أعلنت سلطات ست محافظات في جنوب اليمن، اليوم الأحد، عن رفضها إعلان المجلس الإنتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، حالة الطوارئ والإدارة الذاتية لجنوب البلاد.
وعبرت سلطات محافظات حضرموت، شبوة، المهرة، أبين، وأرخبيل سقطرى في بيانات منفصلة، رفضها إعلان الانتقالي الجنوبي وتمسكها بالولاء للشرعية وللرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
واعتبرت السلطة المحلية بمحافظة حضرموت إعلان الإنتقالي "خرقاً للشرعية واتفاق الرياض".
وقالت في بيان: "إن محافظة حضرموت وسلطتها المحلية تقف صفاً واحداً خلف القيادة السياسية ورئيسها عبد ربه منصور هادي".
وقالت اللجنة الأمنية في محافظة شبوة في بيان"إن رئيس الجمهورية هو المخول بإعلان حالة الطوارئ، ولا يحق لغيره ممارسة هذا الإعلان".
وأضافت: "نرفض ما جاء في بيان الانتقالي الجنوبي جملة وتفصيلا.. لا يمكن للمليشيات أن تكون بديلا للدولة ومؤسساتها".
ووجه محافظ شبوة رئيس اللجنة الأمنية، محمد صالح بن عديو، كافة الوحدات العسكرية والأمنية بالمحافظة، برفع الجاهزية القتالية بشكل عاجل والتواجد في مقراتها وانتظار التوجيهات.
من جانبها أعلنت السلطة المحلية واللجنة الأمنية بمحافظة أرخبيل سقطرى رفضها لبيان الانتقالي واعتبرته "انقلاباً على الشرعية اليمنية وعلى اتفاق الرياض"، مؤكدة "وقوفها صفاً واحداً خلف القيادة السياسية والحكومة الشرعية" .
كما أعلنت السلطة المحلية بمحافظة المهرة تمسكها بالرئيس اليمني، ورفض إعلان المجلس الإنتقالي الذي عدته "انقلابا على اتفاق الرياض، وتكريسا للأزمة القائمة في البلاد".
وجددت في بيان "وقوفها وأبناء محافظة لحج كافة، مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتأييدها لقيادته للبلاد".. مؤكدة أنه "هو فقط الذي يمتلك قانوناً حق إصدار مثل هذه التدابير".
من جهتها دعت السلطة المحلية في محافظة لحج، إلى تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية والعودة إلى بنود اتفاق الرياض.
بدورها أعلنت السلطات بمحافظة أبين رفضها إعلان المجلس الانتقالي حكماً ذاتياً للجنوب، ودعت إلى التمسك بشرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
وفي وقت سابق الأحد أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً في بيان "الإدارة الذاتية" للجنوب بعد تعثر اتفاق الرياض، متهماً الحكومة اليمنية "الشرعية"، بالفشل في تأدية واجباتها.
في المقابل اتهمت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، المجلس الانتقالي بالاستمرار في التمرد المسلح الذي بدأه في أغسطس الماضي.
وقال وزير الخارجية في الحكومة اليمنية "الشرعية" محمد الحضرمي في تغريدة على "تويتر": إن بيان الانتقالي الجنوبي "إعلان رفض وانسحاب تام من اتفاق الرياض".
وأضاف "يأبى ما سمي بالمجلس الانتقالي تحكيم العقل، وتنفيذ ما عليه وفقا لاتفاق الرياض، ويصر على الهروب وتغطية فشله بإعلان استمرار تمرده المسلح على الدولة".
وحمل الحضرمي الانتقالي الجنوبي "التبعات الخطيرة والكارثية لهكذا إعلان".
فيما وصف القیادي في جماعة الحوثيين (أنصار الله) عضو مكتبها السياسي، محمد البخیتي، إعلان الانتقالي الجنوبي بـ"العبث".
وقال في تغريدة على "تویتر"، إن "الحل یكمن في وحدة الشعب الیمني من صعدة إلى المھرة لإنھاء ھذا العبث بطرد المحتل واستعادة القرار"
وأضاف أن مايجري في الجنوب "مجرد عبث لا ینبغي البناء عليه".
مستشار رئاسي يمني قال إن خيار الانتقالي بالقفز على الجهود التي تبذلها السعودية لإنجاح اتفاق الرياض وإعادة الأمور إلى طبيعتها في عدن، قد يفتح بابا لصراع جديد خلال الأيام القادمة قد يطال شريكتها في التحالف الإمارات، التي تواصل دعم الانتقالي وتقويض الشرعية.
واستغرب المصدر الرئاسي الذي رفض كشف هويته، أن يلجأ الانتقالي إلى هذه الخطوة المتهورة في وقت تجري فيه الوساطات العسكرية بإشراف سعودي من أجل عقد اتفاق مشترك بين القوات الحكومية وقوات الانتقالي في محافظتي عدن وأبين خلال الأيام الماضية.
في حين قال الدبلوماسي اليمني مصطفى نعمان، إن إعلان الانتقالي الجنوبي يزيد الأوضاع السياسية والاجتماعية توتراً، وفي جوهره يؤكد مجدداً هزال الشرعية الرخوة.
وأضاف "كان على الرئيس هادي الإسراع بتشكيل حكومة جديدة والعودة الفورية إلى عدن، لكنه متمرس في اضاعة الفرص التي تمنحها له الاقدار".
ورأى نعمان أن "مشكلة اليمن (تكمن في ) قيادة عاجزة وبلا رؤية وطنية جامعة".
فيما رأى المحلل السياسي اليمني خالد عقلان، أن أقرب السيناريوهات المحتملة التي تنتظر المشهد السياسي والعسكري اليمني بعد إعلان الانتقالي الجنوبي، حكماً ذاتياً هو الذهاب نحو المزيد من الإغراق في الصراع بين أبناء الجنوب أنفسهم، وخلق مزيد من التباينات واستحضار صراعات الماضي التي ما زالت تلقي بظلالها على الساحة السياسية وبتغذية مباشرة من طرفي التحالف السعودي الإماراتي.
وقال عقلان، إنه يبدو أن لدى التحالف رغبة في إبقاء الجنوب في حالة حرب دائمة لكي يتمكن من تحقيق أهدافه الجيوسياسية التي تتناقض كليا مع أهداف التدخل العسكري في اليمن.
وأضاف أن قرار الانتقالي جاء من أبو ظبي ولا يراعي مطلقا حساسية الوضع الإنساني في عدن، كما أنه يفسر هروب الانتقالي من استحقاقات اتفاق الرياض وهرولة نحو المجهول، في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها عدن بعد كارثة السيول وغياب جهود الحكومة والتحالف في إنقاذ المدينة.
وتابع عقلان "يمكن القول أن الصورة العامة الآن أصبحت واضحة، ستة أعوام من الحرب في اليمن ولا يزال التحالف يمعن في إهانة وتغييب الحكومة الشرعية وتفكيك الدولة اليمنية، ويدعم مليشيا الانتقالي ويمكّنها سياسياً عبر اتفاق الرياض لتكون ندا للشرعية، وعسكريا عبر فرض سلطة أمر واقع جديدة في عدن".
مستشار وزير الإعلام اليمني مختار الرحبي قال "نحن أمام تصعيد وسيناريوهات جديدة قد تجعل المشهد اليمني أكثر تعقيدا، وننتظر موقفا من السعودية كونها المسؤولة عن رعاية اتفاق الرياض، لأن بيان الانتقالي بدا واضحا وكأنه إعلان حرب وتمرد عن الشرعية لا يختلف كثيرا عن الإعلان الدستوري للحوثيين عندما انقبلوا على مؤسسات الشرعية في صنعاء عام 2014".
ويعاني اليمن من انقسام كبير بسبب الحرب الدائرة للعام السادس على التوالي بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين (أنصار الله) في الشمال. وشهدت عدن العام الماضي قتالاً عنيفاً بعدما قام الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً بمحاولة مماثلة للحصول على الحكم الذاتي، قبل أن يوقعوا لاحقاً على اتفاق سلام في نوفمبر برعاية السعودية.