السفير الأمريكي الأسبق في اليمن: أحداث عدن أظهرت أهدافاً متباينة وعكست الخلاف السعودي الإماراتي

واشنطن (ديبريفر)
2019-09-14 | منذ 3 سنة

السفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن، جيرالد فايرستاين

Click here to read the story in English

اعتبر السفير الأمريكي الأسبق في اليمن، جيرالد فايرستاين، يوم الجمعة، أن ما جرى من أحداث في مدينة عدن جنوبي اليمن، انعكاس لخلاف سعودي- إماراتي، وأظهر وجود أهداف متباينة للبلدين في اليمن حيث يقودان تحالفاً عربياً عسكرياً لدعم الشرعية.

وقال فايرستاين، وهو نائب رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط بواشنطن حالياً، في مقابلة مع صحيفة "شرق وغرب" (إلكترونية مقرها الرئيس لندن)، إن الاشتباكات الأخيرة التي جرت في جنوب اليمن بين قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، المدعومة سعودياً والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، "أمر مؤسف للغاية".

وأضاف "في الحقيقة، لا يوجد أي شك في ذهني في أن السعودية والإمارات لديهما أهداف متباينة في اليمن، فالسعوديون لديهم التزام أقوى بوحدة اليمن، والإماراتيون متناقضون بخصوص ذلك".

وتابع السفير الأمريكي الأسبق في اليمن، "أعتقد أنه في بعض الحالات، وبالتأكيد فيما يتعلق بما يحدث في الجنوب وأيضاً بما حدث في الشرق في محافظة المهرة، فقد وجد الاثنان نفسيهما في مواقع مختلفة بشأن التطورات. لذلك توجد بالتأكيد اختلافات بين السعودية والإمارات".

وأوضح أن ماحدث مستوى من التوتر ظل قائماً هناك لبعض الوقت، وهو أمر ليس جديد.. مشيراً إلى أنه كانت هناك اشتباكات مشابهة في مطلع العام 2018 وتم حلّها من خلال تدخل السعوديين والإماراتيين.

وأردف فايرستاين "الآن، أعتقد أن السعوديين يدعون القيادة إلى جدة للتفاوض. توقعي هو أن السعوديين وبقية الأطراف ستكون قادرة مرة أخرى على التستر على هذا الصراع وإعادة الجميع إلى الصفحة نفسها".

وأفاد بأن هناك حاجة في مرحلة ما في المستقبل لتكون هناك مفاوضات سياسية وجهود أخرى للتوفيق بين الأطراف، بهدف الاتفاق على طريقة لمعالجة الانقسامات بين الشمال والجنوب.

وأحكمت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتياً، سيطرتها في 10 أغسطس، على كامل مدينة عدن العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وذلك بعد معارك عنيفة مع قوات الحكومة، استمرت أربعة أيام وأسفرت عن مقتل 40 شخصاً وإصابة 260 آخرين، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي اليوم ذاته طالب التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن، الانتقالي الجنوبي، بسحب قواته من المواقع التي سيطر عليها في عدن، وهدد بشن ضربات على تلك القوات إن لم تستجب لمطالبه، فيما دعت الرياض طرفي الاقتتال إلى حوار عاجل في المملكة.

ورفض المجلس الانتقالي الانفصالي سحب قواته، لكنه رحب بالدعوة إلى الحوار، فيما رفضت الحكومة اليمنية إجراء أي حوار إلا بعد تنفيذ الانفصاليين لطلب التحالف بسحب قواتهم من المواقع التي سيطروا عليها.

وتتهم الحكومة اليمنية دولة الإمارات بالانحراف عن أهداف التحالف ودعمها المجلس الانتقالي الجنوبي في ما تسميه "تمرد وانقلاب" عليها، إثر سيطرة قواته على مدينة عدن وثلاث محافظات مجاورة.

