Click here to read the story in English
قال مسؤولون بشركة النفط اليمنية في محافظة عدن جنوبي اليمن، الثلاثاء، إن قيادة الشركة رفعت أسعار الوقود ، بعد ضغوط من رجل الأعمال أحمد العيسي المحتكر الوحيد لاستيراد الوقود في عدن، وبقية المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا "الشرعية"، وسط أزمة خانقة في المشتقات النفطية تعصف بالمحافظات اليمنية.
وأكد سكان في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد ، في اتصالات هاتفية مع وكالة "ديبريفر" للأنباء، صحة رفع أسعار البنزين في عدن، حيث بدأت المحطات الحكومية التابعة لشركة النفط والخاصة بعدن ، منذ يوم الثلاثاء ، ببيع سعر اللتر من مادة البنزين بـ315 ريال بدلاً من السعر السابق 290 ريال أي بفارق 500 ريالا في سعر الدبة البنزين سعة 20 لتر، التي أصبحت بـ 6300 آلاف ريال .
كما ارتفع سعر الدبة لمادة الديزل إلى ٦٨٠٠ آلاف ريال.
ولم تعلن شركة النفط في عدن رسمياً، أسباب الارتفاع في مادة البنزين، لكن قال قيادي في مجلس التنسيق للجان النقابية بشركة النفط أن الزيادة الجديدة فرضها التاجر العيسي ببيعه شحنة بأسعار غير السابقة .
وكشفت مصادر حكومية في شركة النفط ، عن الزيادة طالت ، أيضا وقود الطائرات بصورة تجعل شركات الطيران على رأسها ، شركة الخطوط الجوية اليمنية الناقل الجوي الوحيد لليمن ، عن العزوف في التزود بالوقود وتحميل الزيادة في خدماتها وتذاكر السفر مما يزيد من الأعباء على المواطنين .
وذكر المصادر ، بأن هذه الزيادة «خطوة استباقية» لقرار البنك المركزي الذي ينظم استيراد المشتقات النفطية وفقاً لضوابط وضعها البنك.
وأعلن البنك المركزي اليمني، في مطلع أبريل الجاري ، عن آلية جديدة موحدة لتغطية واردات البلاد من المشتقات النفطية بين البنك المركزي والبنوك المحلية ومستوردي النفط، في خطوة تهدف كما يبدو إلى تعزيز الاستقرار في سعر العملة المحلية "الريال" المتداعية أمام العملات الأجنبية.
وقال قطاع الرقابة على البنوك في البنك المركزي اليمني، ومقره الرئيس مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد، في بيان صادر عنه حينها ، إن الآلية التي تم إقرارها تلزم مستوردي وموزعي المشتقات النفطية بالتعامل بالريال اليمني عبر البنوك المعتمدة فقط وسيتم تغطية المستوردين بالمقابل بالعملات الأجنبية.
ولم يفصح البنك المركزي اليمني، عن بنود وتفاصيل الآلية الجديدة، رغم أنه لا توجد شركات تجارية ومستوردين للمشتقات النفطية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية ، سوى شركة واحدة هي شركة "عرب جلف" المملوكة لرجل الأعمال أحمد العيسي، والذي صدر قراراً بتعيينه أيضا نائبا لمدير مكتب الرئيس هادي للشئون الاقتصادية.
وفقد الريال اليمني أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار الأمريكي منذ العام 2015، وتسبب في ارتفاع مهول للأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء السلع الأساسية لاسيما الغذائية، خصوصاً مع توقف صرف مرتبات الموظفين الحكوميين منذ عامين ونصف عندما قرر الرئيس هادي في سبتمبر ٢٠١٦ نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن التي يتخذها عاصمة مؤقتة للبلاد.
وسبق للرئيس هادي أن أصدر، مطلع مارس العام الماضي، قراراً قضى بتحرير سوق المشتقات النفطية، وفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص، وإخضاع عملية بيع وتوزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات.
