واصلت المملكة العربية السعودية، اليوم الخميس، إنكارها لما ورد في تقارير منظمات أممية ودولية إنسانية وحقوقية، اتهمت التحالف العربي الذي تقوده الرياض لدعم "الشرعية" في اليمن بارتكاب طيرانه جرائم في الحرب المستمرة في اليمن للعام الخامس على التوالي.
وقال رئيس قسم الشؤون الإنسانية في البعثة الدائمة للسعودية لدى الأمم المتحدة في جنيف، فهد بن منيخر، في كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اليوم الخميس، إن التحالف "ملتزم بشكل كامل في عملياته العسكرية بقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان".
وأشار إلى أهمية دعم الآليات الوطنية للتحقيق من خلال تكثيف المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة دعمها للجنة الوطنية اليمنية التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، للتحقيق التي تقوم تباعاً بإصدار تقاريرها حول المزاعم التي تثار فيما يخص الانتهاكات.
واعتبر المسئول السعودي، أن أي توجه معني بمعالجة الشأن اليمني لا بد وأن يقترن بموافقة الدولة المعنية وهي اليمن.
وقال بن منيخر "إن التحالف العربي ملتزم بإجراء ما يلزم من تحقيق في أي حوادث يثار حولها ادعاءات بوقوع انتهاكات أو مخالفات أثناء العمليات العسكرية، ومحاكمة من تثبت إدانته بارتكاب أي انتهاكات".
وأضاف "أن الفريق المشترك لتقييم الحوادث مستمر في القيام بالمهام المنوطة به، والتحقيق في كافة الحوادث التي تكون محل ادعاء بوقوع أضرار مدنية".
ويشهد اليمن للعام الخامس على التوالي، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية.
وشنت مقاتلات التحالف على مدى أربع سنوات ونصف، الآلاف الغارات الجوية على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات اليمن، يقول إنها تستهدف تجمعات ومواقع ومخازن أسلحة وطائرات مسيرة تابعة للحوثيين. لكن بعض الضربات الجوية أخطأت أهدافها وتسببت في مقتل مئات المدنيين، وهو ما دفع المنظمات الأممية والدولية لتوجيه اتهامات للتحالف باستهداف المدنيين، وارتكاب جرائم قد تصل إلى مستوى "جريمة حرب"، وهو اتهام ينفيه التحالف، كان أخرها يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين ، حينما شنت مقاتلات التحالف العربي غارتين جويتين منفصلتين في محافظتي عمران (شمال) والضالع (جنوبي اليمن)، أسفرتا عن مقتل نحو 22 مدنياً بينهم أطفال ونساء وفقا للأمم المتحدة.
وأوضح بيان صادر عن مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة منسق الشؤون الإنسانية في اليمن أن الحادث الأول وقع في 23 سبتمبر في السواد بمحافظة عمران عندما أصابت الغارات مسجداً، مشيراً إلى مقتل سبعة مدنيين من بينهم نساء وأطفال من العائلة نفسها.
وأفاد البيان بمقتل 15 مدنياً وإصابة 15 آخرين عندما ضربت غارات جوية يوم الثلاثاء منزلاً في منطقة الفاخر بمحافظة الضالع.
استمرار الدعم الإغاثي
المسؤول في بعثة السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف فهد بن منيخر أكد في كلمة بلاده، اليوم الخميس، أمام مجلس حقوق الإنسان، التزام بلاده باستمرارية تقديم الدعم الإغاثي والتنموي لليمن.
وأوضح أن المملكة ساهمت خلال العام 2019، بمبلغ 750 مليون دولار في خطة الاستجابة الإنسانية لليمن، كما ساهم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية من خلال مشروع (مسام) في نزع ما يزيد عن 91 ألف لغم وحماية وإعادة تأهيل الأطفال الذين جندتهم المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران .
وشدد على ضرورة تنفيذ اتفاق ستوكهولم بكل دقة، في الوقت الذي تستمر فيه المليشيا الإرهابية المدعومة من إيران بانتهاك الاتفاق عبر ما يفوق 6300 خرق، وعدم التزامها بوقف إطلاق النار في الحديدة.
واتفق طرفا الصراع خلال مشاورات للسلام في السويد جرت في ديسمبر 2018 برعاية الأمم المتحدة، على وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر وإعادة انتشار قواتهما من ميناء ومدينة الحديدة ومينائي الصليف ورأس عيسى، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ الثلاثة، مع إرسال بعثة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة ذلك، بالإضافة إلى تبادل كافة الأسرى لدى الطرفين وتخفيف حصار الحوثيين على مدينة تعز.
لكن الاتفاق الذي كان من المفترض الانتهاء من تنفيذه في يناير الماضي، تعثر حتى الآن وسط تبادل الطرفين للاتهامات بعرقلة التنفيذ.
وتصاعدت في الآونة الأخيرة الضغوط الدولية والأمريكية والغربية، على قادة السعودية والإمارات من أجل إنهاء الحرب الدموية في اليمن، والتي تسببت في مقتل عدد كبير من المدنيين ودمرت البنية التحتية والاقتصادية للبلد، التي حذرت الأمم المتحدة من أنها تعيش حالياً "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".
وتتهم منظمات دولية وأخرى تابعة للأمم المتحدة ، باستمرار التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات، وجماعة الحوثيين، بارتكاب أعمال ترقى إلى جرائم حرب، لاسيما بعض الضربات الجوية التي نفذها التحالف وراح ضحيتها عشرات الأطفال والنساء والمدنيين.
وبحسب الأمم المتحدة، يعاني اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ سقط نحو 11 ألف آلاف قتيلاً من المدنيين وأصيب عشرات الآلاف غالبيتهم نتيجة غارات طيران التحالف، وجرح مئات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين شخص داخل البلاد وفرار الآلاف خارجها ، فيما يحتاج 24 مليون شخص، أي نحو 75 بالمائة من السكان، إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية الإنسانية، بما في ذلك 8.4 مليون شخص لا يعرفون من أين يحصلون على وجبتهم القادمة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.