وتقود السعودية ومعها حليفتها الرئيسية الإمارات، تحالفاً عربياً عسكرياً ينفذ منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته المعترف بها دولياً لإعادتهما إلى الحكم في صنعاء التي يسيطر الحوثيون عليها وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية منذ أواخر العام 2014.

استقرار اليمن أهمية قصوى للسعودية

السفير الأمريكي الأسبق في اليمن، جيرالد فايرستاين، أكد في تصريحاته أن الاستقرار في اليمن وسلامة أراضيه هو أمر أكثر أهمية للسعودية، من حيث الطريقة التي يرون فيها مصلحتهم الوطنية الخاصة..

وأشار إلى أن مخاوف السعودية تتعلق بوضع يكون فيه عدم استقرار طويل الأمد عند حدودها الجنوبية، لافتاً إلى أن هذه مشكلة أكبر بالنسبة للسعوديين مما هي عليه بالنسبة للإماراتيين.

وقال فايرستاين إن الإماراتيين ينظرون لليمن في سياق أوسع لمصالحهم في البحر الأحمر .. ما يحدث في القرن الإفريقي .. بينما ينظر السعوديون لليمن بشكل مباشر أكثر في سياق أمنهم الخاص.

وفي رده على سؤال حول رفض الإمارات العربية المتحدة المزاعم التي أشارت إلى أنها تدعم الانفصاليين في السيطرة على عدن.. أجاب السفير الأمريكي قائلا ": هذا سؤال كبير. إن موقف الإماراتيين من مستقبل اليمن والخلاف بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي هو أنهم ساعدوا في تدريب وتجهيز القوة الجنوبية بهدف مواجهة الحوثيين. إنهم، بالطبع، ينكرون أنهم شجعوا أو ساعدوا بأي شكل من الأشكال أو حرضوا المجلس الانتقالي الجنوبي أو دعموا الانفصال وأن الجنوبيين يسعون بشكل أساسي لتحقيق أجندتهم الخاصة بدون الدعم الإماراتي. ربما يكون الحال كذلك، ولكن بالطبع، لا يمكنهم أن يتجنبوا المسؤولية عن حقيقة أنهم أنشأوا قوة عسكرية خارجة عن أوامر وقيادة الحكومة".

ويملك المجلس الانتقالي الانفصالي عشرات الآلاف من المقاتلين سلحتهم ودربتهم وتدعمهم الإمارات.

وتستضيف مدينة جدة السعودية منذ أكثر من أسبوعين ، محادثات غير مباشرة لحل الأزمة بين انفصاليين تدعمهم الإمارات والحكومة المدعومة من الرياض في ظل تصاعد خلافات بين المملكة وحليفتها الرئيسية الإمارات.

وبسبب تعثر مفاوضات جدة بين الشرعية والانتقالي، أصدرت السعودية والإمارات، مساء الأحد بياناً مشتركاً دعتا خلاله، الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المسلح، إلى وقف العمليات العسكرية في جنوب البلاد.

ورحب البلدان باستجابة الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي لدعوة المملكة للحوار من أجل حل الأزمة في بعض المحافظات الجنوبية، مؤكدين "أهمية التوقف بشكل كامل عن القيام بأي تحركات أو نشاطات عسكرية أو القيام بأي ممارسات أو انتهاكات ضد المكونات الأخرى أو الممتلكات العامة والخاصة".

وتصاعد الخلاف "المستتر" بين السعودية والإمارات في اليمن عقب سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتياً، سيطرتها في 10 أغسطس ، وتدفع خلافات البلدين إلى اقتتال جديد في جنوبي البلاد في الحرب متعددة الأطراف، وينذر بتفاقم الانقسام في اليمن، ويعقد جهود إنهاء صراع راح ضحيته عشرات الآلاف وتسبب في "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" وفق الأمم المتحدة.

