BBC: أكبر عملية إغاثة إنسانية في العالم توشك على الانهيار

2020-02-13 | منذ 3 سنة

يلتقي كبار المانحين وعدد من وكالات الإغاثة والمساعدات الإنسانية الكبرى في العالم، اليوم الخميس في بروكسل، في مسعى للتوصل إلى استجابة جماعية لما بات يوصف على نطاق واسع بالتعطيل غير المسبوق وغير المقبول الذي تتسبب فيه سلطات جماعة الحوثيين التي تسيطر على مساحات واسعة شمالي اليمن.

وقالت هيئة الإذاعة البريطانية BBC ، اليوم الخميس، في تقرير لها بعنوان "اليمن : أكبر عملية إغاثة إنسانية في العالم توشك على الانهيار" أعدته ليز دوسيت كبيرة مراسلي الشؤون الدولية، إن حياة ملايين اليمنيين تعتمد على هذه المعونات.

وأضافت أن تقريراً "عن الأوضاع في اليمن قُدم مؤخرا إلى مجلس الأمن الدولي، شدد على أن إعاقة وصول المساعدات الإنسانية باتت تؤثر على 6.7 ملايين يمني، ممن هم بحاجة للمساعدات الإنسانية".

ولفت التقرير إلى أن هذا الرقم الذي ذكره التقرير يمثل "مستوى غير مسبوق" في عدد المتأثرين بإعاقة وصول المساعدات الإنسانية في اليمن.

ونقلت BBC ، عن ليز غراندي، منسقة الشؤون الإنسانية المقيمة في اليمن، قولها إن وكالات المساعدات الإنسانية يجب أن تعمل في بيئة تستطيع فيها إدامة وتعزيز القيم والمبادئ الإنسانية.

وأضافت غراندي "إذا وصلنا إلى نقطة لا تسمح لنا البيئة التي نعمل فيها بذلك، سنفعل كل ما في وسعنا لتغييرها" .

وأشار التقرير إلى أن المحادثات، تواصلت حتى وقت متأخر في الليل، مع كبار المسؤولين الحوثيين لإيجاد حل للأزمة.

وأفاد التقرير بفشل أشهر من اللقاءات وسلسلة من المبعوثين المتعاقبين الذين أرسلوا إلى العاصمة صنعاء، فضلا عن سلسلة من البيانات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، في إيجاد حل لقائمة الشكاوى، التي تتراوح بين التأخيرات في منح تصاريح إدخال المواد ومضايقة فرق المساعدات واحتجاز كوادرها.

وقد عبّر أحد مسؤولي الإغاثة الإنسانية عن مخاوفه مما وصفها بـ "بيئة عدائية جداً".

ووفقاً للتقرير فقد تصاعد القلق بعد أن شكل الحوثيون هيئة جديدة في نوفمبر عُرفت باسم "المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية" من أجل تحقيق المزيد من السيطرة على المعونات الإنسانية، واقترحوا فرض ضريبة على كل وكالة عاملة في مجال المساعدات الإنسانية تصل قيمتها إلى اثنين في المئة من ميزانيتها التشغيلية.

ووصف أحد مسؤولي وكالات المساعدات هذه الضريبة بأنها "ضخمة جدا، وقد يُنظر إليها على أنها لتمويل الحرب"، لكنه، مثل غالبية مسؤولي الوكالات العاملة في اليمن، رفض تسجيل حديثه بشكل رسمي مبررا ذلك بالحساسية الكبيرة التي تكتنف مثل هذه القضايا.

وشدد مانع العسل الذي يترأس دائرة التعاون الدولي في المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية على القول "نحن لا نريد أي خلافات مع وكالات المساعدات الإنسانية".

وأضافت ليز دوسيت في تقريرها، "قال لي عندما التقيته في صنعاء التي يُسيطر عليها المتمردون الحوثيون المعروفون باسم أنصار الله منذ 2014: "لقد أبلغناهم بأنه إذا عملنا معاً نحو هدف مشترك لمساعدة الناس المحتاجين، فلن نختلف، لكن الخلافات تحدث إذا أثاروا اعتبارات سياسية".

وتشير كلمات العسل إلى مناخ ملبد بالشكوك والانتقادات لوكالات المساعدات الغربية وأولوياتها في صرف ميزانياتها.

وبشأن الضريبة الجديدة، أوضح العسل: "لا يجب أن تكون هناك مشكلة في إعطائنا تمويل يمكّننا من تنسيق عمل المساعدات الإنسانية ونحن نعاني من حصار"، في إشارة إلى القيود على المرافئ الجوية والبحرية التي يفرضها التحالف الذي تقوده السعودية لقتال الحوثيين المتحالفين مع إيران. بيد أنه سارع إلى القول مستدركا: إن الضريبة ما زالت مجرد اقتراح.

وتابعت كبيرة المراسلين الدوليين في بي بي سي قائلة "كنا نتحدث في مخزن واسع في مطار صنعاء الدولي حيث أحاطت بنا أكوام عالية من الصناديق، وهو موقع اختاره العسل ليدعم حجته قدر الإمكان".

وقال العسل مشيرا إلى شحنة أدوية مرسلة من منظمة خيرية دولية "عندما تصل هذه المساعدات، من أمثال تلك الأدوية منتهية الصلاحية والمأكولات الفاسدة، نُوقف توزيعها كي لا تتسبب في أمراض لليمنيين، أو تُزيد مأساتهم".

وأردفت دوسيت "عندما أشرت إلى شحنة أمامنا تنتهي صلاحيتها في يونيو 2020، أوضح العسل أنه بعد أن تنتهي المعاملات المطلوبة ويحين وقت توزيعها لن تكون هذه المساعدات لا تزال صالحة للاستخدام".

وتكررت القصة نفسها في الأحاديث مع منظمات غير حكومية متعددة تعمل في شمال اليمن : "تظل السلع عالقة في المخازن عندما يتأخر النظر في أوراق معاملاتها، وتتأخر الاتفاقات، فتلغى تصاريح توزيعها".

وبدت بعض الحكومات مترددة في اتخاذ خطوات مُشددة، خشية احتمال أن يؤثر ذلك على الجهود، التي لا تزال في مراحلها الأولى، لوضع نهاية لهذه الحرب المدمرة في اليمن، التي تتضمن في الوقت الحالي محادثات سرية بين مسؤولين سعوديين وحوثيين بارزين.

بيد أن تقارير أفادت بتصاعد الاستياء لدى كبار المانحين من المساومات الجارية التي تطال المبادئ الإنسانية، وبضمنها إساءة استخدام مال دافعي الضرائب.

ووفقاً لتقرير بي بي سي "ثمة خطر مزدوج في بلدٍ تُمثل المساعدات فيه شريان الحياة لنحو 80% من السكان". ويعترف أحد المسؤولين: "أنا قلق جداً و لا أتمكن من النوم جراء ذلك . كيف يُمكننا التخلي عن ملايين الناس الذين قد ينحدرون بسهولة إلى المجاعة من دون المساعدات؟"

وحسب التقرير هناك توقعات كبيرة في أن يجري التشديد في اجتماع هذا الأسبوع على استجابة جماعية موحدة، تترافق مع خيارات محتملة، تشمل تخفيض برامج المساعدات أو تعليقها.

ومضت دوسيت قائلة، "قال لي متحدث باسم وزارة التنمية الدولية البريطانية إن "بريطانيا تحض الأمم المتحدة على قيادة خطة - إلى جانب المانحين الآخرين ــ لتحديد كيف يُمكننا جميعا تعديل طريقة منح المساعدات الإنسانية لضمان وصولها إلى من هم بأمس الحاجة إليها".

وعلقت ليز غراندي، مُنسقة الشؤون الإنسانية في اليمن، التي تلعب دورا رئيسيا في المحادثات الجارية مع كبار المسؤولين الحوثيين لحماية البرنامج الذي يصل إلى أكثر من 14 مليون شخص، بالقول: " قد يلزمنا الذهاب في اتجاه مختلف لحين تمكننا من إرجاع الأوضاع إلى حالها (الطبيعي). هذه مسؤوليتنا. ونحن ملتزمون بإيجاد طرق للتنسيق".

وتعبر وكالات المساعدات الإنسانية أيضاً عن قلقها من العقبات المتنامية في جنوب اليمن، الذي تسيطر عليه الحكومة المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية، بيد أن القيود على عملها هناك لا تزال في مستوى أقل بكثير مما هي عليه في شمال اليمن.

تقول الكاتبة "في زيارة إلى محافظة حجة في شمالي اليمن، وهي واحدة من المناطق الأكثر تضررا بالحرب والنزوح والأمراض، كنا مدعوين من قبل مسؤول حوثي آخر بارز لمشاهدة أحد استعراضاتهم الأساسية لإثبات وجهة نظرهم في هذه المواجهة".

وتساءل علان فضائل، المسؤول في المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية في محافظة حجة، وهو يمزق كيسا ممتلئا بالطحين "عندما ترى ديدان وحشرات في هذه الأكياس، هل هذا شيء يمكن أن يأكله البشر؟".

وأردفت دوسيت، "في هذا المخزن، عُرضت علينا مشاهد شاهدنا فيها ديدان وحشرات تخرج من أكياس طُبع عليها شعار برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة. ويعترف البرنامج بأن نسبة صغيرة جداً من الغذاء - في أكبر عملياتها في العالم - يمكن أن تفسد، ولدى البرنامج طرق للتخلص منها، لكنه يشير أيضا إلى أنه طلب منذ أشهر عدة تصاريح للسماح بتوزيع هذا الدقيق".

وتصف كبيرة المراسلين رحلتها في حجة بالقول "خرجنا من هذا المخزن لنذهب إلى منشأة خزن حبوب أكبر تقع على مسافة قريبة منه. كانت بوابتها الحديدية العالية مغلقة بإحكام بقفلين ضخمين، بيد أن فضائل وقف أمام البوابة ببدلته الزرقاء الغامقة مشددا على أن المفاتيح ستأتي في الطريق".

وتابعت" لاحظنا أن النصف الأعلى من منشأة الخزن تلك قد طُلي باللون الأزرق الفيروزي المميز للأمم المتحدة، وأدركنا أن هذا هو المكان الذي قالت الأمم المتحدة مؤخرا أنه جرى تجاوز الخط الأحمر فيه إثر نهب تجهيزات الحبوب التي قدمتها منه.

وأوضح فضائل، ملوحاً بحزمة من المستندات التي تحمل أختاما رسمية، أن " الكمية التي أُخرجت من هذا المخزن بأمر من المدعي العام لتوزيع بعض منها على الناس الذين يعانون".


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet