قالت الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً، اليوم الاثنين، إن ما أسمته "التمرد المسلح" من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المدعوم إماراتياً في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة عاصمة مؤقتة للبلاد، وبعض المحافظات في جنوبي البلاد، في مطلع أغسطس الماضي، يتطلب وقفة جادة ومراجعة شفافة من أجل تجاوز هذه المعضلة وحل أسبابها وتلافي آثارها.
واعتبر مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور عبدالله السعدي، في كلمة بلاده خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، أن "ان التطورات في عدن أدت إلى حرف مسار التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن من الهدف الأساسي تجاه إنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران".
وأشار السعدي إلى تطورات الأحداث التي بدأت في الثامن من أغسطس الفائت، عندما قامت تشكيلات عسكرية تابعة لما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المسلح المدعوم من الإمارات العربية المتحدة، بتنفيذ "تمرد عسكري" ومهاجمة قوات الحكومة الشرعية ومعسكراتها ومؤسساتها في عدن وأبين وشبوة، وصولاً إلى القصف الذي تعرضت له قوات الجيش الوطني من قبل الطيران الإماراتي في 28 الشهر نفسه.
وأكد رفض الحكومة اليمنية التام لاستمرار تسليح ودعم أي تشكيلات عسكرية خارج إطار الدولة وتحت أي مبرر.
وأثنت كلمة اليمن على موقف السعودية والتحالف العربي لدعم الشرعية الذي تقوده "الرافض بشكل تام للتصعيد الأخير في العاصمة المؤقتة عدن وبعض المحافظات الجنوبية، ورفضها كافة آثاره وتأكيدها الكامل على ضرورة استعادة كافة المؤسسات المدنية والعسكرية، وحرصها الكامل على أمن واستقرار ووحدة وسلامة الأراضي اليمنية، باعتبار أن أي تهديد لاستقرار اليمن يعتبر تهديداً لأمن واستقرار المملكة".
وجدد المسؤول اليمني التأكيد على "ترحيب الحكومة اليمنية بدعوة الحوار والبيانات الصادر عن السعودية وبجهودها في تصحيح المسار وضمان عدم الخروج عن أهداف تحالف دعم الشرعية وموقفها الواضح في توحيد جهود الجميع نحو الهدف الأساسي المتمثل في إنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية ومواجهة التدخل الإيراني في شؤون اليمن والمنطقة".
وقصفت طائرات إماراتية في ٢٨ أغسطس الفائت قوات الحكومة اليمنية في أطراف مدينة عدن ومحافظة أبين المجاورة لإيقاف تقدمها المتسارع الساعي لاستعادة السيطرة على عدن التي تتخذها هذه الحكومة عاصمة مؤقتة للبلاد، وذلك بعدما سيطرت على المدينة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من الإمارات في ١٠ من نفس الشهر ، عقب اشتباكات عنيفة مع قوات الحكومة، استمرت أربعة أيام أسفرت عن مقتل 40 شخصاً وإصابة 260 آخرين، وفقاً للأمم المتحدة.
وأقرت الإمارات باستهدافها لقوات الحكومة اليمنية، مبررة ذلك بأنها استهدفت "مليشيات إرهابية دفاعاً عن قوات التحالف".
وطالبت الحكومة اليمنية "الشرعية"، حينها، دولة الامارات العربية المتحدة "بإيقاف دعمها المادي وسحب دعمها العسكري المقدم لهذه المجاميع المتمردة على الدولة بشكل كامل وفوري".
كما اتهمت الحكومة اليمنية "الشرعية" الإمارات بالوقوف وراء ما اعتبرته "انقلاباً آخر" عليها في عدن نفذه الانتقالي الجنوبي، بعد "انقلاب الحوثيين" عليها في صنعاء أواخر العام 2014، لتصبح هذه الحكومة بلا مقر حالياً.
وتقود السعودية ومعها حليفتها الرئيسية الإمارات، تحالفاً عربياً عسكرياً ينفذ منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته المعترف بها دولياً لإعادتهما إلى الحكم في صنعاء التي يسيطر الحوثيون عليها وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية منذ أواخر العام 2014 ، ما أنتج أزمة إنسانية صعبة، تصفها الأمم المتحدة بأنها "الأسوأ في العالم
مسار السلام في اليمن
وفي ما يتعلق بمسار السلام في البلاد، أشار مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور عبدالله السعدي، في كلمة بلاده خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، إلى جهود الحكومة اليمنية ومساعيها لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة مبني على المرجعيات الثلاث المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 2216 ودعمها الكامل والمستمر للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، وكافة الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق السلام المستدام في اليمن.
وقال السعدي: "رغم المرونة التي أبدتها الحكومة لإنقاذ اتفاق السويد إلا أن ميليشيا الحوثي الإنقلابية واصلت تعنتها واتباع سياسة المماطلة وخداع المجتمع الدولي وإطالة أمد الحرب والمعاناة، ما تسبب في تقويض جهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص، وبدعم من مجلس الأمن الدولي للوصول إلى تسوية سياسية شاملة مبنيه على المرجعيات المتفق عليها".
وطالب المسؤول اليمني مجلس الأمن الدولي بضرورة إلزام الحوثيين بتنفيذ اتفاق ستوكهولم بكافة مكوناته بما في ذلك اتفاق الحديدة، وسرعة إعادة الانتشار حسب مفهوم العمليات المتفق عليه وتفعيل آلية الرقابة الثلاثية، وإطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسراً ورفع الحصار عن مدينة تعز.
وعبر عن استغراب الحكومة اليمنية من أستمرار صمت المجتمع الدولي إزاء رفض الحوثيين السماح لفريق الفني للخبراء الأمميين بتقييم حالة خزان صافر العائم والذي يحوي مليون و140 ألف برميل من النفط الخام، محذرا من الآثار الفادحة التي تهدد بحدوث كارثة بحرية بيئية خطيرة لا يحمد عقباها في البحر الأحمر ستؤثر على اليمن والإقليم.
واتهم مندوب اليمن في الأمم المتحدة، إيران بأنها الحقت باليمن والمنطقة ضرراً بالغاً ولعبت دوراً تخريبياً خطيراً من خلال تسليح وتمويل جماعة الحوثيين التي ترفع شعار الثورة الإيرانية، وانتهاجها أساليب القمع والتنكيل والتعذيب وحولت بعض المناطق في اليمن إلى منصات لإطلاق الصواريخ لتهديد أمن دول الجوار والملاحة الدولية في البحر الأحمر والاخلال بالأمن والسلم الإقليمي والدولي، حد تعبيره.
وأكد السعدي في ختام كلمته أن "معالجة الصراع في اليمن يكمن في إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة المختطفة".. مجدداً مطالبته مجلس الأمن الدولي بالعمل على تنفيذ قراراته ذات الصلة بالحالة في اليمن للوصول إلى تسوية سياسية شاملة تلبي تطلعات كافة أبناء الشعب اليمني في تحقيق السلام المستدام المبني على المرجعيات المتفق عليها.
واتفق طرفا الصراع اليمني خلال مشاورات للسلام في السويد جرت في ديسمبر 2018 برعاية الأمم المتحدة، على وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر وإعادة انتشار قواتهما من ميناء ومدينة الحديدة ومينائي الصليف ورأس عيسى، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ الثلاثة، مع إرسال بعثة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة ذلك، بالإضافة إلى تبادل كافة الأسرى لدى الطرفين وتخفيف حصار الحوثيين على مدينة تعز.
لكن الاتفاق الذي كان من المفترض الانتهاء من تنفيذه في يناير الماضي، تعثر حتى الآن وسط تبادل الطرفين للاتهامات بعرقلة التنفيذ.
ويسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة وموانئها منذ أواخر العام 2014، فيما تحتشد قوات يمنية مشتركة موالية للحكومة "الشرعية" والتحالف العربي، في أطراف المدينة منذ مطلع نوفمبر الماضي بغية انتزاع السيطرة عليها من قبضة الحوثيين.