حكومة "الشرعية": الحوثيون يدفعون بالاقتصاد اليمني للانهيار الكلي (تقرير اقتصادي)

عدن (ديبريفر)
2019-05-29 | منذ 5 سنة

تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن في ظل حرب اقتصادية بين طرفي الصراع

Click here to read the report in English

اتهمت اللجنة الاقتصادية العليا التابعة للحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً، مساء أمس الثلاثاء، جماعة الحوثيين (أنصار الله) بالإصرار على دفع الاقتصاد الوطني في اليمن نحو الانهيار الكلي بسبب ممارستها التي وصفتها بـ"العبثية" ضد المؤسسات المالية والجمعيات المهنية المختصة بهدف تحقيق مصالح الجماعة.

وقالت اللجنة في بيان إن "الميليشيات الحوثية تصر على استغلال الوضع الاقتصادي والمالي لاحتياجات الناس في المناطق الخاضعة لها في شمالي اليمن، والدخول في المضاربة على العملة في السوق والتسبب في إعادة حالة انهيار قيمة العملة المحلية".

وأضاف البيان الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بنسختها في الرياض وعدن التابعة للحكومة الشرعية، أن جماعة الحوثيين "تصر على جر الاقتصاد إلى مرحلة الانهيار الكلي، والضغط على جميع المؤسسات المالية والجمعيات المهنية المختصة بقوة السلاح وتحت التهديد الأمني لتبرير أعمالها وخدمة مصالحها".

وذكرت اللجنة إن جماعة الحوثيين "توظيف انهيار قيمة العملة المحلية (الريال) لتنفيذ مخططها الأساسي المتمثل في المتاجرة والمزايدة السياسية بمعاناة المواطنين أمام المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، وتحميل الحكومة والتحالف العربي مسؤولية تداعي الوضع الإنساني المترتب عن ذلك".

وحملت اللجنة، جماعة الحوثيين "مسؤولية انهيار قيمة العملة الوطنية وما سيترتب عن ذلك من معاناة الموطنين في المناطق التي تسيطر عليها".

وجددت البيان تأكيد اللجنة الاقتصادية، على استمرار البنك المركزي اليمني ومقره الرئيس مدينة عدن التي تتخذها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد، في توفير العملة الأجنبية بما يلبي الاحتياج لاستيراد السلع الغذائية والوقود لجميع التجار.

ودعت اللجنة الاقتصادية، المجتمع الدولي والأمم المتحدة وجميع وكالاتها، إلى تحمّل مسؤوليتها في إلزام جماعة الحوثيين بإيقاف "الاستغلال السياسي للمعاناة الإنسانية التي تتسبب فيها عن طريق إحداث حالات انهيار بقيمة العملة والوطنية وتحميلها مسؤولية ذلك".

واليمن منقسم بسبب الحرب الأهلية المستمرة للعام الخامس على التوالي، بين جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران، وقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي تقوده السعودية، لإعادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى الحكم في العاصمة صنعاء التي لا يزال الحوثيون يسيطر عليها وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية العالية منذ أواخر عام 2014.

وبات الوضع المالي أكثر فوضوية منذ قررت حكومة الرئيس هادي "الشرعية" في سبتمبر 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، فيما رفض الحوثيون هذه الخطوة ما أدى إلى وجود بنكين مركزيين متنافسين يعملان في البلاد، بالإضافة إلى توقف صرف مرتبات حوالي مليون موظف حكومي.

وقبل نقل البنك المركزي إلى عدن، كانت المرتبات تصرف لجميع موظفي الجهاز الإداري للدولة في جميع المحافظات، قبل أن تتملص حكومة الرئيس هادي من تعهداتها بصرف مرتبات جميع الموظفين حينما قررت نقل البنك.

وكان البنك المركزي في عدن جنوبي اليمن، قد اتخذ سلسلة من الإجراءات والقرارات القوية، قال إنها تهدف إلى استعادة سيطرته على السياسات النقدية وإعادة الدورة المالية.

