أعلنت الجزائر، اليوم الجمعة، فوز رئيس الوزراء السابق عبد المجيد تبون في الانتخابات الرئاسية، التي تزامنت مع احداث احتجاجات غير مسبوقة.
وتأمل السلطات الانتخابات الرئاسية أن تنهي الاضطرابات المستمرة منذ شهور. لكن المحتجين الذين أطاحوا بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة خرجوا للتظاهر مرة أخرى متعهدين بعدم التوقف.
وبنى تبون (74 عاما) حملته الانتخابية على أساس أنه تكنوقراط لا جدال على نزاهته حيث أطيح به من رئاسة الوزراء بعد توليها لثلاثة أشهر فقط إثر خلافات مع رجال الأعمال النافذين عام 2017 في حكم بوتفليقة.
ووفقا لما نقلته وكالة رويترز، فان المحتجين في العاصمة الجزائرية يرون أن تبون، مدين بالفضل للنخبة الغامضة المدعومة من الجيش التي تحكم البلاد منذ عقود، وأعلنوا بسرعة رفضهم لفوزه الانتخابي.
واحتشد الآلاف وسط العاصمة على الرغم من التواجد المكثف للشرطة، في دلالة على أن الزعيم الجديد قد يجد صعوبات في إخماد الانتفاضة التي أنهت حكم بوتفليقة في أبريل نيسان بعد عقدين في سدة الرئاسة.
وردد المحتجون شعارات يقولون فيها إن الجزائر بلادهم وإنهم يفعلون ما يشاءون ورفعوا لافتات مكتوبا عليها ”لن نتوقف“.
وأعلن فوز تبون بأكثر من نصف عدد الأصوات مما يعني عدم الحاجة لإجراء جولة ثانية. وشغل تبون منصب وزير الإسكان أثناء حكم بوتفليقة ثم تولى رئاسة الحكومة لفترة وجيزة قبل أن يختلف مع حاشية الرئيس السابق.
وقالت السلطات إن نسبة المشاركة في الانتخابات التي أجريت يوم الخميس بلغت 40 بالمئة. وذكرت وسائل إعلام رسمية أنها نسبة مرتفعة بما يكفي لتبرير قرار إجراء انتخابات على الرغم من المقاطعة.
وترى السلطات، بما في ذلك الجيش القوي، أن انتخاب خليفة لبوتفليقة هو السبيل الوحيد للمضي قدما، لكن المحتجين ينظرون إلى الانتخابات على أنها مسرحية تهدف لبقاء النخبة الحاكمة القديمة.
وتجمع أنصار تبون خارج مركز المؤتمرات الذي أعلن فيه فوزه بالرئاسة، ورددوا هتافات التهاني.
ونظم المحتجون مسيرات في مدن وبلدات بأنحاء الجزائر أثناء إجراء الانتخابات يوم الخميس واشتبكوا مع الشرطة في بعض الأماكن عندما حاولت تفريقهم باستخدام الهراوات.
وقالت مفوضية الانتخابات إن حوالي تسعة ملايين جزائري أدلوا بأصواتهم، إلا أن بعض المحتجين أعربوا عن اعتقادهم بأن هذا الرقم غير صحيح، كما لم يتواجد مراقبون أجانب لمراقبة التصويت.
وكان تبون، كغيره من المرشحين، حاول تسخير حركة الاحتجاج واستغلالها كمصدر للتأييد من أجل الإصلاح في الوقت الذي يرفض فيه جوهر رسالتها وهو تنحية النخبة الحاكمة برمتها وإبعاد الجيش عن السياسة.
واستغل الملابسات التي أحاطت بالفترة الوجيزة التي قضاها في رئاسة الوزراء عام 2017 لتلميع صورته وتعزيز أوراق اعتماده بوصفه شخصية نزيهة وقفت في مواجهة حاشية بوتفليقة التي أصبح كثير من أفرادها في السجون تلاحقهم تهم الفساد.
ومع ذلك، اعتقل ابنه أيضا في عملية التطهير التي أعقبت سقوط بوتفليقة، وهو الآن بانتظار المحاكمة بتهمة الكسب غير المشروع. ويقول أنصار تبون إن محنة ابنه شاهد ودليل على استقلاله عن السلطات.