دعا حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن)، إلى تشكيل حكومة مصغرةٍ يتم اختيار أعضاءِها على قاعدة الشراكة والتوافق الوطني وفق الاختصاص والكفاءة والنزاهة لإدارة المرحلة التي نصت عليها المبادرةُ الخليجيةُ وآليتُها التنفيذيةُ وبذل المزيد من الجهود لإصلاح الإختلالات في مؤسسات الدولة اليمنية مدنيةً وعسكرية.
وقال الحزب الذي يسيطر على قرار الرئاسة والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في كلمة لرئيسه محمد عبدالله اليدومي الذي يقيم في العاصمة السعودية الرياض، مساء أمس الخميس، بمناسبة الذكرى الـ29 لتأسيس الحزب، إنه "يدين وبشدة قصف الطيران الإماراتي لقوات الجيش اليمني في محافظتي عدن وأبين والذي خلف مئات من الشهداء والجرحى".
وعبّر عن رفضه لما تبع ذلك القصف من إلقاء تهمة الإرهاب على الجيش الوطني، في إشارة إلى تبرير الإمارات لذلك القصف بأنها قصفت "مليشيات إرهابية دفاعاً عن قوات التحالف".
واعتبر الحزب الإسلامي تبريرات أبو ظبي لقصف الجيش اليمني، "انحرافاً عن أهداف تحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعودية، يستدعي المراجعة والوقوف أمام الإختلالات التي تسببت في تأخير الحسم العسكري ضد جماعة الحوثيين".
وأعرب عن ثقته في "قدرة المملكة العربية السعودية على احتواء تبعات هذا الاعتداء وإنهاء حالة التمرد في العاصمة المؤقتة عدن وضمان عودة الدولة بكافة مؤسساتها لتمارسَ نشاطها بشكل كامل وغير منقوص".
ويدور في اليمن منذ زهاء أربع سنوات ونصف، صراع دموي على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية ومعها الإمارات، وقوات جماعة الحوثيين المدعومة من إيران، والتي ما تزال تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية منذ أواخر العام 2014.
وقصفت طائرات إماراتية يومي 28 و٢٩ أغسطس الفائت قوات الحكومة اليمنية في أطراف مدينة عدن ومحافظة أبين المجاورة لإيقاف تقدمها المتسارع الساعي لاستعادة السيطرة على عدن التي تتخذها هذه الحكومة عاصمة مؤقتة للبلاد، وذلك بعدما سيطرت على المدينة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من الإمارات في ١٠ من الشهر نفسه، عقب اشتباكات عنيفة مع قوات الحكومة، استمرت أربعة أيام.
في هذا السياق، شبّه حزب التجمع اليمني للإصلاح الانفصاليين في جنوبي البلاد بالحوثيين في شمالها، معتبراً أن "ما يجري اليوم في عدن من تمرد على الدولة من قبل ما يسمى بالمجلس الانتقالي، ليس سوى تكرارٌ لنفس السيناريو الذي حدث في صنعاء قبل خمس سنوات (حينما سيطر الحوثيون بالقوة عليها)، ودفع الشعبُ ضريبته الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين، وخرابٍ كبيرٍ طال كل مناحي الحياة".
وأوضح الحزب قائلاً: "لا نريد تكرار المأساةِ نفسِها، بصرف النظر عن اختلاف اللافتات بين الأمس واليوم، إلا أن الحقيقةَ الجوهريةَ واحدةٌ، وهي تقويض الدولة والسطو على إرادة الناس ومحاولة إخضاعهم بالقوة تحت دعاوى تمثيل المواطنين بطريقة فوضوية تكشفها حملاتُ المداهماتِ للمساكن والمنازل مع ما يصحبها من ترويع للأسر وإراقة للدماء، بما يعكس ذهنيةً تفرديةً تعبثُ بحياة الناس ولا ترى في المُختِلفَ سوى عدو يجب التخلص منه مهما كان مدنيا ويمارس نشاطه بشكل سلمي".
وهذا أول موقف رسمي معلن من حزب الإصلاح إزاء ما جرى خلال الشهرين الماضيين في جنوبي البلاد.
وذكر الحزب أن ما يجري في عدن "حالة اعتداء على الإنسان والوطن يتم تحت لافتة قضية الجنوب العادلة، التي تتعرض الآن لأكبرِ عمليةِ عبثٍ وتستخدم من قبل من قفزوا عليها لضرب نسيج المجتمع وإحداث شروخ داخله، بل ولقد صارت بندقيةً تعمل لصالح مشاريع خارجيةٍ المتضرر الأكبر منها المواطن وحقوقُه ومصالحُه والخدمات التي يفتقدها".