وأثارت التدابير الاقتصادية التي أقدمت عليها الحكومة اليمنية ممثلة في اللجنة الاقتصادية العليا والبنك المركزي اليمني في عدن، غضب جماعة الحوثيين التي شعرت بأن الخناق ضاق عليها خصوصاً مع اتهامات ضدها بتهريب النفط الإيراني والأموال عبر المصارف الخاضعة لها في صنعاء.

ودفع ذلك جماعة الحوثيين (أنصار الله) مؤخراً، إلى تكثيف ضغوطها على الأمم المتحدة لإجبارها على الضغط على حكومة "الشرعية" لوقف إجراءات البنك المركزي اليمني في عدن، بحسب ما يراه مراقبون ومحللون اقتصاديون.

وتتهم جماعة الحوثيين، الحكومة اليمنية "الشرعية" بالقيام بممارسات تضر الاقتصاد الوطني ولا تخدمه.

وهددت اللجنة الاقتصادية التابعة لسلطات الحوثيين، بخطوات تصعيدية وموجعة ضد إجراءات البنك المركزي في عدن.

وقال مصدر في اللجنة الاقتصادية للحوثيين، في ١٢ مايو الجاري، إن اللجنة استكملت دراسة خيارات الرد في المسارات الاقتصادية، وتم رفعها للقيادة السياسية في صنعاء، في انتظار التوجيهات لتنفيذ خيارات كبيرة ومزعجة في حال فشل محادثات الأردن الاقتصادية بين طرفي الصراع والتي جرت في العاصمة الأردنية عمّان.

وضمن التزامها بتعليمات الحوثيين، رفضت البنوك التجارية العاملة في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مؤخراً، تنفيذ آلية الاعتمادات البنكية المدعومة من الوديعة السعودية عبر البنك المركزي في عدن، والتي تتيح استيراد المواد الغذائية بأسعار مخفضة، وهو ما سينعكس سلباً على أسعار هذه المواد وحجم المخزون الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

 

انهيار العملة

وقالت اللجنة الاقتصادية التابعة للحكومة الشرعية في بيانها أمس الثلاثاء، إنه "تأكد للجميع أن حالات استعادة العملة لجزء من قيمتها المنهارة في جميع المناطق كان نتيجة لتدخلات البنك المركزي اليمني من عدن بوسائله النقدية والفنية المختلفة، وأن حالات ارتفاع سعر العملة الأجنبية خاصة في المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية بشكل أكبر عن أسعارها في المناطق المحررة خلال الأسابيع الماضية خير دليل على تلك الجهود الحكومية المبذولة".

وكان خطاب جمعية البنوك اليمنية إلى المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، كشفت عن معلومات وحقائق كارثية تهدد القطاع البنكي والمصرفي في اليمن.

وأكدت الرسالة التي بعثتها جمعية البنوك اليمنية في 2 مايو الجاري إلى المبعوث الأممي، أن عراقيل وصعوبات وتحديات جسيمة يتعرض لها القطاع المصرفي مما ينذر بخطر الانهيار الكامل وهو ما سينعكس أثره الكارثي على عمل الجهاز المصرفي في الداخل والخارج.

وقدمت جمعية البنوك اليمنية في رسالتها المطولة، شكوى إلى المبعوث الأممي بخصوص ما تتعرض له البنوك التجارية فيما يتعلق آلية تغطية الاعتمادات المستندية الخاصة باستيراد السلع الأساسية، التي أقرتها قيادة البنك المركزي في عدن.

وحملت الجمعية في رسالتها إجراءات نقل البنك المركزي إلى عدن المسؤولية في بدء تعرض القطاع البنكي والمصرفي لسلسلة من المعاناة وما تبعه من تفاقم أزمة السيولة النقدية في البلاد وساهم في ضعف قدرة البنوك على مواجهة تداعيات الحرب على القطاع المصرفي.

ويستورد اليمن أكثر من 90 بالمائة من احتياجاته الغذائية بما في ذلك معظم احتياجاته من القمح وكل احتياجاته من الأرز.

وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن والناتجة عن الحرب، بـ"الأسوأ في العالم"، وتؤكد أن أكثر من 24 مليون يمني، أي ما يزيد عن 80 بالمئة من السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.

 

القطاع الخاص يحذر

وحذر القطاع الخاص في اليمن، من انهيار وشيك للأسواق في عموم محافظات البلاد ونفاد المخزون الغذائي في حال استمرار إقحام الملف الاقتصادي في الصراعات السياسية والعسكرية والحرب الدائرة المستمرة في اليمن للعام الخامس على التوالي.

وقال بيان مشترك صادر عن الاتحاد اليمني للغرف التجارية الصناعية وغرفة تجارة وصناعة العاصمة صنعاء منتصف مايو الجاري : "ندق ناقوس الخطر ونؤكد أن إقحام الجانب الاقتصادي في الصراع الحاصل في البلد، سيقضي على ما تبقى من القطاع الخاص وستنهار الأسواق وسيحدث نقص في المخزون الغذائي وسيدخل الوطن في أزمة اقتصادية خانقة، ويضيف ملايين من اليمنيين إلى حافة الجوع وسيفاقم حالة الاحتياج ويتحول اليمن إلى مشروع سلة غذائية".

واعتبر البيان أن "إيقاف فتح الاعتمادات المستندية من البنك المركزي اليمني في عدن بشروط توريد نقدي لــ50 في المئة من قيمة الاعتماد في عدن، أمر غير قابل للتطبيق على الواقع فالتوريد المنطقي والطبيعي للنقدية هو للبنوك التجارية حسب الاستهلاك ونشاط التجار في المحافظات اليمنية بشكل عام، كما أنه من أهم واجبات البنك المركزي دعم العملة المحلية واستقرار السوق وإعادة الدورة المصرفية الطبيعية والتعامل بالشيكات".

 

بداية الأزمة

وبدأت الأزمة الحقيقية بين المؤسسات المالية التابعة "للشرعية" في عدن والأخرى الخاضعة للحوثيين بصنعاء، بعد أن أعلنت الحكومة الشرعية عن استئناف تمويل واردات السلع الأساسية، في سبتمبر 2018، بالاستفادة من وديعة سعودية بملياري دولار، وربط عملية فتح الاعتمادات بالمصرف المركزي التابع للحكومة.

ويقوم البنك المركزي اليمني ومقره الرئيس بمدينة عدن جنوبي البلاد، منذ تسعة أشهر، بتوفير العملة الصعبة للاعتمادات بسعر مخفض عن السوق لتغطية واردات المواد الأساسية. وفتح البنك لموردي السلع الرئيسية (قمح، ذرة، أرز، الدقيق سكر، حليب أطفال، زيت الطبخ)، اعتمادات تصل إلى حوالي 200 ألف دولار، على أن يقوموا بتوريد قيمتها إلى مقر البنك في عدن بالعملة المحلية وبالتسعيرة الرسمية.

فيما تقوم البنوك التجارية، بدور الوسيط للشركات التجارية، حيث تتولى نقل قيمة الواردات بالعملة المحلية إلى البنك المركزي في عدن الذي يتولى بدوره تغطية قيمتها من العملة الأميركية، لكن البنوك توقفت، منذ 10 مارس الماضي، عن قبول طلبات التجار وأوقفت الدخول في طلبات تغطية الاعتمادات المستندية التي يعلن عنها البنك المركزي اليمني في عدن لتغطية اعتمادات استيراد السلع.

وحدد البنك المركزي سعر المصارفة لاستيراد السلع بنفس السعر الرسمي المحدد منذ مطلع ديسمبر الماضي، بـ٤٤٠ ريالاً يمنياً للدولار الواحد، لكنه وصل في السوق الموازية إلى قرابة 530 ريالاً حالياً.

ويسيطر البنك المركزي في عدن التابع للحكومة المعترف بها دوليا على نحو 95 بالمائة من النشاط المصرفي، ويملك نظام "سويفت كود" للحوالات المالية وحق إدارة الاحتياطيات النقدية في الخارج، كما يسيطر على الاعتمادات المستندية بنسبة 100 بالمائة، لكن الحوثيين يريدون انتزاع 50 بالمائة من الاعتمادات، ما يهدد بتعطل واردات الوقود.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet