اعتبرت قناة "الجزيرة" القطرية، الرسائل المتبادلة مؤخراً بين إيران وجماعة الحوثيين (أنصار الله) من جهة، والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى، يُظهر تراجعاً في حدة العداء بين الطرفين ورغبة واضحة في إنهاء الحرب باليمن المستمرة للعام الخامس على التولي.
وفي تقرير لها بعنوان "تسوية سياسية شاملة في اليمن سعت لها السعودية.. ما معالمها؟"، أفادت "الجزيرة" أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، ناقش مع مسؤولين سعوديين وحوثيين خلال جولته الإقليمية الأخيرة التحضيرات لتسوية سياسية شاملة.
ونقلت عن مصدر في مكتب غريفيث قوله إن الهجوم الأخير على شركة أرامكو السعودية منتصف سبتمبر الماضي كان دليلاً للمجتمع الدولي والإقليم على ضرورة الحل السياسي في اليمن، ووقف المزيد من التصعيد.
وأوضح المصدر أن تفاصيل التسوية السياسية الشاملة التي يحضّر لها المبعوث الأممي تتعلق بتشكيل حكومة مبنية على الشراكة الشاملة لجميع الأطراف والأحزاب السياسية.
وأضاف "التسوية تنص على أن يكون للحكومة الحق في امتلاك السلاح في مقابل انسحاب جماعة الحوثيين وسحب أسلحتها تدريجياً من خلال عملية تشرف عليها الأمم المتحدة، ووقف الهجمات على دول الجوار وتهديد الملاحة الدولية".
وحسب مكتب المبعوث الأممي فإن غريفيث يبحث مع الأطراف بصورة حثيثة التوصل إلى اتفاق.
وذكرت عضو فريق الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً المشارك في مشاورات السويد، رنا غانم، أن التسوية السياسية المحتملة ترتبط بمرحلة انتقالية قبل الدخول في انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وأوضحت أن التسوية التي تسبق المرحلة الانتقالية تشمل ترتيبات أمنية وعسكرية على الأرض، يعقبها تشكيل حكومة شراكة واتفاق على إقرار الأقاليم والدستور، وهي تفاصيل رحبت بها جميع الأطراف، مما جعل غريفيث متفائلاً.
وأشارت غانم، إلى أن "التوصل إلى اتفاق بات أقرب من أي وقت مضى لأسباب عدة من بينها أن هناك تغييرات كبيرة في المنطقة منذ اتفاق السويد تتعلق بالوضعين العسكري والسياسي، كما أن الإقليم بات مُرهقاً من حرب اليمن".
وقالت إن "التحالف الذي تقوده السعودية أُنهك تماماً في هذه الحرب، وفي المقابل فإن الحوثيين باتوا غير قادرين على مواصلة الحرب".
وأضافت غانم أن الخطوة الأولى في التسوية السياسية الشاملة تبدأ بالتوقيع على وقف شامل لإطلاق النار في كل محافظات اليمن في الشمال والجنوب، وسحب سلاح المليشيات، وتسليم المعسكرات إلى الدولة بما يضمن توقف الحرب نهائيا.
وأشارت إلى أن التسوية الشاملة تترقب ما سيترتب عليه حوار جدة الجاري بين الحكومة اليمنية "الشرعية" والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، مضيفة أن "حوار جدة قد يتوصل لاتفاق قريب يقضي بعودة الحكومة إلى عدن، مقابل ضم الانتقالي إلى الحكومة".
من جهته قال مصدر في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إن السعودية تريد إنهاء الحرب، لذا دفعت بالحكومة والانتقالي إلى التفاوض، مقابل أن تكون هي المسيطرة بشكل مؤقت في عدن، تمهيداً للانتقال إلى تسوية شاملة مع الحوثيين.
ورغم التطمينات والمؤشرات الإيجابية التي يقدمها المبعوث الأممي، يرى مصدر رفيع في جماعة الحوثيين أن ما يقدمه غريفيث لا يزال قيد التشاور والتفاوض حتى التوصل إلى عملية سلام دائم.
ونقلت "الجزيرة نت" عن المصدر الرفيع قوله إن "النتائج حتى اليوم بعيدة من أن تسمى نهائية".
غير أن المصدر يؤكد أن هناك وقفاً غير معلن لإطلاق النار مع الرياض، خصوصاً مع التطمينات الأخيرة التي بعثتها مسؤولو البلدين، بالإضافة إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين في الجانب ذاته.
وفي وقت سابق، قال نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إن بلاده "تنظر بإيجابية" إلى التهدئة التي أعلنها الحوثيون، في حين أعرب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن أمله في أن يؤدي ذلك إلى حوار سياسي وإنهاء الحرب.
وقبلها، عرض الحوثيون وقف العمليات الهجومية على السعودية، وطالبوا الرياض برد مماثل.
وحسب الجزيرة "يظهر بين هذه التصريحات، أن هناك اتصالاً حوثياً سعودياً مباشراً، وفق تلميحات المصدر في جماعة الحوثيين الذي لم يورد مزيداً من التفاصيل.
وأشارت "الجزيرة" إلى أن قصف الحوثيين على السعودية يكاد يكون متوقفاً، وفي المقابل توقفت العمليات الجوية للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، مبينة أن أرقام الحوثيين توضح أن الغارات تراجعت من 303 غارات خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر سبتمبر الماضي إلى 23 غارة خلال الأيام العشرة الأولى من شهر أكتوبر الجاري.