Click here to read the report in English
كشف تقرير حديث لمؤسسة أمريكية، عن أن الحرب الدائرة في اليمن منذ ثلاث سنوات ونصف، لم تحد من عملية هجرة دول القرن الأفريقي إلى هذا البلد.
وقال تقرير لمؤسسة "ذا غلوب بوست" الإعلامية الأميركية، نشرته أمس الأول، إن انهيار مؤسسات الدولة اليمنية وسياساتها وأجهزة الرقابة نتيجة للحرب، عمل على تشجيع العديد من المهاجرين الأفارقة لاختيار الطريق إلى اليمن ومنها إلى دول الخليج الأكثر ثراءً بهدف الحصول على فرصة للعمل، فيما بعض المهاجرين اختاروا المكوث في اليمن.
واتهم التقرير، الذي كتبته رابيا جافيري، طرفي الصراع في اليمن بانتهاكات ضد المهاجرين اللاجئين الأفارقة إلى الأراضي اليمنية.
واستشهد التقرير بشهادات وتصريحات لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" وباحث مختص في جامعة لندن، ومهاجرين أفارقة إلى اليمن.
وتعيد وكالة "ديبريفر" للأنباء نشر التقرير بعد أن قامت بترجمته من اللغة الإنجليزية إلى العربية، وفي ما يلي نصه:
كتب: رابيا جافيري
على الرغم من غياب الأمن على نطاق واسع في اليمن، إلا أن ما يزيد عن 200 ألف مهاجر - معظمهم من دول القرن الإفريقي – وصلوا عبر البحر الأحمر إلى ساحل اليمن في العامين الماضيين.
لقد أدى الصراع الدائر في اليمن إلى اعتماد 22 مليون شخص على المساعدات الإنسانية ونزوح أكثر من مليوني شخصا داخليا. لكن على الرغم من انتشار حالة انعدام الأمن في هذه الدولة الخليجية التي تستمر فيها الحرب الأهلية للعام الثالث على التوالي، إلا أن أكثر من 200 ألف مهاجر - معظمهم من دول القرن الإفريقي - وصلوا عبر البحر الأحمر إلى ساحل اليمن خلال العامين الماضيين.
يقول إيديل عثمان، باحث مشارك وزميل تدريس رفيع المستوى في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية، الكلية التابعة لجامعة لندن، لـ "ذا جلوب بوست": "إن السبب الواضح وراء هجرة الكثيرين من تلك المنطقة هو الحصول على فرص مادية أفضل. ولكن هناك عوامل أخرى، لا سيما الاضطرابات السياسية وانتهاكات حقوق الإنسان من جانب الهيئات الإدارية وقوات الأمن، التي تجبر الناس على القيام بهذه الرحلات الشديدة الخطورة وغير المضمونة".
في إثيوبيا، على سبيل المثال، أدت الاضطرابات السياسية، بما في ذلك قانون عسكري دام عشرة أشهر وانتهى في أغسطس 2017، بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان من قبل قوات الأمن، أدت إلى خروج عشرات الآلاف من الأشخاص من البلاد في السنوات الأخيرة. كما أدى القمع السياسي في إريتريا والجفاف المتكرر في الصومال والنزاعات السياسية المستمرة إلى تدفق مستمر للمهاجرين.
قال عثمان: "من بين ملايين المهاجرين، ينزح الأغلبية داخلياً أو إلى البلدان المجاورة، في حين تجد أولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليف السفر، يتجهون إلى ساحل شمال أفريقيا للذهاب إلى أوروبا كوجهة نهائية. لكن مئات الآلاف عبروا أيضا البحر الأحمر ويتجهون إلى الخليج على أمل العثور على فرص عمل في دول الخليج الأكثر ثراء مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، لأن الوصول إليها أقل تكلفة من الوصول إلى أوروبا".
وبينما حاولت الحكومات في المنطقة الحد من هذه التدفقات غير النظامية من خلال فرض اللوائح، إلا أن فرض إجراءات صارمة على المهربين والسيطرة على الحدود، لحماية مواطنيها من سوء المعاملة على نحو خاص، لم تؤد إلا إلى مزيد من المهاجرين الذين يتخذون طرق غير منتظمة.
وأضاف عثمان: "حتى اندلاع الحرب في اليمن في عام 2015، لم يسفر عن أي انخفاض كبير في عدد المهاجرين القادمين عبر البحر الأحمر. وظل الرقم ثابتا إلى حدٍ ما بالنسبة لمعظم البلدان، بينما زاد عدد الإثيوبيين بصورة فعلية".
في الواقع، أن انهيار مؤسسات الدولة اليمنية وسياساتها وأجهزة الرقابة نتيجة للحرب، عمل تشجيع العديد من المهاجرين على اختيار هذا الطريق.
