مصادر لـ"ديبريفر": المركزي اليمني يقطع مورداً هاماً للحوثيين ويحتجز 100 مليون دولار للبنك الزراعي

عدن (ديبريفر)
2019-05-13 | منذ 5 سنة

Click here to read the report in English

كشفت مصادر اقتصادية ومصرفية خاصة لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، عن أن قيادة البنك المركزي اليمني ومقره الرئيس في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً (الشرعية) عاصمة مؤقتة للبلاد، وجهت ضربة قوية لجماعة الحوثيين وتمكنت من إنهاء تحكم الجماعة بالعمليات المصرفية لبنك التسليف التعاوني والزراعي الحكومي (كاك بنك) في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وأوضحت المصادر المقربة من قيادة البنك المركزي اليمني نجاح قيادة البنك الذي يرأسه حافظ معياد في عدن، في قطع خطوات متقدمة لرفع يد جماعة  الحوثيين عن بنك التسليف التعاوني الزراعي المملوك بالكامل للدولة، بعد استغلال الجماعة خلال السنوات الماضية هذا البنك لصالحها في حربها ضد قوات الحكومة "الشرعية" والتحالف الداعم لها بقيادة السعودية.

وذكرت المصادر، أن البنك المركزي اليمني بعدن تمكن من احتجاز مبلغ 100 مليون دولار كمستحقات واجب دفعها لـ "كاك بنك" من أموال تحويلات المنظمات الأجنبية، وتم دفعها لحسابات البنك ذاته في مدينة عدن، ما يمثّل ضربة قاسية لجماعة الحوثيين التي هددت بالرد وبطرق فعالة ومزعجة.

وقالت مصادر "ديبريفر" إن هذه الخطوة تأتي بعد نجاح البنك المركزي في عدن في نقل "سويفت" -نظام التحويلات المصرفية الخارجية- الخاص ببنك التسليف التعاوني الزراعي في صنعاء إلى مقر البنك في عدن.. مؤكدا أهمية هذه الخطوة التي من خلالها سيتمكن البنك المركزي من السيطرة على كافة صلاحيات الحوالات والتعاملات الخارجية، وإغلاقها عن مركز صنعاء بشكل كامل.

وكانت الحكومة الشرعية قد اتخذت قراراً بنقل بنك التسليف الزراعي (كاك بنك) إلى عدن في يوليو 2018، وعينت حاشد الهمداني، مديراً تنفيذياً له بعد 22 شهراً من نقل البنك المركزي إلى عدن، في سبتمبر 2016م.

وأكدت المصادر المصرفية أن إجراءات قيادة البنك المركزي بحق بنك التسليف جاءت بعد ما أصبح "كاك بنك" بمثابة البنك المركزي لجماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب محافظات الشمال اليمني ذات الكثافة السكانية العالية، بعد قرار نقل البنك المركزي إلى عدن.

وذكرت المصادر أن جماعة الحوثيين استخدمت "كاك بنك" كنافذة للتحويلات المالية والمصرفية ومن وإلى صنعاء، فضلاً عن استغلال أموال العملاء والمودعين لتمويل تجار موالين للجماعة.

وأشارت إلى أن القرار الحكومي جاء بالتزامن مع الأوضاع الصعبة نتيجة تصرف جماعة الحوثيين بودائع المودعين بالدولار، لتستثمر فارق الصرف، الأمر الذي أدخل البنك في مأزق كبير تجاوزت خسائره 40 مليار ريال يمني حتى نهاية العام 2017.

ولفتت المصادر إلى أن خسائر البنك الزراعي تضاعفت خلال العام الماضي مع ارتفاع سعر الدولار الواحد إلى نحو 600 ريال يمني بعد ما كان قام البنك بصرف أموال المودعين بالدولار عندما ارتفع إلى 250 ريالاً في مايو 2015، ما ترتب عليه إغراق البنك بالتزامات ضخمة تجاه تعويضات المودعين.

وتأسس بنك التسليف الزراعي وهو البنك الحكومي الوحيد المتخصص في إقراض المزارعين والصيادين في اليمن، عام 1982 بعد دمج بنك التسليف الزراعي وبنك التعاون الأهلي للتطوير.

ومثلّ عام 2004 أثناء تولي المحافظ الحالي للبنك المركزي اليمني حافظ معياد، رئاسة البنك الزراعي حينها، نقطة تحول نوعية في نشاطه حيث بدأ تقديم خدمات مصرفية شاملة ثم دخل مجال الخدمات المصرفية الإسلامية في 2010 بعد أن حصل على موافقة البنك المركزي اليمني.

ويمارس البنك أعماله المصرفية من خلال أكثر من 55 فرعا في معظم محافظات ومناطق اليمن.

واليمن منقسم بسبب الحرب الأهلية المستمرة للعام الخامس على التوالي، بين جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران، وقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي تقوده السعودية، شن آلاف الضربات الجوية على قوات الحوثيين لإعادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى الحكم في العاصمة صنعاء التي لا يزال الحوثيون يسيطر عليها وأغلب المناطق شمالي البلاد منذ أواخر عام 2014.

ويسيطر البنك المركزي في عدن على نحو 95 بالمائة من النشاط المصرفي في اليمن، ويملك نظام "سويفت كود" للحوالات المالية وحق إدارة الاحتياطيات النقدية في الخارج، كما يسيطر على الاعتمادات المستندية بنسبة 100 بالمئة، لكن الحوثيين يريدون انتزاع 50 بالمائة من الاعتمادات، ما يهدد بتعطل واردات الوقود.