وأكد الحزب "إيمانه بعدالة القضية الجنوبية التي خاضت منذ ٢٠٠٧ نضالاً سلمياً بمطالب حقوقيةٍ أيدها الجميع، وبعد أن تبناها مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي شاركت فيه كافةُ المكوناتِ اليمنية، أصبح الشعب اليمني هو الحاملَ لهذه القضية وليس لأحد ادعاء حق تمثيلها أو القفز عليها وخاصةً أولئك الذين تقوم فكرتهم على إلغاء كافة المكونات في الجنوب وخلق عدو وهمي لتحقيق مآربهم الخاصة".
ونفى حزب الإصلاح في كلمة رئيسه محمد اليدومي بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب في 13 سبتمبر 1990، سيطرته على قرار الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وذلك على الرغم من معرفة الجميع بأنه يفرض هيمنته على قراري الرئاسة اليمنية والحكومة، عبر تولي قيادات في الحزب أو أشخاص موالية له لمناصب حساسة وهامة، بما في ذلك منصب نائب رئيس الجمهورية الذي يشغله الفريق الركن علي محسن الأحمر المعروف بولائه لحزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين) والذي يسيطر أيضاً على قرار المؤسسة العسكرية في "الشرعية" اليمنية.
واعتبر اليدومي أن "تهويل شراكة حزب الإصلاح في السلطة ليست إلا تعبيراً عن نوايا ليس فقط لإقصائه بل لتكريس عوامل الصراع في اليمن وإعاقة الطريق أمام أي حلول سياسية" حد قوله.
وأضاف: "إن الإصلاح وهو يرفض هذه الدعاوى يؤكد في ذات الوقت أن التمرد الجديد ألهى اليمنيين عن معركتهم الوجودية مع الانقلاب الحوثي، وعلى المتمردين أن يدركوا أنهم فتحوا ثغرات في جدار الشرعية تخدم بالدرجة الأولى الانقلاب في صنعاء، وهؤلاء وأولئك ومن يقف وراءهم ليسوا سوى قوىً استهدفت المشروع الوطني واضرت بالدولة ومؤسساتها وبالتالي بمصالح المواطنين وحقوقهم واحتياجاتهم الاساسية مجسدين بذلك منطق الفوضى والخراب وتقويض الاستقرار".
وتصاعدت في الأشهر الأخيرة الاتهامات، ضد حزب الإصلاح لدوره الذي يصفه منتقدوه بالـ"مشبوه" في العمليات العسكرية التي تخوضها قوات التحالف العربي وما يسمى "المقاومة" بتشكيلاتها المختلفة خصوصاً تخاذله في تحريك جبهات طوق العاصمة صنعاء "نهم، صرواح، والبيضاء" ضد الحوثيين، على الرغم من امتلاكه أكبر ترسانة عسكرية بشرياً ولوجستياً يتجاوز عددها أكثر من 120 ألف مقاتل، موالون لنائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر الموالي بدوره لهذا الحزب الإسلامي، وغالبيتهم قابعون في محافظة مأرب شمال وسط البلاد والتي يسيطر عليها "الإصلاح".
ويقول منتقدو "الإصلاح" إن هذا الحزب "يرى كل ما في الشرعية مكسباً له وهو الأحق بإدارتها وفقا لأجندته الخاصة بعيداً عن فكرة الدولة، فهو ظاهرياً مع الدولة، وخلف الستار يبقى الإصلاح بعقلية الداعية الديني المتشدد المنتمي لحزب الإصلاح عبدالله العديني".
وعزا المراقبون تأخر الحسم ضد الحوثيين في معظم جبهات الشمال إلى رغبات وقناعات لدى مسؤولين عسكريين ومدنيين داخل حكومة الشرعية وفي مؤسسة الرئاسة اليمنية ينتمون أو يوالون لحزب الإصلاح، إذ يسعون إلى إطالة الحرب وعدم تمكين الرئيس عبد ربه منصور هادي من أي نصر قد يعيد رسم خارطة سياسية جديدة إلى ما بعد التسوية لإنهاء الصراع في ليمن.
ويرى مراقبون ومتابعون سياسيين يمنيون أن جزء كبير من قوات الحكومة المعترف بها دولياً والوحدات العسكرية التي تدين بالولاء للإخوان المسلمين، تسير وفق أجندات لا تخدم هزيمة الحوثيين، وتنفذ خطط الحزب وأهدافه ولا يهمهم استعادة كيان الدولة.
وغالباً ما ينفي حزب التجمع اليمني للإصلاح تلك الاتهامات، ويعتبرها استهدافاً له من بقية القوى السياسية.