اتهام الإصلاح

وفي سؤال آخر عن أن هذه الاشتباكات حدثت في أعقاب مقتل أبي يمامة اليافعي، والذي كان واحداً من قادة الحزام الأمني المدعوم إماراتياً. وعلى الرغم من أن الحوثيين أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم، إلا أن الانتقالي الجنوبي اتهم حزب الإصلاح، حليف الرئيس هادي قال السفير فايرستاين ": هذا صحيح. أعتقد أن معظم الأدلة المتوفرة تشير إلى حقيقة أن المنفذ كان الحوثيين وليس أي أحد آخر. ولكن بعض الجنوبيين يزعمون أن حزب الإصلاح كان بطريقة ما يساعد الحوثيين أو حتى أن حكومة هادي كانت بطريقة أو بأخرى تساعد الحوثيين. لا يبدو أن هناك أي دليل يدعم هذا الأمر".

وأضاف "أعتقد أن هذا انعكاس للعداء القائم منذ فترة طويلة بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب الإصلاح، والذي يعود إلى أحداث عام 1994 والحرب الأهلية. حزب الإصلاح كان منخرطًا بشدة في استعادة الجنوب عندما حاولوا إعلان الاستقلال مجدداً. لذلك، هذه قضية قديمة بين حزب الإصلاح والجنوبيين. وبمعنى ما، أعتقد أن الجنوب قد استخدم هذا الحادث المأساوي، حتى على الرغم من أن الحوثيين قد تحملوا المسؤولية، كوسيلة للهجوم وضرب حزب الإصلاح".

انسحاب الإمارات

وفيما يتعلق بإعلان الإمارات انسحابها من اليمن قبل أشهر، وفق استراتيجية "السلام أولاً" أجاب السفير الأمريكي الأسبق بالقول ": أعتقد أن إحدى تفسيرات القرار الإماراتي حول الانسحاب وسبب اعتقادهم أن الوقت الحالي هو الوقت الذي يمكنهم فيه التراجع يرجع إلى أنهم، برأيهم، قد دربوا القوات اليمنية بشكل مناسب لتحمل مسؤولية منع الحوثيين من السيطرة على البلاد، ولذلك لم تعد هناك حاجة لوجود إماراتي مباشر. أيضاً، لا ينبغي أن ننسى أن هذا قد حدث في فترة كانت فيها التوترات في الخليج تتصاعد، وأعتقد أنه كان هناك شعور بأن الإمارات العربية المتحدة رأت أن هناك حاجة أكثر إلحاحاً لجيشها في الإمارات من الحاجة إليه في اليمن. أعتقد أن هذه كانت بالفعل القضايا التي دفعت نحو القرار الإماراتي".

الموقف الأمريكي

وبشأن موقف الولايات المتحدة من الاشتباكات في عدن قال فايرستاين "بالنسبة للولايات المتحدة، أعتقد أنهم ينظرون لهذا الأمر في الأساس على أنه مسألة يجب حلها بواسطة الإماراتيين والسعوديين. لم ينخرطوا في هذه القضية أكثر من التعبير عن القلق بشأن العنف والخسائر في الأرواح، وأفترض أننا نتحدث للسعوديين والإماراتيين من وراء الكواليس، ونشجعهم على حل هذا الأمر، أعتقد أنه من منظور الولايات المتحدة، فقد قرروا أنهم سيتركون حل هذا الأمر للسعوديين والإماراتيين" .

الصراع في اليمن

وحول الصراع في اليمن بشكل عام، أعلنت الولايات المتحدة أنها تجري محادثات مع الحوثيين. على الرغم من أن الطرف الأخير قد نفى ذلك، ما الذي جعل واشنطن تتخذ هذا النهج، والذي هو الأول من نوعه، أفاد السفير الأمريكي الأسبق قائلاً: "الأمر ليس كذلك. أعتقد أنه كان هناك قدر كبير من سوء الفهم حول طبيعة الاتصالات الأمريكية مع الحوثيين. عندما كنت هناك، التقينا مع الحوثيين. قبل أن آتي، التقينا مع الحوثيين، وبعد أن غادرت، فإن السفير تويلر بالطبع – والذي خدم من شهر مايو/أيار من عام 2014 وحتى شهر مايو/أيار من عام 2019 – التقى مع الحوثيين. عندما كانت هناك محادثات في الكويت في عام 2016، كان السفير تويلر هناك وأجرى نقاشات بشكل منتظم مع الحوثيين ، وتوالت اللقاءات ".

وأشار إلى أنه من الأهمية أن يواصل السفير الأمريكي الجديد لدى اليمن هينزل المحادثات مع جماعة الحوثيين، وضرورة أن يسمعوا من الأمريكان، ما هي وجهات نظر واشنطن، وأن تستمع إليهم أيضاً.. لافتاً إلى استمرار الولايات المتحدة على تشجيع الحوثيين على العودة إلى طاولة المفاوضات والعمل مع مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث ومحاولة إيجاد حل سلمي لهذه الجولة الحالية من القتال ومن ثم الانطلاق من هناك.

وأكد السفير فايرستاين، أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترض على امتلاك الحوثيين لدور في الحكومة اليمنية.. موضحاً "نحن لم نكن معارضين لذلك على الإطلاق، عندما تدهور الوضع للمرة الأولى في عام 2014 عندما جاء الحوثيون إلى صنعاء وفاوضوا على اتفاق السلام والشراكة الوطنية، لم نعارض ذلك" .

وتابع "حتى السعوديون لديهم اتصالات مع الحوثيين. لقد تكلم السعوديون مع الحوثيين وأوضحوا سراً وعلناً أنهم لا يعترضون أيضاً على أي دور للحوثيين في الحكومة".

وختم السفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن حديثه بالقول "أعتقد أننا جميعاً نرسم الحدود بحيث أنه إذا كان الحوثيون لديهم بعض الطموحات والأفكار بأنهم سيكونون حزب الله اليمن، وأنهم سيقومون بدمج القدرات السياسية والعسكرية، ويتجهون بطريقة ما للسيطرة على حكومة اليمن عبر القوة والتهديد بالعنف، فإن هذا الأمر إذًا غير مقبول بالنسبة لنا ولليمنيين. لكن ما دون ذلك، فنحن لسنا معارضين لحركة الحوثيين. أعتقد أنه من الصواب أن نستمر في التعاطي معهم" .

وكشفت وزارة الخارجية الأمريكية، الخميس قبل الماضي، عن محادثات مع جماعة الحوثيين (أنصار الله) بهدف التوصل إلى حل لإنهاء الصراع الدموي المستمر في اليمن منذ زهاء أربع سنوات ونصف.

وقال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر من قاعدة عسكرية أمريكية في السعودية، في 6 سبتمبر الجاري : "نركز بشدة حالياً على إنهاء الحرب في اليمن، وبدأنا إجراء محادثات بقدر الإمكان مع الحوثيين في محاولة لإيجاد حل تفاوضي مقبول من أطراف الصراع".

وأضاف "نعمل مع المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، ونقيم اتصالات مع شركائنا السعوديين من أجل ذلك".

وتعليقاً على تصريحات شينكر قال عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين وعضو فريقها المفاوض، عبدالملك العجري "إننا ننظر للدعوات الأمريكية بنوع من الريبة ونشك في جديتها ودوافعها ".

وأضاف في تصريح نقلته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بنسختها في صنعاء والتي يديرها الحوثيون أنه على فرض حصول أي حوار مع الولايات المتحدة فسيكون باعتبارها جزءاً من الحرب على اليمن وتملك الكثير من مفاتيح إيقافها.

وترفع جماعة الحوثيين شعار "الموت لأمريكا"، وتعتبرها العدو الأول لها على غرار إيران والجماعات التي تدعمها.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet