كشف محافظ محافظة شبوة (جنوبي اليمن) محمد صالح بن عديو، اليوم الأربعاء، أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً (الشرعية)، طالبت دولة الإمارات العربية المتحدة الشريك الرئيس في التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن، بسحب قواتها من منشأة بلحاف الاستراتيجية لتصدير الغاز المسال في المحافظة ذاتها.
وقال بن عديو إن الحكومة اليمنية طلبت من القوات الإماراتية الانسحاب من منشأة بلحاف لتصدير الغاز، بعد أن حولتها إلى ثكنة عسكرية.
وأضاف خلال حديثة للصحفيين في شبوة: "خاطبنا الأخوة في التحالف العربي عبر الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة بإخلاء منشأة الغاز في بلحاف كونها تستخدم حالياً كثكنة عسكرية من قبل القوات الإماراتية المرابطة فيها".
وتابع: "طالبنا القوات الإماراتية بالانتقال إلى مكان آخر كوننا نحتاج إلى تشغيل هذه المنشأة، ونريد أن نبعدها عن أي صدام مسلح كونها منشأة سيادية واقتصادية وخدمية للبلد، وهناك إجراءات تسير في هذا الصدد".
وتدير توتال الفرنسية مرفأ بلحاف لتصدير الغاز وهو أكبر منشأة اقتصادية في اليمن. وللمرفأ خطان للإنتاج يبلغ إجمالي طاقتهما 6.7 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال ويتم تصدير معظم الإنتاج إلى آسيا، وذلك قبل الحرب التي اندلعت في اليمن أواخر مارس 2015.
ويصدر المرفأ شحنات غاز بموجب عقود طويلة الأجل إلى كوجاس الكورية الجنوبية وتوتال وجي.دي.إف سويز الفرنسيتين.
وتعطل إنتاج وتصدير النفط والغاز في اليمن بشكل كامل منذ بداية الحرب في أواخر مارس 2015. وقبل ذلك أوقفت جميع الشركات النفطية الأجنبية عملياتها النفطية وغادرت نحو 35 شركة نفطية عالمية البلاد في أعقاب سيطرة جماعة الحوثيين على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014.
وتتواجد قوات إماراتية في منطقة بلحاف ومعها قوات محلية تدعى "النخبة الشبوانية" أنشأتها وتدعمها الإمارات العربية المتحدة وتوالي "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي المسلح المدعوم إماراتياً أيضاً.
وتناصب تلك القوات حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) وجماعات إسلامية متطرفة أخرى العداء، وكانت تلك القوات تسيطر على معظم مديريات محافظة شبوة لكن الأوضاع انقلبت رأسا عن عقب أواخر الشهر الماضي بعد تمكنت قوات حكومية يمنية موالية لحزب الاصلاح، من بسط سيطرتها على أغلب مديريات المحافظة وطرد قوات تابعة للانفصاليين ومدعومة من الإمارات، تراجعت إلى منطقة بلحاف.
وفي ٢ سبتمبر الجاري كشف المتحدث باسم قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن العقيد الركن تركي المالك، أن قوات سعودية وصلت إلى محافظة شبوة لتهدئة الأوضاع وللعمل على خفض التصعيد ووقف النار إثر اشتباكات استمرت عدة أيام بين قوات الحكومة اليمنية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي الساعي لانفصال جنوبي اليمن عن شمالها.
وأشار المتحدث باسم قوات التحالف، حينها، إلى أن لجنة سعودية إماراتية مشتركة عملت على تهدئة الأوضاع في جنوبي اليمن.
محافظ شبوة أكد في تصريحاته الصحفية، اليوم الأربعاء، أن المحافظة لاتزال في حالة حرب، وأن التنمية تحتاج إلى استقرار، لافتاً إلى سعي الحكومة اليمنية لتنشيط القطاع النفطي في شبوة عبر تشغيل قطاع جنة هنت "قطاع 5" وقطاع أوكسي "1S" وربط خط أنبوب جديد بطول 83 كيلومترا يجري العمل فيه منذ أكثر من شهرين وسيتم إنجازه خلال أشهر.
وأوضح أن الخط الجديد سيربط القطاعين بقطاع 4 في عياذ، إضافة إلى نفط العقلة، ليتم ضخ نفط محافظة شبوة إلى ميناء التصدير في النشيمة على البحر العربي، ونفط محافظة مأرب عبر شبوة.
وتُعد محافظة شبوة من محافظات اليمن النفطية والغازية ويوجد فيها أكبر مشروع صناعي في البلاد، مشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، الذي تقوده شركة توتال من بين سبع شركات عملاقة في إدارة محطة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في اليمن بتكلفة 4.5 مليار دولار على بحر العرب.
وكان وزير النفط والمعادن في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أوس عبدالله العود، قال في أواخر يونيو الماضي، إن حكومة بلاده تنفذ حاليا مشروع استراتيجي لمد أنبوب لتصدير النفط في ميناء رضوم في محافظة شبوة جنوبي شرقي البلاد كبديل لميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، والمتوقف منذ بدء الحرب في اليمن قبل زهاء أربع سنوات ونصف.
وذكر الوزير العود في مقابلة بثّتها قناة "الغد المشرق" وقتها، أن العمل يسير على قدما وساق لمد انبوب (84كلم) من مديرية عسيلان إلى الأنبوب الروسي في رضوم بشبوة.
وأكد أن الأنبوب الجديد سيمكن الوزارة من تصدير نفط شبوة ومأرب عبر ميناء رضوم على البحر العربي، وسيكون المشروع الجديد جاهزا بعد 4 أشهر بحسب الاتفاق مع الشركات النمساوية والصينيّة المنفّذة، موضحا أن ميناء رضوم سيكون بديلا لميناء راس عيسى على البحر الأحمر الواقع تحت قبضة الحوثيين.
وأشار وزير النفط اليمني إلى أن تشغيل ميناء رضوم والربط بالأنبوب الروسي القديم، سيحل مشكلة التصدير للنفط اليمني بنسبة 70 بالمئة.
ويُعد قطاع النفط والغاز أهم مورد لمعظم إيرادات الحكومة في اليمن إحدى أشد الدول العربية فقراً. واليمن منتج صغير للنفط وتراجع إنتاجه قبل الحرب لما بين 200 و250 ألف برميل يومياً بعد أن كان يزيد على 500 ألف برميل يوميا في 2007.
وأنتجت اليمن في العام الماضي 2018، نحو ما معدله 50 ألف برميل يومياً، مقارنة مع حوالي 127 ألف برميل يومياً في 2014، وصدر اليمن بعض كميات النفط العام الماضي.
وانزلق اليمن في براثن الحرب والعنف والفوضى منذ أكثر أربع سنوات ونصف، في صراع دموي على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران.