أكد هشام شرف وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ التابعة لجماعة الحوثيين (أنصار الله) التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء، اليوم الأربعاء، أن الغارات الأخيرة لطيران التحالف العربي بقيادة السعودية، على اليمن لن تدفع الجماعة للتراجع عن مبادرتها للسلام ووقف الهجمات ضد المملكة وإنهاء الصراع الدامي المستمر في هذا البلد الفقير للعام الخامس على التوالي .
وقال وزير الخارجية في الحكومة غير المعترف بها دولياً لوكالة الصحافة الفرنسية، "أدركنا أنّهم لن يقبلوا بالمبادرة فوراً ولهذا سنمنحهم الوقت " .
وأضاف "عندما يحين الوقت في الأيام المقبلة، سنتخذ موقفاً".
وشنت مقاتلات التحالف العربي يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين غارتين جويتين منفصلتين في محافظتي عمران (شمال) والضالع (جنوبي اليمن )، أسفرتا عن مقتل نحو 22 مدنياً بينهم أطفال ونساء .
وقال بيان صادر عن مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة منسق الشؤون الإنسانية في اليمن إن الحادث الأول وقع في السواد بمحافظة عمران عندما أصابت الغارات مسجداً، مشيراً إلى مقتل سبعة مدنيين من بينهم نساء وأطفال من العائلة نفسها.
وأفاد البيان بمقتل 15 مدنياً وإصابة 15 آخرين عندما ضربت غارات جوية، أمس الثلاثاء منزلاً في منطقة الفاخر بمحافظة الضالع.
ونقل البيان عن منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي قولها: "إننا نشارك خالص تعازينا مع أسر القتلى والجرحى"، واعتبرت وقوع ما وصفتها بـ "المآسي" أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، واجتماع قادة العالم لتعزيز السلام والأمن، "أمراً مقلقاً للغاية".
ووفقاً للبيان ذكر شركاء الحماية أن أكثر من 700 مدني قتلوا وجرح 1600 خلال عام 2019 نتيجة للنزاع.
وأضافت غراندي: "هذا هو الوقت الذي يجب فيه على الجميع إيجاد طرق لإنهاء هذه الحرب الشنيعة".
ورغم هذه الغارات الدامية قال وزير خارجية الحوثيين هشام شرف "المبادرة مستمرة، وسنصبر. إذا أرادوا السلام، فنحن له أيضاً. وإذا لم يريدوا السلام، فهم يعلمون أننا سنضربهم بقوة".
ويدور في اليمن للعام الخامس على التوالي، صراع دموي على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ سبتمبر 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية.
وينفذ التحالف، منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته لإعادته إلى الحكم في صنعاء، لكن عدداً غير قليل من غارات التحالف أدت إلى مقتل مئات المدنيين في اليمن.
وأعلنت جماعة الحوثيين (أنصار الله) في اليمن، مساء الجمعة، أنها ستتوقف عن شن الهجمات على السعودية، وطالبت الرياض بإعلان مماثل.
وقال القيادي مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، في خطاب متلفز في الذكرى السنوية الخامسة لسيطرة الجماعة، على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، "نعلن عن وقف استهداف أراضي المملكة العربية السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف وننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها".
جاءت مبادرة الحوثيين بعد مرور أسبوع من هجمات تبنتها الجماعة ضد شركة أرامكو السعودية، شرقي المملكة، تسبب في خفض إنتاجها إلى النصف، أي نحو 5 ملايين برميل نفط يومياً.
واتهمت السعودية والولايات المتحدة، إيران بالوقوف وراء الهجوم ، وقالت الرياض وواشنطن إنّ الهجمات انطلقت من إيران، وليس من اليمن، وهو ما نفته طهران بشدة، محذرة من أي تحركات عسكرية ضدها.
وفي أول رد فعل على مبادرة الحوثيين، قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير السبت إن الرياض ستراقب مدى جدية تطبيقها، مضيفاً "نحكم على الأطراف الأخرى بناء على أفعالها وأعمالها، وليس أقوالها".
وهدد زعيم جماعة الحوثيين، عبدالملك الحوثي،يوم السبت، باستمرار استهداف قواته لدول التحالف، قائلاً : "لا خطوط حمراء في استهداف دول تحالف العدوان الذي تقوده السعودية في حال استمروا في قصفهم وعدوانهم على اليمن".
وأضاف: "مع استمرار القصف والحصار والعدوان فإن الضربات الأكثرَ إيلاماً والأشد فتكاً والأكبر تأثيرا ستصل إلى عمق مناطقهم وإلى أهم منشآتهم الاقتصادية والنفطية والحيوية، ولا خطوط حمراء في هذا السياق"، داعياً المدنيين في تلك المناطق إلى أخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن تلك المنشآت.
وخاطب زعيم الحوثيين دول التحالف بالقول: "بوقف قصفهم وحصارهم سنوقف الضرباتِ التي نوجهها إلى العمق بالطائرات المسيَّرة والصاروخية".
ونتيجة لاستمرار العمليات العسكرية في هذا البلد الفقير منذ أربع سنوات ونصف، بات اليمن يعاني ما تصفه الأمم المتحدة بـ"أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، مؤكدة أن أكثر من 24 مليون يمني، أي ما يزيد عن 80 بالمئة من السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 ملايين شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، فيما يعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.