Click here to read the story in English
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن خطة الإدارة الأمريكية الحالية للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، المثيرة للجدل والمعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن"، مجرد "عرض جانبي غير حقيقي" .. معتبرة أنها في الحقيقة خطة لتقوية الإسرائيليين وإضعاف الفلسطينيين.
وذكرت الصحيفة البريطانية ، في تقرير لمراسلها في القدس "أوليفر هولمز"، إن الخطة الإسرائيلية من المنتظر أن تدخل حيز التنفيذ نهاية العام الجديد 2019، والذي بدأ قبل ساعات، بعد نحو عامين من دق الطبول لها من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الذي تحدث عن "صفقة كبرى" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهي الخطة التي أشرف عليها محاميان شخصيان سابقان لـ"ترامب"، وصهره "غاريد كوشنر".
واعتبر التقرير أن ما فعلته واشنطن في الحقيقة هو تطبيق خطة اللوبي الإسرائيلي المتطرف نقطة بعد أخرى، بدءا بالإعلان عن القدس عاصمة لـ(إسرائيل)، وإغلاق البعثة الفلسطينية في واشنطن، وتقليص الدعم المادي الأمريكي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وصولا إلى إنهائه.
وأضاف تقرير الصحيفة البريطانية "من هنا، فإن الخطة التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هي مجرد عرض جانبي، فالقضية التي لا تعتمد على السلام هي تنفيذ مطالب إسرائيل من إدارة تعتبر الأكثر استجابة لتل أبيب في تاريخ الإدارات الأمريكية".
ورغم حديث "ترامب" عن "ثمن" يجب أن تدفعه (إسرائيل) في خطته للسلام، إلا انه لم يحدده، وهو ما كان محل انتقاد فلسطيني، واستشهد التقرير بتصريح للسياسية الفلسطينية البارزة "حنان عشراوي" قالت فيه عن الصفقة: "في الحقيقة هي كذبة، والجميع يعمل بناء على هذا المفهوم الخيالي، تعمل الولايات المتحدة مع إسرائيل وتقوم بتنفيذ سياسات إسرائيل، وكل ما نشاهده هو سياسات من جانب واحد تتخذها الولايات المتحدة وإسرائيل.. وتمت هندسة الواقع على الأرض الآن".
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس مراراً رفضه لـ"صفقة القرن" الأمريكية، التي يقول إنها "تسقط القدس واللاجئين وتبقي المستوطنات الإسرائيلية، وتعطي إسرائيل هيمنة أمنية".
يتوقع أن تقترح الخطة الأمريكية المرتقبة حلولاً مفصلة لقضايا الخلاف الأساسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين مثل الحدود ومستقبل المستوطنات الإسرائيلية ومصير اللاجئين الفلسطينيين والأمن.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة خلال حرب عام 1967، ولا تعترف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتغييرات الديموغرافية التي تقوم بها إسرائيل وتوسعها ببناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فشل خطة أو صفقة القرن
وقالت "الغارديان" البريطانية إنه على خلاف الجهود التي قادتها الولايات المتحدة في السابق، حيث تركت للإسرائيليين والفلسطينيين تقرير التفاصيل، فإن خطة "ترامب" ستكون محددة ومفروضة، وفي جوهرها ستركز على سلسلة من المقترحات التي يقول نقادها إنها ستركز بشكل كبير على المطالب الإسرائيلية.
وأردفت قائلة " وعلى سبيل المثال، فقد خرج "جيسون غرينبلات"، مبعوث "ترامب" الحالي للشرق الأوسط، والمحامي السابق المقرب من الرئيس الأمريكي، المواقف الأمريكية من الاستيطان الإسرائيلي، حينما اعتبر أن المستوطنات التي بنتها إسرائيل بطريقة غير شرعية في الضفة الغربية لا تعد عائقا للسلام ، ما سبق كان نفس ما فعله السفير الأمريكي في (إسرائيل)، "ديفيد فريدمان"، والمحامي المتخصص في قضايا الإفلاس وأحد الذين عملوا مع "ترامب"، حينما كان أكثر صراحة في دعمه لبناء المستوطنات الإسرائيلية، وحتى ضم الأراضي الفلسطينية".
وأشارت الصحيفة البريطانية في تقريرها إلى آراء نقاد تشير بشكل متزايد إلى فشل الخطة الأمريكية، لأن الأطراف المعنية بها ليست لديها الحماسة لقبولها، فالإسرائيليين لم تعد شهيتهم على حالها بالنسبة للسلام، كما كان في الماضي، ففي استطلاع أجري في أغسطس الفائت، كشف أن 9% من الإسرائيليين فقط يريدون من الحكومة أن تجعل من تحقيق السلام مع الفلسطينيين أولوية في عام 2019.
كما زعم التقرير، إن "نتنياهو" غير متحمس حاليا للإعلان عن الخطة وبدء تنفيذها، خاصة مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية وانشغاله بها، وكان وزير دفاعه "أفيغدرو ليبرمان" كان قد صرح قائلا، لدى سؤاله عن اتفاق سلام مع الفلسطينيين: "لا تهمني دولة فلسطينية"، بينما ترى وزيرة العدل "إيليت شاكيد" أن الخطة الأمريكية "مضيعة للوقت".
وكشف دبلوماسي غربي في القدس لـ " الغارديان " عن إن "رئاسة ترامب قد تنتهي بدون خطة سلام".
وأضاف: "لقد قدم للفلسطينيين خيارين فقط، وهما قبول مسودة الخطة، أو رفضها، وبالتالي استمرار العقوبات، وفي حالة الرفض فالوضع القائم الذي تريده إسرائيل في الضفة وغزة سيظل مستمرا".
وأكد التقرير أن مهندسي الخطة الأمريكية الثلاثة، وهم "غاريد كوشنر" و "جيسون غرينبلات" و "ديفيد فريدمان"، يتعاملون معها كمجرد صفقة يجب أن تتم بعيدا عن منطقيتها أو مناسبتها للواقع، فهم (الثلاثة) جاءوا من خلفيات تجارية، ولهذا ارتكزت الخطة على تقديم المغريات الاقتصادية للطرف الفلسطيني للتنازل عن أشياء اعتبرت من الثوابت والمبادئ الفلسطينية، مثل حق العودة للاجئين، والقدس كعاصمة لفلسطين.
وأتبع التقرير البريطاني قائلا " وكتب الثلاثة مقالا مشتركا في صحيفة "واشنطن بوست" في يوليو/تموز 2018 قالوا فيه إنه "لا يوجد سبب لعدم تمتع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة من النجاح الاقتصادي والازدهار لو سمحوا لنا بتقديم المساعدة ، أما "ترامب"، ، فإنه يريد فرض خياره على الفلسطينيين باعتباره إنجازا له قبل التقاعد، ويلوح دائما بقطع المساعدات عنهم ".
وفي رسالة سربت، بدايات العام الماضي، ونشرتها مجلة "فورين بوليسي الأمريكية "، كتب "كوشنر": "هدفنا هو ألا نحافظ على الأمور كما هي، وفي بعض الأحيان يجب المخاطرة الإستراتيجية وتحطيم الأمور كي تصل لما تريد.