشديد الذي تعرضوا له.
كما دعا البيان المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة وأمينها العام والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، للضغط على جماعة الحوثيين للإفراج عن المختطفين لديها ومنهم الـ 10 صحفيين المختطفين منذ أربعة أعوام.