ويتكون القطاع المصرفي اليمني من 17 بنكاً منها 4 بنوك إسلامية، وتقع مراكزها الرئيسية في العاصمة صنعاء باستثناء البنك الأهلي الذي يقع مقره الرئيس في عدن. ويتسم السوق المصرفي بالتركز، حيث يسيطر 9 بنوك تجارية محلية مملوكة للقطاع الخاص على أكثر من 51 بالمئة من إجمالي أصول وودائع العملاء، فيما تمتلك أربعة بنوك مملوكة للدولة، 29 بالمئة من إجمالي الأصول، وأربعة فروع لبنوك أجنبية 17 بالمئة من إجمالي الأصول.

وأثارت التدابير الاقتصادية التي أقدمت عليها الحكومة اليمنية ممثلة في اللجنة الاقتصادية العليا والبنك المركزي اليمني في عدن، الغضب لدى جماعة الحوثيين بعد أن ضاق الخناق عليها خصوصاً مع اتهامات ضدها بتهريب النفط الإيراني والأموال عبر المصارف الخاضعة لها في صنعاء.

 

إفلاس  البنوك

وكانت تقارير إخبارية اقتصادية  كشفت مؤخراً، عن أن جماعة الحوثيين  هددت البنوك بعقوبات كبيرة إذا لم تنفذ طلباتها.

كما أكدت التقارير نقلا عن مصادر مصرفية في صنعاء، أن ضغوطا كبيرة تمارسها جماعة الحوثي ضد 17 بنكا تجاريا للكشف عن أرصدة قيادات حكومية وعسكرية وقبلية بينها رجل الأعمال البارز  حميد الأحمر.

وقبل نحو أسبوعين، قال مصدر مسؤول في البنك المركزي بصنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إن 4 بنوك تجارية يمنية أفلست خلال الستة الأشهر الماضية، ومنعتها جماعة الحوثيين من إشهار إفلاسها وتصفية أموالها للوفاء بما عليها من التزامات مستحقة لدى العملاء.

وذكر المصدر الذي امتنع عن الكشف عن هويته لحساسية الموضوع، أن البنوك الأربعة وصلت إلى مرحلة عدم استطاعتها دفع إيجارات مقراتها، وتعطل أنشطتها، بسبب انعدام السيولة، وتعثر أموالها لدى جماعة الحوثيين التي تمتنع منذ أواخر 2016، عن سداد ديون وفوائد مستحقة للبنوك، وتدفعها دفترياً وتحجم عن تسديدها نقداً.

ووفقا للبيانات المالية الصادرة في أبريل الماضي، فإن 59 بالمئة من إجمالي أموال البنوك اليمنية مجتمعة صُرفت لتمويل سلطة الحوثيين بصنعاء، منها 46 بالمئة قروض "أذون وسندات وصكوك إسلامية" و13 بالمئة، أرصدة لدى البنك المركزي تصرفت بها حكومة جماعة الحوثيين.

وحذر خبراء ماليون، من حتمية وصول البنوك التجارية اليمنية إلى مرحلة الإفلاس، وذلك لعدم سماح البنك المركزي في صنعاء لها باستخدام أرصدتها لديه، وعدم سداد الحوثيين لقيمة أذون الخزانة الخاصة بالبنوك نقداً في تاريخ استحقاقها.

وفي 9 مايو الجاري، اتهمت اللجنة الاقتصادية العليا التابعة للحكومة الشرعية ، جماعة الحوثيين باستخدام العنف والترهيب لتوجيه القطاع الاقتصادي والتحكم به بما يخدم أهدافها في إطالة أمد الحرب.

ورفضت البنوك التجارية العاملة في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مؤخراً، ضمن التزامها بتعليمات الحوثيين، تنفيذ آلية الاعتمادات البنكية المدعومة من الوديعة السعودية، والتي تتيح استيراد المواد الغذائية بأسعار مخفضة، ما لم يقم التجار بدفع نصف قيمة الاعتمادات في صنعاء، وهو ما سينعكس سلباً على أسعار المواد الغذائية وحجم المخزون الغذائي.

ووصف مستوردون إجراء الحوثي بالـ"خطير"، وسيعمل على تعطيل حركة استيراد المواد الغذائية وانخفاض المخزون المحلي من الأغذية.

وأفادت مصادر اقتصادية في وقت سابق بأن الحوثيين منعوا البنوك في صنعاء من فتح اعتمادات مستندية لدى البنك المركزي في عدن، واعتقلوا عباس ناصر نائب مدير بنك اليمن والبحرين الشامل، بمبرر أن البنك قام بتقديم طلب فتح اعتمادات لاستيراد مواد غذائية أساسية لدى البنك المركزي في عدن، بموجب نظام الاستعاضة المعمول به في البنك.

وبات الوضع المالي أكثر فوضوية منذ قررت حكومة هادي "الشرعية" في سبتمبر 2016  نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، فيما رفض الحوثيون هذه الخطوة ما أدى إلى وجود بنكين مركزيين متنافسين يعملان في البلاد.

وقبل صدور قرار نقل البنك كانت المرتبات تصرف لجميع موظفي الجهاز الإداري للدولة في جميع المحافظات.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet