قال المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، اليوم الاثنين، إن الهجوم منشأتي نفط في المملكة العربية السعودية السبت الفائت، يزيد من فرص اندلاع صراع في المنطقة.
وأبلغ غريفيث مجلس الأمن الدولي، في إحاطته له اليوم الاثنين عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، أنه "ليس من الواضح تماماً من المسؤول عن الهجوم على منشأتي نفط في السعودية، لكن حقيقة أن أنصار الله (الحوثيون) أعلنوا مسؤوليتهم عن ذلك أمر سيء بما فيه الكفاية".
واعتبر المبعوث الأممي أن "الهجمات على منشآت النفط السعودية تهدد بزجّ اليمن في أتون نار حرب إقليمية".. مؤكداً أن "هذه الواقعة البالغة الخطورة تمثل تصعيدا عسكريا مقلقاً وتزيد بشكل كبير من فرص اندلاع صراع في المنطقة".
وأضاف "الهجمات التي استهدفت مرافق أرامكو صباح السبت المنصرم وأدت إلى اضطرابات كبيرة في إنتاج النفط الخام في المملكة، لها تداعيات تتجاوز المنطقة. وهذه الأعمال من شأنها أن تجر اليمن والمنطقة لانفجار، لأن هذه الحوادث الخطيرة تزيد من مخاطر انفجار إقليمي وهذا أمر يخيفنا ويروعنا".
وتعرضت منشأتين نفطيتين تابعتين لعملاق النفط السعودي شركة "أرامكو" في محافظتي "بقيق" و"هجرة خريص" شرقي المملكة، في الساعات الأولى من يوم السبت الفائت، لهجوم بطائرات مسيرة تبنت جماعة الحوثيين (أنصار الله) في اليمن المسؤولية عنه، ما أدى إلى حرائق هائلة فيهما، وذلك في ثالث هجوم من هذا النوع يتبناه الحوثيون خلال أربعة أشهر على منشآت نفطية داخل السعودية.
وتسبب الهجوم في توقف أكثر من نصف إنتاج المملكة أو ما يزيد على خمسة بالمئة من الإمدادات العالمية، أي نحو 5.7 مليون برميل يومياً.
واتهمت الولايات المتحدة، إيران بالوقوف وراء الهجوم وهو ما نفته طهران بشدة، فيما ذكرت مصادر إعلامية أن الطائرات المسيرة المستخدمة في الهجوم انطلقت من العراق وليس من اليمن، وهو ما نفته أيضاً الحكومة العراقية.
وحول عملية السلام في اليمن الذي يعيش حرباً طاحنة منذ زهاء أربع سنوات ونصف، قال المبعوث الأممي الخاص في إحاطته لمجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين، إن "التطورات في جنوب البلاد هي دعوة واضحة لوضع حد عاجل للصراع. لا وقت نضيعه علينا المضي قدماً لتحقيق الهدف والتوصّل إلى حل سياسي".
وفي ما يتعلق بتنفيذ اتفاقات ستوكهولم الموقعة بين طرفي الصراع في اليمن، الحكومة المعترف بها دولياً، وجماعة الحوثيين (أنصار الله)، أفاد غريفيث قائلاً: "لقد حققنا بعض التقدم في اتفاق الحديدة. لقد تمّ تفعيل آلية وقف إطلاق النار والتهدئة الثلاثية الأطراف وتمّ انشاء مركز عمليات مشترك. وفي الوقت نفسه، تسلّم الأطراف اقتراحاً معدّلاً للمرحلة الأولى لإعادة الانتشار. القرار قرارهم".
وأكد أنه سيكثف جهوده من خلال الفترة المقبلة من أجل إيجاد حل سياسي شامل، موضحاً بقوله: "سأكثّف انخراطي مع أصحاب المصلحة اليمنيين المعنيين. سأبدأ مناقشات غير رسمية ممنهجة مع مختلف أصحاب المصلحة المعنيين بمن فيهم ممثلين عن الأحزاب السياسية والشخصيات العامة والنساء لأناقش أهم عناصر الترتيبات السياسية والأمنية التي ينبغي أن تحتويها اتفاقية سلام شاملة".
ويعيش اليمن منذ زهاء أربع سنوات ونصف، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ أواخر العام 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية.
واتفق طرفا الصراع في اليمن خلال مشاورات للسلام في السويد جرت في ديسمبر 2018 برعاية الأمم المتحدة، على وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر وإعادة انتشار قواتهما من ميناء ومدينة الحديدة ومينائي الصليف ورأس عيسى، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ الثلاثة، مع إرسال بعثة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة ذلك، بالإضافة إلى تبادل كافة الأسرى لدى الطرفين وتخفيف حصار الحوثيين على مدينة تعز.
لكن الاتفاق الذي كان من المفترض الانتهاء من تنفيذه في يناير الماضي، تعثر حتى الآن وسط تبادل الطرفين للاتهامات بعرقلة التنفيذ.
ويسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة وموانئها منذ أواخر العام 2014، فيما تحتشد قوات يمنية مشتركة موالية للحكومة "الشرعية" والتحالف العربي، في أطراف المدينة منذ مطلع نوفمبر الماضي بغية انتزاع السيطرة عليها من قبضة الحوثيين.
وفي 10 أغسطس الفائت أحكمت قوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، سيطرتها على كامل مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية "الشرعية" عاصمة مؤقتة للبلاد، وذلك بعد اشتباكات عنيفة مع قوات الحكومة، استمرت أربعة أيام أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى من الجانبين والمدنيين.
واعتبرت الحكومة اليمنية "الشرعية" ما قام به الانفصاليون الجنوبيون "انقلاباً آخر" عليها في عدن، بعد "انقلاب الحوثيين" عليها في صنعاء، وأصبحت بلا مقر. واتهمت الحكومة اليمنية، الإمارات بدعم الانفصاليين وطالبت بتصحيح مسار التحالف الذي تقوده السعودية وشريكتها الرئيسية الإمارات في اليمن.