قال عثمان: "لقد اقتنعوا - خاصة من قبل المهربين - أنه من السهل جدا الدخول إلى اليمن والتنقل فيه ومن ثم الخروج منه دون أن يلاحظهم أحد". وأضاف: "لقد خلقت حالة اليمن فرصة للمهربين والتُجار لإنشاء واستغلال الطرق في البلاد وعبرها دون أي عواقب تذكر".
وليس كل المهاجرين الذين يدخلون اليمن ينوون السفر من خلاله، فالعديد منهم، وغالباً ما يكونوا قد أنفقوا ما لديهم من مال أثناء الرحلة، ينتهي بهم المطاف بالبقاء هناك ويأملون في العثور على عمل منزلي أو أن يكونوا من ذوي المهارات المنخفضة أو ممن يجيدون العمل في المزارع. كما يختار البعض طلب اللجوء، فالصوماليون، على سبيل المثال، يمكنهم طلب وضع اللاجئ في اليمن، فحتى عام 2015، كان هناك حوالي 250 ألف لاجئ صومالي مسجل هناك.
لكن الحرب الأهلية المستمرة في اليمن أدت إلى احتجاز المهاجرين الأفارقة وتعرضهم للتعذيب من قبل كلا الطرفين المتحاربين.
ووفقاً لتقرير أصدرته "هيومن رايتس ووتش" في أبريل 2018، قام مسؤولون حكوميون يمنيون بتعذيب وإعدام المئات من المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة في مركز احتجاز للمهاجرين تُديره الحكومة في مدينة عدن الساحلية الجنوبية.
قال محتجزون سابقون لـ "هيومن رايتس ووتش" إن الحراس ضربوهم بالقضبان الحديدية والعصي، وهددوا بقتلهم أو إبعادهم والاعتداء عليهم جنسياً، وأطلقوا النار على رجلين منهم على الأقل. كما ورد أن العديد من المهاجرين رحلوا عن طريق البحر في ظروف خطرة.
وقال مدير حقوق اللاجئين في "هيومن رايتس ووتش"، بيل فريليك، في بيان: "قام حراس مركز احتجاز المهاجرين في عدن بضرب الرجال بوحشية واغتصبوا النساء والفتيان، وأرسلوا المئات منهم إلى البحر في قوارب مكتظة". وأضاف: "إن الأزمة في اليمن لا تقدم أي تبرير لهذه الوحشية. وعلى الحكومة اليمنية أن تضع حداً لها وأن تُحاسب المسؤولين عن ذلك".
وبعد إصدار البيان من قبل هيومن رايتس ووتش، أدلت وزارة الداخلية اليمنية ببيان قالت فيه إنها ستقيل قائد مركز الاحتجاز وستتخذ إجراءاتها لنقل المهاجرين إلى موقع آخر وستبدأ التحقيق في الشكاوى.
قال اثنان من المحتجزين الذين تحدثوا في وقت لاحق إلى هيومن رايتس ووتش، إنه بعد الإطاحة بالقائد، توقفت بعض من أشد الانتهاكات ولكن السلطات استمرت في إرسال مجموعات كبيرة من المهاجرين إلى البحر دون السماح لهم بالحصول على الحماية أو الطعن في ترحيلهم.
عبد الله، مهاجر صومالي يبلغ من العمر 26 عاماً، مسجل لدى المفوضية بصفته طالب لجوء، اقترب من مركز الاعتقال للبحث عن ابن عمه الذي تم القبض عليه في وقت سابق.
وقال لـ "ذا غلوب بوست": "أخذ حارس الأمن بطاقة هويتي واعتقلني دون أي سبب على الإطلاق. تم اغتصابي وتعذيبي وتركي أتضور جوعاً لمدة أسبوعين تقريباً". وفيما بعد تم الإفراج عن عبد الله وإعادة وثائقه، ولكن طُلب منه عدم الحضور مرة أخرى، للبحث عن أي شخص تم احتجازه.
ووفقا لمحتجزين سابقين، قامت جماعة الحوثي المسلحة، التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومناطق واسعة من شمال اليمن، أيضاً باحتجاز المهاجرين ووضعتهم تحت ظروف سيئة.
وأضاف فريليك في بيانه: "تحتاج كل من السلطات اليمنية والحوثيين للعمل مع وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة على وضع آلية تسمح للمهاجرين الأفارقة بطلب اللجوء أو الحصول على الحماية اللازمة. إن سوء المعاملة المروع لهؤلاء الأشخاص الضعفاء ليس من شأنه إلا أن يُفقد الزعماء اليمنيين، سواء من الحكومة أو الحوثيين، السمعة الجيدة".