قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الخميس، إن تنكر الولايات المتحدة الأمريكية لمسؤولياتها الدولية والقانونية والسياسية والأخلاقية، وتشجيعها لحكومة الاحتلال الاسرائيلي على التنكر لجميع الاتفاقات والتراجع عن جميع التزاماتها تجاه السلام، أفقد عملية السلام كل مصداقية، ودفع قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني إلى فقدان الأمل في السلام المنشود، وجعل حل الدولتين في مهب الريح.
وجدد الرئيس عباس، في كلمة فلسطين أمام الدورة الـ 74، للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، اليوم الخميس، رفضه ما يسمى بـ"صفقة القرن" الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط، أو أية حلول اقتصادية وهمية وواهية تطرحها الإدارة الأمريكية، "بعدما نسفت بسياساتها وإجراءاتها كل فرص تحقيق السلام"، مشدداً على أن القدس ستبقى "عاصمة فلسطين الأبدية شاء من شاء وأبى من أبى".
ورفض عباس مجدداً، إعلان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في حال فوزه في الانتخابات نيته ضم غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات للسيادة الإسرائيلية، رغم أنها أراضٍ فلسطينية محتلة.. معتبراً أنه في حال أقدمت أية حكومة إسرائيلية على تنفيذ ذلك، فإن جميع الاتفاقات الموقعة وما ترتب عليها من التزامات ستكون منتهية.
وأشار الرئيس الفلسطيني في خطابه إلى ادعاء مسؤولين أمريكيين، وخصوصاً سفير أمريكا في تل أبيب، بأن المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية "شرعية".. موضحا: "هكذا قرر أن تكون هذه الأرض ليست محتلة بل أرض في إسرائيل تستطيع ان تبني عليها ما تشاء. هكذا قرر السفير الأمريكي في تل أبيب وعلينا أن ننصاع.. لا، إن كلام الولايات المتحدة وسفرائها ليست قدرا علينا إطلاقا".
ويرفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشدة هذه الخطة، ويتهم واشنطن بالانحياز لإسرائيل، وتعهد مراراً بعدم السماح بتمرير الصفقة التي يقول إنها "تسقط القدس واللاجئين وتبقي المستوطنات الإسرائيلية، وتعطي إسرائيل هيمنة أمنية".
لا السلام تحت الاحتلال
الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته أمام قادة دول العالم، قال إن الاحتلال لا يمكن أن يأتي بالسلام أو يحقق الأمن والاستقرار لأحد، وأن مسؤولية حماية السلام والقانون الدولي تقع على عاتق الأمم المتحدة.. مؤكداً: "من حقنا الدفاع عن حقوقنا بالوسائل المتاحة، مهما كانت النتائج، وأننا سنبقى ملتزمين بالشرعية الدولية ومحاربة الإرهاب، وستبقى أيدينا ممدودة من أجل تحقيق السلام".
وأضاف: "إن القانون الدولي الذي قبلناه وتمسكنا به، والسلام الذي نسعى إليه، أصبحا في خطر شديد بسبب السياسات والإجراءات التي تقوم بها إسرائيل في أرضنا المحتلة، وبسبب تنكرها للاتفاقات الموقعة معها منذ اتفاق أوسلو عام 1993 وإلى الآن، مشددا على أن مسؤولية حماية السلام والقانون الدولي تقع على عاتق الأمم المتحدة".
وخاطب عباس الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقول: "ماذا كنتم ستفعلون إذا أتاكم من يأخذ منكم أرض بلادكم، ويقضي على وجودكم فيها؟ ما هو رد فعلكم؟ ، لقد آن الأوان لأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لوضع حد لهذا العدوان وهذه العنجهية الإسرائيلية. آن الأوان لتنفيذ قرار واحد مما اتخذتموه من أجلنا، قرار واحد وإلا لا فائدة من كل هذه القرارات".
وأردف: "أسألكم مرة أخرى، ألم يحن الوقت لخلاص الشعب الفلسطيني، وانعتاقه من هذا الظلم والقهر والاحتلال؟ ألم يأتي الوقت؟ أرجو أن تسألوا أنفسكم ".
ودعا لعقد مؤتمر دولي للسلام يستند إلى المبادرة التي سبق أن طرحها في مجلس الأمن الدولي في فبراير 2018، بحيث تشارك في هذا المؤتمر الأطراف العربية والدولية المعنية كافة، بمن فيها الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن، والرباعية الدولية، كي يقر خطة تستند إلى الإجماع الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتتضمن أطراً زمنية محددة لإنهاء الاحتلال واستقلال الدولة وإنهاء الصراع.
وشدد عباس على أن فلسطين لن تقبل بأن تكون رعاية السلام بعد اليوم حكراً على دولة واحدة، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ويتهم الفلسطينيون ترامب بالانحياز لإسرائيل، لاسيما بعدما أعلن ترامب في 6 ديسمبر 2017، اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في 14 مايو العام الماضي.
ومنذ ذلك التاريخ قطع الفلسطينيون اتصالاتهم مع البيت الأبيض، ويرفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس التعاطي مع إدارة ترامب، كما رفض الاجتماع مع فريق ترامب الخاص لإعداد خطة السلام "صفقة القرن".
ودعت القيادة الفلسطينية إلى رعاية دولية لعملية السلام كبديل عن الرعاية الأمريكية وإن كانت تقبل أن تكون الولايات المتحدة جزءاً من هذه الرعاية الدولية.
ويريد الفلسطينيون تأسيس دولتهم المنشودة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، واحتلت إسرائيل تلك الأراضي عام 1967 وضمت إليها القدس الشرقية و أعلنت عام 1980 كامل القدس بشطريها "عاصمة أبدية" لها التي لا يمكن تقسيمها ، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.