حسم المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، اليوم الثلاثاء، ما يتداول من إمكانية التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأكد أن طهران لن تجري مطلقاً محادثات ثنائية مع واشنطن لكنها قد تشارك في مناقشات متعددة الأطراف إذا عادت الإدارة الأمريكية إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
يأتي إعلان خامنئي، عقب ما قاله البيت الأبيض الأمريكي من أن الرئيس دونالد ترامب قد يجري محادثات مع نظيره الإيراني حسن روحاني خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر سبتمبر الجاري. وقال ترامب الأسبوع الفائت، إن الإيرانيين يريدون إجراء محادثات معه في ظل تصاعد التوتر بين البلدين منذ انسحاب واشنطن في مايو العام الماضي من الاتفاق النووي المبرم مع إيران وست قوى عالمية كبرى.
ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن خامنئي قوله: "المسؤولون الإيرانيون، على جميع المستويات، لن يتحدثوا مطلقا مع المسؤولين الأمريكيين. هذا جزء من سياستهم (الأمريكية) للضغط على إيران، سياسة الضغوط القصوى التي يتبعونها ستبوء بالفشل".
وأوضح قائلاً: "إذا غيرت أمريكا سلوكها وعادت إلى الاتفاق النووي فإن بإمكانها الانضمام إلى محادثات متعددة الأطراف بين إيران وباقي أطراف الاتفاق".
ويوم الأحد قال البيت الأبيض الأمريكي، إن الولايات المتحدة مستعدة للتحرك إذا شنت إيران هجمات جديدة على السعودية، لكنه رغم ذلك لم يستبعد أن يلتقي الرئيس دونالد ترامب بنظيره الإيراني حسن روحاني خلال الاجتماع المقبل للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أواخر سبتمبر الجاري.
وذكرت مستشارة البيت الأبيض، كيليان كونوي، في حديث لقناة "فوكس نيوز"، مساء الأحد، أن بلادها لا تنوي أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء الهجمات على مواقع مدنية ومنشآت البنية التحتية ذات الأهمية الحيوية بالنسبة إلى أسواق الطاقة العالمية.
وتعرضت منشأتين نفطيتين تابعتين لعملاق النفط السعودي شركة "أرامكو" في محافظتي "بقيق" و"هجرة خريص" في المنطقة الشرقية للسعودية، في الساعات الأولى من يوم السبت الفائت، لهجوم من طائرات مسيرة تبنت جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران في اليمن المسؤولية عنه، ما أدى إلى حرائق هائلة فيهما، وذلك في ثالث هجوم من هذا النوع يتبناه الحوثيون خلال أربعة أشهر على منشآت تابعة للشركة.
وتسبب الهجوم في توقف أكثر من نصف إنتاج المملكة أو ما يزيد على خمسة بالمئة من الإمدادات العالمية، أي نحو 5.7 مليون برميل يومياً.
وألحق الهجوم أضراراً بأكبر معمل تكرير للنفط في العالم وأدى إلى أكبر ارتفاع في أسعار النفط منذ نحو 30 عاماً.
ومساء أمس الاثنين، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنه يبدو أن إيران مسؤولة عن الهجمات على منشأتين نفطيتين لشركة أرامكو شرقي السعودية، لكنه أكد أنه ليس في عجلة من أمره للرد ولا يزال يسعى إلى معرفة المسؤول عن الهجوم.
وأضاف ترامب أن الولايات المتحدة لا تريد حرباً مع إيران، لكنها في الوقت نفسه أكثر استعداداً للحرب من أي دولة أخرى، مشيراً إلى أن واشنطن لديها الكثير من الخيارات للرد على الهجوم، غير أنه رفض تحديد أي الخيارات يدرسها.
وذكر الرئيس الأمريكي أن الخيار الدبلوماسي ما زال قائماً مع طهران، "والإيرانيون يريدون عقد صفقة".
ونفت إيران هذا الاتهام وقال الرئيس الإيراني إن الهجوم نفذه "الشعب اليمني" رداً على هجمات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن خلال الحرب المستمرة منذ أربعة أعوام ونصف. ووصف روحاني هجمات الحوثيين على السعودية بأنها "دفاع عن النفس".
وتفاقمت التوترات بين طهران وواشنطن، عقب قرار ترامب في مايو العام الماضي، الانسحاب الأحادي، من الاتفاق النووي الدولي المبرم مع طهران عام 2015 وست قوى عالمية.
وشددت واشنطن عقب الانسحاب العقوبات على طهران بصورة غير مسبوقة، بهدف كبح جماح برنامجها النووي وتوسعها في المنطقة، وفي محاولة للضغط عليها عبر خنق اقتصادها بإيصال صادراتها النفطية إلى مستوى الصفر، من أجل ما تقوله واشنطن "دفع إيران لتقديم تنازلات أكثر" من التي قدمتها بموجب اتفاقها النووي عام 2015، وإبرام اتفاق نووي جديد.
وألحقت العقوبات الأمريكية أضراراً فادحة بالاقتصاد الإيراني، حيث ارتفعت معدلات التضخم وانخفضت قيمة العملة الوطنية فيما باتت أسعار الواردات باهظة الثمن.
وتتهم الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مستمر، النظام الإيراني بأنه أكبر داعم دولي للإرهاب، ويعمل لزعزعة الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط وتطوير برامج الصواريخ الباليستية، واتهامات أخرى معادية لواشنطن والمنطقة.
ورفضت باقي الدول الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني، وهي روسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، الانسحاب من الاتفاق، وأكدت مواصلة التزامها به والعمل على الحفاظ عليه. لكن الكثير من شركاتها ألغت اتفاقات مع طهران تحت الضغط المالي من الولايات المتحدة.