لكن وبموجب القرار الرئاسي، تحتكر شركة العيسي المقرب من الرئيس هادي، عملية استيراد الوقود في عدن، وبقية المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية "الشرعية"، في سابقة هي الأولى من نوعها تُعد على مستوى العالم، إذ سلمت الحكومة أهم مورد اقتصادي ومالي للبلد إلى القطاع الخاص، وجاء قرار تحرير سوق المشتقات النفطية، بعد إحجام حكومة هادي عن تغطية فاتورة واردات الوقود بالعملة الصعبة، وتوقف شركتي النفط الحكومية ومصافي عدن، عن استيراد الوقود، وتم تحويلهما إلى مجرد مخازن خاصة بتجار.
في 9 أبريل ، دعت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، تجار المشتقات النفطية المؤهلين في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين (أنصار الله)، للاستمرار في تطبيق آلية ضبط وتنظيم تجارة المشتقات النفطية في جميع المناطق وإلى جميع موانئ اليمن.
وبررت اللجنة الاقتصادية التابعة للحكومة الشرعية في بيان صادر نشرته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" التابعة لهذه الحكومة، مساء الاثنين، دعوتها بحرصها على الاقتصاد الوطني وما تم إنجازه في مجال إعادة استقرار العملة الوطنية، وتعزيز قيمتها، وإعادة الدورة النقدية من السوق السوداء إلى القطاع المصرفي المطابق لمتطلبات مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال.
وأكد البيان على جميع التجار الوطنيين، عدم الانجرار وراء دعوات تسييس العمل التجاري والاقتصادي، والابتعاد عن دائرة الاستجابة لأي ضغوط بهذا الاتجاه لما له من أثر سلبي على الاقتصاد الوطني والوضع الإنساني في اليمن.
تواصل الاحتجاجات
يأتي إقرار شركة النفط عدن ، زيادة في أسعار الوقود ، في وقت يواصل موظفو شركة النفط عدن احتجاجاتهم بصورة يومية لحماية الشركة من الاحتكار وما يحدق بها من أخطار ووقف نشاطها.
واتهم موظفو شركة النفط عدن، مدير مكتب رئاسة الجمهورية عبدالله العليمي، بتمكين نائبه للشئون الاقتصادية رجل الأعمال النافذ أحمد العيسي، من الاستيلاء على مؤسسات الدولة وبمقدمتها شركة مصافي عدن.
جاء ذلك خلال تنفيذ الموظفين بشركة النفط، مؤخرا ، وقفة احتجاجية أمام القصر الرئاسي منطقة معاشيق تنديداً بالقرارات التعسفية والمطالبة بإغلاق مصافي عدن مساكب الوقود.
وتأتي احتجاجات موظفي النفط بعدما أقدمت المصافي على فتح مساكب الوقود وبيع وتسويق المشتقات النفطية، الأمر الذي يعد مخالفاً للقانون شرعاً والتي تجاوزت به مصافي عدن القوانين وقرار رئيس الجمهورية الذي اتخذه مؤخراً بشأن منع مصافي عدن من أي تسويق للنفط خارج عن النطاق القانوني، وهو الحق القانوني والحصري لشركة النفط بعدن.
وقال المتظاهرون، إن مدير مكتب رئيس الجمهورية العليمي أصدر قراراً يخالف قرار رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، بشأن السماح لمساكب مصافي عدن ببيع وتسويق النفط محلياً، وأضافوا أن نائب مدير مكتب رئيس الجمهورية أحمد العيسي هو الشخص الوحيد المحتكر لاستيراد النفط، وقام بإيقاف ضخ الوقود لشركة النفط منذ أكثر من أسبوع في الوقت الذي يٌسمح لمصافي عدن ببيع النفط وتسويقه محلياً، وهو ما يعد مخالفاً للقانون وقرار رئيس الجمهورية.
وهدد رئيس المجلس التنسيقي للجان النقابية في شركة النفط عبدالله قائد مسعد، بالتصعيد وإيقاف حركة الموانئ والمطارات والحركة بشكل عام في حال لم يتم الرجوع للقانون والاستماع لمطالبهم المشروعة.
وردد المتظاهرون شعارات مناوئة للقرارات التي اتخذها مدير مكتب رئيس الجمهورية عبدالله العليمي المخالفة لقرار رئيس الجمهورية، ووصف المتظاهرون تلك قرارات بأنها مزورة، بالإضافة لرفعهم شعارات تطالب "بتطبيق وحماية القانون المنظم لعمال الشركتين مصافي عدن وشركة النفط عدن" و "تحرير مؤسسات الدولة من هيمنة التجار واجباً على الجميع" و "عدم زج الشركتين بصراعات لا يستفيد منهم غير الفاسدين".
وتحتكر شركة (عرب جلف) ،بعملية استيراد الوقود في عدن وبقية مناطق الحكومة الشرعية ،
وهي شركة تجارية استثمارية مملوكة لرجل الأعمال أحمد العيسي، والذي صدر أخيراً قرار بتعيينه مستشاراً لهادي ونائبا لمدير مكتب رئاسة الجمهورية للشئون الاقتصادية ، ويتولى أحمد عوض حمران الذي كان موظفاً عادياً نائب مدير إدارة تموين المطارات تصريف المشتقات النفطية للعيسي وتحول إلى رجل أعمال من العيار الثقيل.
وجددت مصادر حكومية مؤكدة في شركة النفط بعدن التأكيد في تصريح خاص لوكالة " ديبريفر " للأنباء ان العيسي التاجر المتعهد الوحيد بتوريد النفط إلى عدن، ما يزال يعمل على افتعال الأزمات في الأسواق بين فترة وأخرى، من خلال رفضه تفريغ شحنات البنزين، والديزل، والمازوت المتواجدة على بواخره الراسية في أرصفة ميناء الزيت التابع لمصفاة عدن، التي أصبحت ملكية خاصة للعيسي بحسب مسئولين، بعد أن كانت من الممتلكات العامة للمصفاة.
وأشارت إلى أن العيسي ما يزال يصر على استلام مبالغ شراء الوقود بالعملة الصعبة مما يجبر شركة النفط على شراء قرابة ثلاثة ملايين دولار شهريا من شركات الصرافة المحلية بالسعر الحالي، بمبلغ يفوق اثنين مليار ريال و100 مليون يمني لتسديد قيمة الوقود للعيسي، وهو ما يتسبب في أزمة انعدام العملة الصعبة في السوق بصورة مستمرة، ويساهم في انخفاض القيمة المحلية "للريال" أمام الدولار.
استمرار احتكار العيسي
وتقول مصادر وموظفين في شركة النفط عدن ، : “تم احتكار المادة الخام من البترول من قِبل التاجر أحمد العيسي، والذي كان يعمل على تهريب مادة الديزل إلى مراكز النفوذ في الدولة أيام نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح عبر سقطرى، وها هو اليوم يحتكر المصافي ويجعل منها مخازن، كما عمل على إيقاف آلات التكرير ونشاطه والتي كانت من مهام المصافي، وجعل مهمتها تقتصر على التخزين فقط، فضلاً عن عمله على المجيء بالمادة البترولية مكررة من الخارج”، مضيفا “وبعد سيطرته على المصافي عمل مساكب فيها ..
واعتبر هؤلاء أن ممارسة ذلك تهدف إلى إنهاء دور شركة النفط المتمثل في توزيع المشتقات النفطية إلى السوق المحلية، وبهذا يعمل بالضرب بين المؤسستين والعاملين فيها، عبر لوبي الفساد الذي يسيطر عليه بشركة المصافي، أي أنه عمل على تجميد مؤسسة حكومية لمصلحته الخاصة”.
وأكدت المصادر أن العيسي فشل في مناقصة شركة النفط لاستيراد المادة النفطية، ولكن وجود لوبي في الرئاسة هو من دعمه ومكّنه من العودة مجدداً للاستيراد، مطالبين بضرورة إعادة دور الشركة في توزيع المشتقات النفطية وعدم التدخل في صلاحياتها وعملها.
مصدر آخر في الشركة كشف في حديث خاص سابق لـ"ديبريفر" أساليب الابتزاز التي تقوم بها شركة التاجر العيسي المحتكرة لاستيراد النفط، ومنها قيام شركته بضخ كميات كبيرة من الوقود إلى شركة النفط عدن المختصة بتوزيع الوقود محلياً في المحافظات المذكورة، دون تحديد قيمة مالية، وتترك الشركة تحت الأمر الواقع ما يسبب خسائر كبيرة للدولة، وهو ما لا تعترض عليه شركة النفط حيث تطالب التاجر بتحديد سعر البيع أولاً، ووضع حد للبيع المجهول من قبل الشركة المتنفذة.
احتكار شركة العيسي عملية استيراد الوقود في عدن، وبقية المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية "الشرعية"، تُعد سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، إذ سلمت الحكومة أهم مورد اقتصادي ومالي للبلد إلى القطاع الخاص، بموجب قرار تحرير سوق المشتقات النفطية، الذي أصدره الرئيس هادي مطلع مارس الماضي، والقاضي بتحرير سوق المشتقات النفطية، وفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص، وإخضاع عملية بيع وتوزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات.
هادي وشبكة المصالح في تحقيق "ديبريفر"
وكانت وكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، نشرت في 13 أغسطس الماضي، تحقيقاً خاصاً مطولاً، بعنوان: "العيسي تاجر أكبر من الدولة بتواطؤ رئاسي ولوبي فساد يزداد فتكاً"، تناولت فيه دور رجل الأعمال أحمد صالح العيسي كمحتكر لاستيراد الوقود بكافة أنواعه إلى عدن، والمحافظات المجاورة، في خلق الأزمات المتكررة لانعدام الوقود في تلك المحافظات.
اقتصاديون أكدوا لـ"ديبريفر" في ذات التحقيق ، أن استمرار الحرب في اليمن لقرابة أربع سنوات، وضعف شخصية الرئيس هادي، وعجزه عن عمل شيء يخلد في تاريخه، تسبب في تكوين شبكة مصالح استثمارية وتجارية واسعة بدءاً من رأس هرم سلطة هادي وبعض القوى سواءً السياسية أو المذهبية والعشائرية والجهوية، عطفاً على التدخلات الخارجية، كما نشأ نوع جديد من التحالفات بين السلطة والثروة، أبطاله رجال مال وأعمال، وحتى أسماء تجارية وهمية كواجهات مالية.
وباتت تلك المكونات وشبكة المصالح تتحكم بسوق المشتقات النفطية، وهو ما ينعكس على أسعار السلع والخدمات الضرورية، والمتطلّبات المعيشية للمواطنين، وافتعال الأزمات وخنق حركة الدولة والنقل والتشغيل.
وفي المناطق الشمالية "المحررة من سلطة الحوثيين" يسيطر على تجارة الوقود في مأرب السلطة الحاكمة الموالية لحزب الإصلاح اليمني ذراع الأخوان المسلمين في اليمن، الطرف الأقوى في "الشرعية" المهترئة، ممثلاً بمحافظ مأرب سلطان العرادة، حيث تم تخصيص إنتاج مصافي مأرب لتغطية احتياجات مأرب وشبوة وسيئون (حضرموت الوادي)، فيما حررت السلطة المحلية في حضرموت الساحل أسعار المشتقات النفطية وتقوم بالاستيراد والتوزيع.
جنوباً يسيطر التاجر العيسي على سوق الوقود في عدن، ومحافظات أبين ولحج والضالع، وهو الرجل الذي يعده كثيرون الواجهة الأساسية للوبي الفساد المتحكم في رأس السلطة ممثلة بـ"جلال" نجل الرئيس هادي، ونائب الرئيس علي محسن الأحمر، وتشكل هذه الحالة خير مثال لزواج السلطة الفاسدة، برأس المال المدنس.
وأصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مؤخراً قراراً بتعيين رجل الأعمال أحمد صالح العيسي مستشاراً للرئيس ونائبا لمدير مكتبه للشئون الاقتصادية، في خطوة أثارت الاستغراب، واعتبرها المراقبون دليلاً على زواج السلطة بالمال.